الخوف من اللَّه هو الطريق الأمثل لدرك الجنة ورضا اللَّه وهو الطريق لإصلاح النفس.
فالخائف من اللَّه لا يكذب ولا يغتاب ولا يفعل ما يحرّمه اللَّه تعالى، وفي المقابل اللَّه تعالى ينزل عليه أنواع الرحمات ويدخله فسيح جناته، وفوق ذلك الخائف من اللَّه مطمئن النفس؛ لأنّه مستعد للموت في أيّ آن ولحظة .
والدليل على اطمئنانه ما ورد عن الرسول الأكرم (صلى اللَّه عليه وآله) قال: "مَن خاف اللَّه أخاف اللَّه منه كل شيء، ومَن لم يخفْ اللَّه أخافه اللَّه من كل شيء ".(الكليني،الكافي:ج٢،ص٦٨).
وعنه (صلى اللَّه عليه وآله) قال: "مَن عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة اللَّه (عزّ وجلّ) حرّم اللَّه عليه النار، وآمنه من الفزع الأكبر، وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله: {ولمَن خاف مقام ربه جنتان}".(الريشهري، ميزان الحكمة:ج١،ص٨٢٩).
وكذا ما عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: {ولمَن خاف مقام ربه جنتان}. "مَن علم أنّ اللَّه يراه ويسمع ما يقول ويعلم ما يعمله من خير أو شرّ، فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى". ( المجلسي،بحار الأنوار:ج٦٧،ص٣٦٤).
فاللَّه سبحانه وتعالى تكفّل على أن يرحم ويدخل الخائف منه فسيح جنته، وهنالك حديث قدسي عظيم فيه الوعد وفيه الوعيد وإنّ مَن عمل بما يرضي ربه فسوف يسرّه اللَّه ومَن عمل بما يسخطه أركسه اللَّه في عذابه
ففي الخبر : "وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا آمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة".(الصدوق،الخصال:ص٧٩).
فيضمن لنا اللَّه الرحمة منه إن جعلنا ميزان اللَّه نصب أعيننا؛ ولذا ترى شخصيات خافت اللَّه تعالى فنظر إليها نظرة رحيمة، فعن ليث بن أبي سليم قال سمعت رجلاً من الأنصار يقول: "بينما رسول اللَّه مستظل بظل شجرة في يوم شديد الحرّ، إذ جاء رجل فنزع ثيابه، ثمّ جعل يتمرّغ في الرمضاء يكوي به ظهره مرة وبطنه مرة وجبهته مرة ويقول:
يا نفس ذوقي فما عند اللَّه أعظم ممّا صنعتُ بك، ورسول اللَّه ينظر إليه ما يصنع، ثمّ إنّ الرجل لبس ثيابه، ثمّ أقبل فأومأ إليه النبي (صلى اللَّه عليه وآله): بيده ودعاه فقال له:
ياعبداللَّه! رأيتك صنعت شيئاً ما رأيت أحداً من الناس صنعه، فما حملك على ما صنعت؟
فقال الرجل: حملني على ذلك مخافة اللَّه، فقلت لنفسي: يا نفس ذوقي فما عند اللَّه أعظم ممّا صنعتُ بك .
فقال النبي (صلى اللَّه عليه وآله): لقد خفت ربك حق مخافته، وإنّ ربك ليباهي بك أهل السماء، ثمّ قال لأصحابه: يا معشر مَن حضر! ادنوا من صاحبكم حتى يدعوا لكم .
فدنوا منه، فدعا لهم وقال: اللهمّ اجعل أمرنا على الهدى، واجعل التقوى زادنا، والجنة مآبنا.(المجلسي،بحار الأنوار:ج٦٧،ص٣٧٨).