أني دائما أدعي الله أن لا يرزقني زوجا سواء صالح او سيئ بسبب مشاهدتي للزواج الفاشل لاقاربنا
يعني حتى من اهلي يكلولي فلان تقدم لي
رأسا بدون تفكير أرفض مااريد واكلهم بعد لتكولولي انتم ارفضو بدون متحجول...
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلاً وسهلاً بكم في شؤون الأسرة
ابنتي العزيزة لدى الانسان احتياجات لا يمكنه الاستغناء عنها ابداً واذا ما بدا له الاستغناء عنها فانه من المؤكد يقع في ارتكاب ما يخالف الفطرة السليمة واحكام الشريعة المقدسة ومن تلك الحاجات الاساسية هي الزواج والذي يعد حاجة ملحة لكل من الرجل والمرأة فكما ان هناك حاجة للطعام والشراب والنوم فهناك حاجة لاشباع الغريزة الجنسية بالطريقة التي تنسجم مع الفطرة السليمة والتي لا تتعارض مع الشريعة المقدسة ولذلك حث الاسلام على الزواج لما فيه من اشباع لحاجة من حاجات الانسان الضرورية ولما له من اثر على سلامة السلوك البشري واطمئنان الانسان وسعادته واستمرارية وجوده فقد قال تعالى في كتابه العزيز ( وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم ٢١
وقد كانت واحدة من سنن الانبياء عليهم السلام هي التزويج فقد قال تعالى في ذلك ( وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً وَ ما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ ) الرعد ٣٨
ولاهتمام الاسلام بالزواج وتكوين الاسرة نجد ان النبي الاكرم صلى الله عليه واله كثيراً ما كان يدعو المسلمين الى التزويج وترك العزوبية حتى روي عنه صلى الله عليه واله ( ما بنى في الإسلام بناء أحب إلى الله عز وجل، وأعز من التزويج )
وقال صلى الله عليه وآله ( تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط )
وقال صلى الله عليه وآله ( النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني )
وروي عن الإمام علي عليه السلام انه قال ( تزوجوا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرا ما كان يقول من كان يحب أن يتبع سنتي فليتزوج فإن من سنتي التزويج )
وعنه صلى الله عليه وآله (من تزوج فقد أحرز شطر دينه، فليتق الله في الشطر الثاني )
وعن امامنا الصادق عليه السلام ( ركعتان يصليهما متزوج أفضل من سبعين ركعة يصليهما غير متزوج )
وعنه صلى الله عليه وآله ( شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم )
وغيرها الكثير من الاحاديث التي تدل على استحباب الزواج بل قد يجب الزواج اذا لم يتمكن المكلف ( الرجل او المرأة ) من المحافظة على نفسه من الوقوع في المعصية وممارسة افعال محرمة ، غايته منها اشباع غريزته الجنسية ، فاذا لم يتمكن المكلف من عصمة نفسة عن الخطأ الا بالزواج فعندها يكون الزواج واجباً بحقه .
وفي الوقت الذي اهتم الاسلام بالزواج اهتم ايضاً ببيان الاسس الصحيحة التي تتكفل بنجاح هذا المشروع واستمراره فحث على حسن الاختيار وحذر من اتخاذ الزوجة غير الصالحة او الزوج غير الصالح وجعل المعيار الاساسي لنجاح هذا البناء هو اختيار من يتصف بالدين والاخلاق فقال نبينا محمد صلى الله عليه واله ( تنكح المرأة على أربع خلال: على مالها، وعلى دينها، وعلى جمالها، وعلى حسبها ونسبها، فعليك بذات الدين )
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ( إياكم وخضراء الدمن، قيل: يا رسول الله ومن خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء )
وقال صلى الله عليه وآله ( إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته يخطب [إليكم] فزوجوه، إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )
وروي انه جاء رجل إلى الامام الحسن عليه السلام يستشيره في تزويج ابنته؟ فقال له عليه السلام : زوجها من رجل تقي، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها .
وروي عن الإمام الرضا عليه السلام ( ان خطب إليك رجل رضيت دينه وخلقه فزوجه، ولا يمنعك فقره و فاقته … )
ابنتي العزيزة ان مشاهدة التجارب الفاشلة للاخرين والاقتصار عليها دون النظر الى التجارب الناجحة ومحاولة التأثر بها والتفاعل معها هو نظرة قاصرة عن الاشياء ، فاذا ما شاهدنا او سمعنا ان شخصاً بنى بناءً ولم يدم بناءه او ان بناءه تعرض للخراب فلا يعني هذا اننا نتوقف عن ممارسة حياتنا فلا نبني ولا نعمر بل الصحيح هو امرين : هو معرفة الاسباب الحقيقية التي جعلت هذا البناء ينهار او يتعرض للخراب ومحاولة عدم الوقوع بنفس الاخطاء التي تسببت في ذلك ، هذا اولاً ، وثانياً هو ملاحظة ما تم بناءه منذ زمن طويل ولم يتعرض هذا البناء الى الان لا الى الخراب ولا الى الزوال ومحاولة تقليد تلك التجربة الناجحة وتكرارها وهذا الامر يجري في كل شيء وليس في الزواج وتكوين الاسرة فقط .
ومما جاء في وصية سماحة السيد السيستاني دام ظله للشباب :
( الاهتمام بتكوين الأسرة بالزواج و الإنجاب من دون تأخير، فإنّ ذلك أنسٌ للإنسان ومتعة، وباعثٌ على الجدّ في العمل، وموجبٌ للوقار والشعور بالمسؤولية، واستثمارٌ للطاقات ليوم الحاجة ووقايةٌ للمرء عن كثيرٍ من المعاني المحظورة والوضيعة حتى ورد أنّ من تزوّج فقد أحرز نصف دينه، وهو قبل ذلك كلّه سنة لازمة من أوكد سنن الحياة وفطرة فطرت النفس عليها، لم يفطم امرؤ نفسه عنها إلاّ وقع في المحاذير وابتلى بالخمول والتكاسل، ولا يخافنّ أحدٌ فيه فقراً فإنّ الله سبحانه جعل في الزواج من أسباب الرزق ما لا يحتسبه المرء في بادىء نظره، وليهتم أحدكم بخلق من يتزوجها ودينها ومنبتها، ولا يبالغن في الاهتمام بالجمال والمظهر والوظيفة فإنّه اغترار سرعان ما ينكشف عنه الغطاء عند ما تفصح له الحياة عن جدّها واختباراتها، وقد ورد في الحديث التحذير من الزواج بالمرأة لمحض جمالها، وليعلم أنّ من تزوّج امرأة لدينها وخلقها بورك له فيها.
ولتحذر الفتيات وأولياؤهن من ترجيح الوظائف على تكوين الأسرة والاهتمام بها، فإنّ الزواج سنّة أكيدة في الحياة، والوظيفة أشبه بالنوافل والمتمّمات، وليس من الحكمة ترك تلك لهذه، ومن غفل عن هذا المعنى في ريعان شبابه ندم عليها عن قريب حين لا تنفعه الندامة، وفي تجارب الحياة شواهد على ذلك.
دمتم في رعاية الله وحفظه