logo-img
السیاسات و الشروط
( 16 سنة ) - لبنان
منذ سنة

البلاء*

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشعر بالتعب بسبب الضغط من جهة الأوضاع الأمنية في لبنان، ومن المدرسة والضغط الدراسي، ومن جهة أخرى أنّ أخي ترك الجامعة، وأنا أخاف أن يسافر خارج البلد و يتركنا، وأمي لاتطيق هذا، وإذا سافر سوف تصبح حالة المنزل جداً سيّئة من حزن أمي، ومن جهة موت جدّي ومرض جدّتي، فأنا فعلاً متعبة والحمدلله على كل حال، لكن لا أعلم كيف أزيل هذه الهموم والأفكار والحزن؟ فأرجو منكم الحلول، ولكم جزيل الشكر.


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ابنتي الكريمة، كان الله تعالى بعونك ممّا أنتِ عليه، ورزقك سبحانه التحمّل والصبر على هذا البلاء. ولكن اعلمي أنّ البلاء سُنّة إلهية وقد ذُكرت في القرآن وتعاليم أهل البيت ( عليهم السلام )، فلا بدّ لنا من معرفة شيء من فلسفة البلاء؛ لكي تزيح عنّا الصعاب، فالبلاء سنّة الله في الأرض، فلا بدّ من البلاء والاختبار، وهذا هو شأن الحياة الدنيا التي خُلق الإنسان فيها ليُبتلى، فهي دار بلاء وامتحان، وقد تعرضت جميع المجتمعات البشرية للامتحان عبر مراحل التاريخ. فقال تعالى: { أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنّا الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنّ اللّهُ الّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنّ الْكَاذِبِينَ }. (العنكبوت: آية2ـ3 ). فالبلاء بمعنى الاختبار والامتحان يرافق المؤمنين في كل مراحل حياتهم، وعلى حسب درجة إيمانهم، وأشدّ الناس بلاءً هم الأنبياء، فقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم ): " أشدّ الناس بلاءً في الدنيا النبيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، ويبتلى المؤمن على قدر إيمانه وحسن عمله، فمَن صح إيمانه وحسن عمله اشتدّ بلاؤه، ومَنْ سخف إيمانه وضعف عمله قل بلاؤه ". ( الكليني،الكافي : ج٢، ص٢٥٢ ) . ولكن فالنعلم جيداً يا ابنتي العزيزة، بأنّه لماذا هذا البلاء يجري على الجميع وبحسب درجات إيمانهم؟ والجواب هو: لأنّ البلاء نعمة من نِعم الله تعالى على العبد، فيبتلي الله سبحانه عبده؛ ليختبر درجة إيمانه، ولكي يرفعه درجة، أو ليغفر له ذنبه، وليجزيه وليكافئه بهذا البلاء والامتحان الجزاء العظيم، فبهذا يكون البلاء نعمة على العبد، فقد رُوي عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ): "لا تكون مؤمناً حتّى تعدّ البلاء نعمة والرخاء محنة؛ لأنّ بلاء الدنيا نعمة في الآخرة ورخاء الدنيا محنة في الآخرة" ( المجلسي، بحار الأنوار : ج٦٤،ص٢٧٣ ) . وأمّا قبل وقوع البلاء فهناك أمور ترفع البلاء نذكر أهمها: أ- الاستغفار : قال تعالى: { وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } (الأنفال: آية33 ). ب ـ الدعاء: - فعن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " ادفعوا أنواع البلاء بالدعاء، عليكم به قبل نزول البلاء ".(الريشهري،ميزان الحكمة: ج٢، ص٨٧١ ) ؛ ولذا جاء في دعائه (عليه السلام): " اللهمّ اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء " ( دعاء كميل ) . ج ـ الصدقة: - فعن مولانا الإمام الباقر (عليه السلام): " إنّ الصدقة لتدفع سبعين بليّة من بلايا الدنيا " ( الكليني،الكافي: ج٤، ص٦ ) . جزاء الصبر على البلاء: أـ دخول الجنّة بدرجاته العالية: - قال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): " بالمكاره تُنال الجنة، بالتعب الشديد تُدرك الدرجات الرفيعة والراحة الدائمة " ( الريشهري، ميزان الحكمة: ج١، ص٣٥٠ ) . ب ـ تمحيص الذنوب: - قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): " يقول البلاء كل يوم، إلى أين أتوجه؟ فيقول الله (عزّ وجلّ)، إلى أحبائي، وأولي طاعتي، أبلو بك أخيارهم، وأختبر صبرهم، وأمحّصُ بك ذنوبهم، وأرفع بك درجاتهم " ( المتقي الهندي،كنز العمال: ج3، ص341 ) . ج ـ توفير الحسنات: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم ): " يُكتب أنين المريض، فإن كان صابراً كان أنينه حسنات ... المزید" ( المجلسي،بحار الأنوار: ج٧٨، ص٢١١ ) . د ـ غفران الذنوب ومحو الخطايا: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): " ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا " ( المجلسي، بحار الأنوار: ج٦٤ ، ص٢٤٤ ) . * وفقنا الله تعالى وإياكم لكل خير وصلاح بحق محمد وآله (صلوات الله عليهم أجمعين). * ودُمتم في رعاية الله وحفظه.

2