logo-img
السیاسات و الشروط
سعيد عبدالله سعيد ( 30 سنة ) - السعودية
منذ 4 سنوات

التوحيد

ما هو تعريف التوحيد؟


التوحيد تارة يكون مرة بلحاظ الذات الإلهية، وأخرى يكون التوحيد بلحاظ الصفات الإلهية، وثالثة يكون التوحيد بلحاظ العبادة. أمّا توحيد الذات: فإننا نعتقد أن ذات الله عز وجل ليس لها مثيل، ولا يوجد له شريك، فلا إله غير الله تعالى فهو إله واحد لا شريك له، فهذا التوحيد في نفي أي إله آخر. أمّا توحيد الصفات: فإنا نعتقد أن الله تعالى يتصف بكل صفات الكمال، وأن صفاته عين ذاته، وليست ذاته غير صفاته، وتسمى بصفات الذات وهي العلم والقدرة والحياة، وهذه القضية تحتاج إلى شيء من البيان، ويمكن إيضاحها بمثال حتى تسهل عليكم المسألة، فأنا وأنت مثلاً لنا وجود خارجي، وهو أجسامنا المادية من يد ورجل ورأس، ولنا أيضاً صفات كالحياة والعلم والقدرة، ولكن هذه الصفات لا تحقق وجودنا الخارجي، فمثلاً نجد شخصاً موجوداً في الخارج ولكنه ليس بعالم، أو شخص كان عالماً ولكنه فقد العلم وصار مجنوناً، فإن هذه الصفات تنفك عن الإنسان، فيوجد ولكن ليس له علم، ويوجد وليس له قدرة، فهناك اثنينية بين أصل وجودنا وبين هذه الصفات، فأنا شيء وعلمي شيء آخر، وقدرتي شيء آخر، إذا اتضح هذا فالله تعالى هذا المعنى لا يمكن أن يتصور في حقه، فذاته المقدسة وصفاته الذاتية شيء واحد لا أنهما إثنان في الخارج، فإن الله تعالى هو علم كله، هو قدرة كله، هو حياة كله، وهذه تسمّى صفات الذات، وهناك صفات أخرى تسمى بصفات الفعل. أمّا توحيد الربوبية: فإننا نعتقد بأن الله تعالى هو رب كل شيء، وهو المدبّر لكل شيء، وأنه لا يوجد شيء في السموات والأرض إلّا هو مفتقر لله تعالى، وأن الله تعالى مستغن عنه، فتوحيد الربوبية أن نعتقد بأن الله هو المدبر لكل هذا الكون، وأنه هو الرزاق وهو المشافي وهو المحيي وهو المميت. وهنا نسأل سؤالاً: إنا قلنا إن الله تعالى هو المشافي وهو المعافي من الأمراض، فإذا ذهبنا إلى الطبيب وطلبنا منه أن يشفينا من المرض، فهل هذا يعني أنا أشركنا بالله تعالى، أو أن هذا توحيد؟ الجواب: أن الله تعالى هو المشافي، وهذا شيء لا شك ولا ريب فيه، وهو الله تعالى نفسه جعل بعض الأدوية تشافي من الأمراض، وهذا أيضاً لا ريب فيه، وهو الله تعالى أعطى للطبيب علماً يعرف به أن الذي يسبب هذا الألم هي المعدة مثلاً، وهو الله تعالى أعطى العلم للطبيب بأن هذا الدواء أوهذه العشبة هي التي تشفي هذا الألم، فالطبيب بالعلم الذي أعطاه الله تعالى له، وبالقدرة التي جعلها الله تعالى في المواد والدواء أنها تشافي من هذا الداء، فبكل هذا حصل الشفاء فأنا إذا ذهبت للطبيب، فأنا في الحقيقة ذهبت إلى الله؛ لأن كل ما في هذه الإمكانيات هي من الله تعالى، فلا يعقل أن أكون قد أشركت بالله تعالى، بل أنا في أعلى مراتب التوحيد؛ لاني أعتقد أن كل هذه الأمور هي من عطايا الله، فهذه الأمور لها قدرة الشفاء من الله تعالى وهي عظيمة فكيف الله تعالى، فهو أعظم وأعظم من هذه المخلوقات. ونفس هذا الشيء نصوره فيمن يقول أن النبي (صلّى الله عليه وآله) يشفيني، فإنه يعتقد بأن الله تعالى أعطى للنبي (صلّى الله عليه وآله) العلم بأن يشفي الناس، فإن النبي (صلّى الله عليه وآله) هو أفضل من الطبيب بلا شك ولا ريب، فإذا كان الطبيب له القدرة على الشفاء بالعلم الذي أعطاه الله له، فإن النبي (صلّى الله عليه وآله) له القدرة على الشفاء بشكل أكبر وأكبر، فهو أفضل وأعلم ما خلق الله تعالى، نعم قد يختلف في بعض الآليات التي يشفي بها، وهذا شيء لا يكون فارقاً بين الأمرين، وهذا عينه يحصل في من يذهب للإمام الحسين (عليه السلام) ويطلب منه، فإنه لا يريد أن يقول إن الإمام الحسين (عليه السلام) يشفي بمعزل عن الله تعالى حتى نقول له أنت مشرك، بل هو كما يذهب للطبيب لكي يشفيه، فإنه يذهب للإمام الحسين (عليه السلام) ويطلب الشفاء؛ لأنه يعلم بأن الله تعالى قد أودع في الإمام الحسين (عليه السلام) القدرة على أن يشفي أفضل مما هي عند الطبيب، وهذا ليس من الشرك، بل هو في أعلى مراتب التوحيد؛ لأنه يعتقد أن كل شيء من الله تعالى، وأن الله أعظم وأعظم من مخلوقاته، مع أن مخلوقاته لها قدرة عظيمة لكن عظمتها هي من عظمة الله تعالى، كما جعل الله تعالى النبي عيسى (عليه السلام) يحي الموتى فإن إحياء الموتى ليس شيئاً غير الله، بل هو من عند الله، فإذا كان عيسى الذي هو مخلوق من مخلوقات الله يقدر أن يحيي الموتى بإذن الله، فالله تعالى كيف يكون!!فهو بلا شك أعظم وأعظم. أمّا توحيد العبادة: فهو يعني أن لا نعبد غير الله فالله تعالى، هو أهل العبادة وهو الإله الذي يستحق أن يعبده الإنسان طاعةً وشكرا.

12