العلوية العلوية ( 21 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

البلاء في العراق

ماسبب الاوضاع التي تحصل في العراق فهل هذا غضب من الله وابتلاء وهل صحيح ان الامام الحسين دعا على العراق والعراقيين ؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنّ موضوع الابتلاء والامتحان في دار الدنيا من الموضوعات الدقيقة التي تبتني على أُسس واقعية، وحكم قويمة، تبلغ إلى مرتبة الأسرار الإلهية التي لا يمكن أن تدركها عقول البشر مهما بلغت من العظمة، وأُوتيت من الأسباب. إلاّ أنّ المتحصّل ممّا ورد في القرآن الكريم والسُنّة الشريفة: أنّ الابتلاء إنّما هو لأجل إظهار حقيقة الإنسان، ليصل إلى الجزاء الموعود، الذي أعدّه الله تعالى في الدار الآخرة، فلم يكن الابتلاء والامتحان بحسب المنظور القرآني لأجل ميزة دنيوية، أو الحصول على جزاء دنيوي إلاّ في بعض الموارد التي ورد النص فيها خيراً كان أو شرّاً.. فالفقر والمرض والمحن والآلام وغيرها، ممّا يعدّها الإنسان ابتلاءات، إمّا أن تكون سُبلاً للوصول إلى المقامات الرفيعة والكمالات الواقعية والدرجات الراقية في الآخرة، فهي في الحقيقة سلالم الكمال ودرجات الرفعة والقرب.. أو تكون سبباً في رفع الموانع عن طريق الإنسان بالآخرة. فإمّا هي لزيادة المقتضى لنيل الكمالات، أو لإزالة الموانع والعقبات، فهي لا تعدّ بهذا المنظور ابتلاءً في الواقع، فالفقر والمرض بهذا المقياس لا تكون محناً، بل سبباً لنيل الكمال. نعم، قد يكون المقياس هي المرتبة في الدنيا، فتكون الابتلاءات والمحن بالنسبة إلى المظاهر الدنيوية وحظوظها فيختلط الأمر، كما ذكرت أيّها الأخ، فربما تكون النعم والمحن بل مطلق الابتلاء ترجع إلى بعض الأعمال الصادرة من الشخص، أو الصفات التي ترتكز في النفس، أو تؤثر في الخلف، وحينئذ لا تكون الأُمور الحاصلة بالنسبة إلى الأفراد ممّا ذكره السائل من دون سبب، فهي تابعة لأسباب، أو أُمور دقيقة واقعية. وإن الحياة الدنيا بطبيعتها محدودة الموارد، ومن الطبيعي أن يبتلى الإنسان في كل مرحلة من مراحل حياته بالانتكاسة.. حيث أن البلاء سنّة إلهية، ولو كان معفيا لكان الأنبياء أولى بذلك العفو. حتى النبي الأكرم (ص) لم يحقق كل أمانيه، إذ كان يتمنى دولة إسلامية خالية من المنافقين، والمرجفين، وأعداء الدين، وخالية من اليهود والنصارى.. وكذلك كان كل الأنبياء السلف، فهذا نبي الله نوح (ع) عاش ألف سنة إلا خمسين عاماً -بنص القرآن الكريم- وما آمن معه إلا قليل.. فإذن، لابد من استيعاب فلسفة البلاء.. ونورد هنا بعض النقاط: * تصور البعد الزمني: إن الإنسان عندما يحكم على بلاء بحسن أو سوء، عليه أن يتصور أنه سيواجه سلسلة من البلاءات في خط طويل لا نهاية له: هنالك عالم البرزخ، لا ندري كم يمتد من السنين، وعرصات القيامة، واجتياز الصراط، وهنالك موقف الحساب، ودخول الجنة والنار.. فالذي يتذكر كل هذه الأمور.. هل يمكن أن يقيس المحدود باللامحدود؟!.. هل يمكن أن يقيس النهاية باللانهاية؟!.. * مبدأ التكاسر: بمعنى أن الإنسان لو كان لديه شيئاً ثميناً يتضمن ما هو أثمن.. تُرى ماذا عليه أن يعمل، أيحتفظ بالثمين أم يضحي به لأجل ما هو أثمن؟!.. إن الرب جلا وعلا ليس من فعله إلا الجميل، يدبر الأمور بحكمة بحسب ما تقتضيه مصلحة عبده المؤمن.. قد يتأذى الإنسان بنظرته القاصرة عند تعرضه لأمر ما، في حين أنه لو أطلق العنان لبصره، لرأى رحمة الله تعالى في دفع ما هو أشد وأعظم