logo-img
السیاسات و الشروط
حسين - البحرين
منذ 5 سنوات

التجسيم في القران

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ما هو التفسير السليم و التوضيح الشافي -الموافق للفطرة و الذي ينفي التجسيم والمحدودية عن الله جل و علا واجب الوجود- للآيتين 16,17 من سورة الملك: (( أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخسِفَ بِكُمُ الأَرضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ *أَم أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرسِلَ عَلَيكُم حَاصِبًا فَسَتَعلَمُونَ كَيفَ نَذِيرِ )) ؟ أرجو تلقي جواب واضح مفصل لو تكرمتم ..


الأخ حسين المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالتدبر في القرآن ونهانا عن الأخذ بالمتشابه وترك المحكم ومن التدبر البحث في كل الآيات المرتبطة بالموضوع ونذكر بعض الآيات التي تنفي الجسمية ثم نعرج إلى الآيتين المذكورتين في السؤال. 1- قال تعالى: (( يَعلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرضِ وَمَا يَخرُجُ مِنهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُم أَينَ مَا كُنتُم وَاللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيرٌ )) (الحديد:4), فالآية صريحة بأن الله معنا أينما كنا فهو في كل مكان ومن هو هكذا لا يمكن أن يكون جسماً لعدم إمكان وجود الجسم في كل مكان, وما قال المجسمة في تأويلها (مع أنهم لا يقولون بالتأويل) من أن المراد إحاطة علمه بكل شيء فأنه يلزم عنه التكرار في الآية فأنه تعالى ذكر إحاطة علمه بكل شيء في أول الآية مع أن تأويلهم لا دليل عليه وخلاف الظاهر. 2- قال تعالى: (( أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ مَا يَكُونُ مِن نَجوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُم وَلا خَمسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُم وَلا أَدنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُم أَينَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَومَ القِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ )) (المجادلة:7)  وهذه الآية كسابقتها تقيد سعة وجوده سبحانه في كل مكان فهو وصف نفسه بالعلم بما في السماوات والأرض ثم أعقبها بـ ((مَا يَكُونُ مِن نَجوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُم وَلا خَمسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُم وَلا أَدنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُم أَينَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَومَ القِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ )) (المجادلة:7), كدليل على تلك الإحاطة العلمية لأنه في كل مكان. 3- قال تعالى: (( وَلِلَّهِ المَشرِقُ وَالمَغرِبُ فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )) (البقرة:115), وهي واضحة في أن الله في كل مكان, والوجه هنا بمعنى الذات (انظر الإلهيات للشيخ السبحاني 2: 112). وأما بخصوص الآيتين فننقل بخصوصهما كلام السبحاني, قال:  نعم, ربما يتوهم القاصر, دلالة الآيتين التاليتين على كونه سبحانه في السماء وأنه في جهة, وهما قوله سبحانه: (( أَأَمِنتُم مَن فِي السَّمَاءِ أَن يَخسِفَ بِكُمُ الأَرضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ, أَم أَمِنتُم مَن فِي السَّمَاءِ أَن يُرسِلَ عَلَيكُم حَاصِباً فَسَتَعلَمُونَ كَيفَ نَذِيرِ )) (الملك:16, 17), ولكن المتأمل فيما تقدمهما من الآيات يخرج بغير هذه النتيجة فإنه سبحانه يقول قبلهما: (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ ذَلُولاً فَامشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِزقِهِ وَإِلَيهِ النُّشُورُ)) (الملك:15). فهذه الآية تذكر نعمة الله سبحانه على أهل الأرض ببيان أنه جعل الأرض ذلولاً فسهل سلوكها, وهيأ لهم رزقه فيها, وعند ذلك ينتقل في الآية الثانية إلى ذكر أن وفرة النعم على البشر يجب أن لا تكون سبباً للغفلة والتمادي والعصيان, فليس من البعيد أن يخسف الأرض بهم, فإذا هي تمور وتتحرك وترتفع فوقهم كما ليس من البعيد أن ينزل عليهم ريحاً حاصباً ترميهم بالحصباء. فعند ذلك, عند معاينة العذاب, يخرجون من الغفلة ويعرفون الحق, وهذا هو هدف الآيات الثلاث. وأما التعبير بـ (مَن فِي السَّمَاءِ), فيحتمل أن يراد منه من سلطانه وقدرته في السماء, لأنه مسكن ملائكته واللوح المحفوظ ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه كما أن منها ينزل رزق البشر, وفيها مواعيده: (( وفي السماء رزقكم وما توعدون )) فيصح التعبير بمن في السماء عن سلطانه وقدرته وكتبه وأوامره ونواهيه. كما يحتمل أن يكون الكلام حسب اعتقادهم, بمعنى أأمنتم من تزعمون أنه في السماء أن يعذبكم بخسف أو بحاصب, كما تقول لبعض المشبهة: ((أما تخاف من فوق العرش أن يعاقبك بما تفعل)). وهناك احتمال ثالث وهو ان يكون المراد من الموصول هو الملائكة الموكلون بالخسف والتدمير, فإن الخسف والإغراق وإمطار الحجارة كانت بملائكته سبحانه في الأمم السالفة. فبعد هذه الاحتمالات لا يبقى مجال لما يتوهمه المستدل. أضف إلى ذلك أنه سبحانه يصرح بكون إله السماء هو إله الأرض ويقول: (( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرضِ إِلَهٌ وَهُوَ الحَكِيمُ العَلِيمُ )) (الزخرف:84), فليس الإله بمعنى المعبود كما هو بعض الأقوال في معنى ذلك اللفظ, بل (الإله)) و((الله)) بمعنى واحد, غير أن الأول جنس والثاني علم ولو فسر أحياناً بالمعبود, فإنما هو تفسير باللازم, فإن لازم الألوهية هو العبادة, لا أنه بمعنى المعبود بالدلالة المطابقية. فعلى ذلك فمفاد الآية وجود إله واحد في السماء والأرض وهذا يكون قرينة على أن المراد من قوله (مَن فِي السَّمَاءِ), هو أحد الاحتمالات الماضية. ودمتم في رعاية الله