logo-img
السیاسات و الشروط
اللهم هب لي كمال الانقطاع اليك 🤍🌿 ( 17 سنة ) - السعودية
منذ سنة

تفسير آية

السلام عليكم بسم الله الرحمن الرحيم يقول تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [البقرة: ٦١] ما تفسير هذه الآية؟


وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب جاء في تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٢٣٨- ٢٤٠: لما عدد سبحانه فيما قبل، ما أسداه إليهم من النعم والإحسان، ذكر ما قابلوا به تلك النعم من الكفران، وسوء الاختيار لنفوسهم بالعصيان، فقال: (وإذ قلتم) أي: قال أسلافكم من بني إسرائيل: (يا موسى لن نصبر على طعام واحد) أي: لن نطيق حبس أنفسنا على طعام واحد، وإنما قال (على طعام واحد) وإن كان طعامهم المن والسلوى، وهما شيئان، لأنه أراد به أن طعامهم في كل يوم واحد أي: يأكلون في اليوم ما كانوا يأكلونه في الأمس، كما يقال إن طعام فلان في كل يوم واحد، وإن كان يأكل ألوانا إذا حبس نفسه على ألوان من الطعام لا يعدوها إلى غيرها. وقيل: إنه كان ينزل عليهم المن وحده، فملوه فقالوا ذلك، فأنزل عليهم السلوى من بعد ذلك. وقوله: (فادع لنا ربك) أي: فاسأل ربك وادعه لأجلنا. (يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها) أي: مما تنبته الأرض من البقل، والقثاء، ومما سماه الله مع ذلك. وكان سبب مسألتهم ذلك ما رواه قتادة قال: كان القوم في البرية قد ظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، فملوا ذلك، وذكروا عيشاً كان لهم بمصر، فسألوا موسى فقال الله: (اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم) وتقديره فدعا موسى فاستجبنا له، فقلنا لهم اهبطوا مصراً. وقيل: إنهم قالوا لا نصبر على الغنى بأن يكون جميعنا أغنياء، فلا يقدر بعضنا على الاستعانة ببعض، فلذلك قالوا يخرج لنا مما تنبت الأرض، ليحتاجوا فيه إلى أعوان، فيكون الفقير عوناً للغني. وقوله (قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) معناه: قال لهم موسى. وقيل: بل قال الله لهم: أتتركون ما اختار الله لكم، وتؤثرون ما هو أدون وأردى على ذلك. وقيل: إنه أراد أتستبدلون ما تتبذلون في زراعته وصناعته بما أعطاه الله إياكم عفواً من المن والسلوى. وقيل: المراد تختارون الذي هو أقرب أي أقل قيمة، على الذي هو أكثر قيمة وألذ. واختلف في سؤالهم هذا: هل كان معصية؟ فقيل: لم يكن معصية، لأن الأول كان مباحاً، فسألوا مباحاً آخر. وقيل: بل كان معصية، لأنهم لم يرضوا بما اختاره الله لهم، ولذلك ذمهم على ذلك، وهو أوجه. وقوله: (اهبطوا مصراً) اختلف فيه، فقال الحسن والربيع: أراد مصر فرعون الذي خرجوا منه. وقال أبو مسلم: أراد بيت المقدس، وروي ذلك عن ابن زيد. وقال قتادة والسدي ومجاهد: أراد مصراً من الأمصار، يعني أن ما تسألونه إنما يكون في الأمصار، ولا يكون في المفاوز أي: إذا نزلتم مدينة ذات طول وعرض (فإن لكم) فيها (ما سألتم) من نبات الأرض. وقد تم الكلام هاهنا. ثم استأنف حكم الذين اعتدوا في السبت، ومن قتل الأنبياء، فقال: (وضربت عليهم الذلة والمسكنة) أي: ألزموا الذلة إلزاماً لا يبرح عنهم، كما يضرب المسمار على الشئ فيلزمه. وقيل: المراد بالذلة الجزية، لقوله (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) عن الحسن، وقتادة. وقيل هو الكستيج وزي اليهود عن عطا. وقوله: (والمسكنة) يعني زي الفقر. فترى المثري منهم يتباءس مخافة أن يضاعف عليه الجزية. وقال قوم: هذه الآية تدل على فضل الغنى، لأنه ذمهم على الفقر، وليس ذلك بالوجه، لأن المراد به فقر القلب، لأنه قد يكون في اليهود مياسير، ولا يوجد يهودي غني النفس. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «الغنى غنى النفس»، وقال ابن زيد: أبدل الله اليهود بالعز ذُلاً، وبالنعمة بؤساً وبالرضا عنهم غضباً، جزاءً لهم بما كفروا بآياته، وقتلوا أنبياءه ورسله اعتداءً وظلماً. (وباءوا بغضب من الله) أي: رجعوا منصرفين متحملين غضب الله، قد وجب عليهم من الله الغضب، وحل بهم منه السخط. وقال قوم: الغضب هو ما حل بهم في الدنيا من البلاء والنقمة بدلاً من الرخاء والنعمة. وقال آخرون: هو ما ينالهم في الآخرة من العقاب على معاصيهم. ثم أشار إلى ما تقدم ذكره فقال: (ذلك) أي: ذلك الغضب، وضرب الذلة والمسكنة، حل بهم لأجل (أنهم كانوا يكفرون بآيات الله) أي: يجحدون حجج الله وبيناته. وقيل: أراد بآيات الله الإنجيل والقرآن، ولذلك قال فباءوا بغضب على غضب. الأول: لكفرهم بعيسى والإنجيل، والثاني: لكفرهم بمحمد والقرآن. وقيل: آيات الله صفة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وقوله: (ويقتلون النبيين بغير الحق) أي: بغير جرم كزكريا ويحيى وغيرهما. وقوله (بغير الحق) لا يدل على أنه قد يصح أن يقتل النبيون بحق، لأن هذا خرج مخرج الصفة لقتلهم، وأنه لا يكون إلا ظلما بغير حق كقوله تعالى: (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به) ومعناه أن ذلك لا يمكن أن يكون عليه برهان. وكقول الشاعر: (على لاحب لا يهتدى بمناره) ومعناه: ليس هناك منار يهتدى به، وفي أمثاله كثرة. وقوله: (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) ذلك إشارة إلى ما تقدم أيضاً بعصيانهم في قتل الأنبياء، وعدوهم السبت. وقيل: بنقضهم العهد واعتدائهم في قتل الأنبياء، والمراد إني فعلت بهم ما فعلت من ذلك بعصيانهم أمري، وتجاوزهم حدي إلى ما نهيتهم عنه. دمتم في رعاية اللّٰه وحفظه

2