عنه، {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ}.. كمثل الذي يبتلى بفقد ابن عزيز، فيصعب عليه هذا الأم كثيراً، فيغفل أن ما وراء ذلك أسباب وأسباب من الرحمة الإلهية العظمى، كما نقرأ في القرآن الكريم تبرير الخضر (ع) لموسى (ع) في قتله للغلام: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا}. * رفع الدرجات: إن الإنسان بطبعه متثاقل إلى الأرض، يميل إلى الراحة والدعة، قليل الهمة.. والله سبحانه وتعالى كريم يحب عباده، ويريد لهم الدرجات العلا.. وبالتالي، يبتليهم ليعوّض هذا التقصير. * تكفير الذنوب: ما أحلم الرب بعباده!.. تراه يتصالح مع عبده العاصي بتعريضه لهبَّات بسيطة؛ تكفر له الخطايا، وتقربه لربه، وتوقظه من غفلته، وتذكره بعجزه وضعفه أمام قوة المقتدر الجبار، وأنه لا حول ولا قوة له إلا بالله العلي العظيم. * التزهيد في الدنيا، وصلابة الدين، وتربية الروح: إن الله عز وجل يحب أن يسمع صوت عبده المؤمن؛ فيثجه بالبلاء ثجاً؛ حتى لا يركن إلى الدنيا، ويهوى متاعها الزائل.. وبالتالي، فإنه يرتقي به مدارج الكمال .. قال الباقر (ع): (إنّ الله عزّ وجلّ لَيتعاهد المؤمن بالبلاء، كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغيبة.. ويحميه الدنيا، كما يحمي الطبيب المريض). وأما ما يقال من ان الأئمة (عليهم السلام )قد دعوا على أهل العراق فهذا الكلام غير صحيح لان أصل الاقاويل المنتشرة من أعداء أهل البيت (عليهم السلام )فمنها : ما قاله معاوية للوليد بن جابر الطائي: ((وانك لتهددني ياأخا طي بأوباش العراق، أهل النفاق ومعدن الشقاق...)) وما قاله الحجاج في أحدى خطبه: (يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق، أما والله لألحونكم لحو العصا، ولاعصبنكم عصب السلم ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل...). وفي خطبة أُخرى: (يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق، إن الشيطان استبطنكم...) أما الأحاديث التي تمدح أهل العراق وشيعته على لسان أهل البيت (عليهم السلام) ونتمنى أن تكون شائعة ويروج لها لتصبح من المسلمات فهي: 1- قال الإمام علي (عليه السلام) مخاطبًا أهل العراق (أنتم الانصار على الحق والاخوان في الدين والجنن يوم البأس والباطنة دون الناس بكم اضرب المدبر وارجو طاعة المقبل). - بحار الانوار ج 32/ صفحة 236. 2- قال الامام علي (عليه السلام) يصف الكوفة: (هذه مدينتنا ومحلنا ومقر شيعتنا) عن الإمام الصادق (عليه السلام): (تربة تحبنا ونحبها) وعنه أيضًا أنه قال: (اللهم ارمي من رماها وعادي من عاداها) 3- قال الإمام الحسن (عليه السلام) عندما رحل عن الكوفة بعد معاهدة الصلح (وما عن قلبي فارقت دار معاشري هم المانعون حوزتي وذماري) 4- قال الإمام الصادق في مدح أهل العراق (واهل كوفة اوتادنا واهل هذا السواد منا ونحن منهم) وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (يا أهل الكوفة حباكم الله (عز وجل) بما لم يحب به أحدًا، ففضل مصلاكم وهو بيت آدم وبيت نوح وبيت ادريس ومصلى إبراهيم الخليل ومصلى أخي الخضر (عليه السلام) ومصلاي، وإن مسجدكم هذا أحد الأربعة مساجد اختارها الله عز وجل لأهلها...) وعن الرضا (عليه السلام) في حديث طويل نقتبس منه موضع الحاجة: (يا أهل الكوفة لقد أعطيتم خيراً كثيراً، وإنكم لممن امتحن الله قلبه للإيمان، مستقلون مقهورون ممتحنون يصب عليكم البلاء صباً، ثم يكشفه كاشف الكرب العظيم...).

2