محمود عيد ابراهيم
منذ 4 سنوات

رواية أبي هريرة في خلق الأرض

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم): ((خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة في ما بين العصر إلى الليل)). أخرجه أحمد بن حنبل، ومسلم، وإسناده من أوّله إلى آخره صحيح، ورجاله كلّهم ثقات، وأبو هريرة صحابي، ومن المحال عقلاً أن يكذب على رسول الله؟ حسب الموازين. لكن الله سبحانه وتعالى يؤكّد في أكثر من آية محكمة أنّه قد خلق السموات والأرض في ستّة أيام، والرسول لا ينطق عن الهوى، بل يتّبع ما يوحى إليه من ربّه. فمن نصدّق حسب رأيكم؟ هل نصدّق القرآن؟ أو نصدّق الموازين العلمية؟! وهل يعقل أن يناقض الوحي نفسه؟! ومعنى ذلك أنّ الخلل يكمن في الموازين لا في الدين!!)).


الأخ محمود المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنّ الحديث المروي عن أبي هريرة، ظاهر وصريح في تعداد سبعة أيام، بالأخص عند ملاحظة أنّه ينصّ على ذكر الأيام، فيقول: ((خلق الله التربة يوم السبت، وخلق... يوم الأحد، وخلق... يوم الاثنين، وخلق... يوم الثلاثاء، وخلق... يوم الأربعاء، وبث... يوم الخميس، وخلق... يوم الجمعة...)) (1) ، فكلّ من له أدنى معرفة بالحساب وبأوليات اللّغة العربية يدرك جيداً أنّ المراد في الحديث سبعة أيام، فهذا الحديث دليل قويّ على وجود الأحاديث الموضوعة في الصحاح والمسانيد. وممّا يؤيّد مدّعانا: ما وقع فيه علماء الحديث، من خلط وخبط في معنى الحديث، ولو كان لديهم تأويل، له أدنى وجه، لنصّوا عليه وتخلّصوا من سائر الإشكالات والتوجيهات التي ذكروها، لا لشيء، بل لالتزامهم بصحّة كلّ ما ورد في صحيح مسلم. قال ابن كثير في تفسيره: ((وهذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلّم عليه: علي بن المديني، والبخاري، وغير واحد من الحفّاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأنّ أبا هريرة إنّما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنّما اشتبه على بعض الرواة فجعلوه مرفوعاً، وقد حرّر ذلك البيهقي)) (2) . وفي كتابي (المنار المنيف)، و(نقد المنقول) لابن قيّم الجوزية: ((ويُشبِه هذا ما وقع فيه الغلَط من حديث أبي هريرة: (خلق الله التربة يوم السبت...) الحديث، وهو في صحيح مسلم، ولكن وقع الغلط في رفعه، وإنّما هو من قول كعب الأحبار، كذلك قال إمام أهل الحديث محمّد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير، وقاله غيره من علماء المسلمين أيضاً، وهو كما قالوا؛ لأنّ الله أخبر أنّه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيام، وهذا الحديث يقتضي أنّ مدّة التخليق سبعة أيام)) (3) . وما أجابوا به من أنّ الحديث من كلام كعب اشتبه على بعض الرواة فرفعه، يردّه ما في أوّل الحديث من تصريح أبو هريرة بالتحديث، قال: أخذ رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) بيدي، فقال: (خلق الله التربة يوم السبت...)الحديث، فلم يبق بعد هذا إلاّ الاعتراف بكذب أبو هريرة. ودمتم في رعاية الله