( 14 سنة ) - عمان
منذ 3 سنوات

نظرية الإسلام للانسان

مانظرة الإسلام للإنسان ؟


يحظى الاِنسانُ ـ حسب رؤية القرآن الكريم ـ بكرامةٍ خاصّة إلى دَرَجةِ أنّه أصبحَ مَسجوداً للملائكة كما قال تعالى:(وَلَقد كَرَّمْنا بَني آدمَ وَحَمَلْناهُمْ في البر والبَحرِ وَرَزَقْناهُم من الْطّيباتِ وفَضّلْناهُمْ على كثيرٍ مِمّن خَلَقْنا تَفْضيلاً) وحيث إنّ جوهر الحياة الاِنسانية يكمنُ في حفظ الكرامة والعزّة، لهذا منَعَ الاِسلامُ من أيّ عمل يضرَّ بهذه الموهبة، وبعبارة أكثر وضوحاً؛ إن أيّ نوع من التسلّط على الآخرين وكذا قبول السلطة من الآخرين ممنوعٌ من وجهة نظر الاِسلام منعاً باتاً، فلابدّ أن يعيش المرء حُرّاً كريماً بعيداً عن أي شكلٍ من أشكال الصغار والذل. قال الاِمامُ أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «ولا تكُنْ عَبْدَ غيرِك وقدْ جَعَلك الله حُرّاً» كما قال أيضاً: «إنّ الله تبارَك وتعالى فَوَّض إلى المؤمن كلَّ شيء إلاّ إِذلالَ نفسهِ» ومن الواضح جداً انّ الحكومات الاِلَهيّة المشروعة لاتنافي هذا الاَصل كما سيأتي توضيحه مستقبلاً. إنّ للعقل الاِنساني مكانةً خاصةً في رؤية الاِسلام ونظره، وذلك لاَنّ ما يميّز الاِنسان عن سائر الاَحياء بل ويجعله مفضّلاً عليها هو عقله ومدى قوته التفكيرية. من هنا دُعِيَ البشر ـ في آيات عديدة من القرآن الكريم ـ إلى التفكّر والتأمّل، والتدبّر والتعقّل، إلى درجة، عُدَّت تنمية القوة العقليّة، والتفكّر في مظاهر الخلق، من علائم العقلاء وذوي الاََلباب قال تعالى في القرآن الكريم: (الّذيِنَ يَذْكُرُون اللهَ قِياماً وَقُعوُداً وعلى جُنُوبِهِم وَيَتَفكَّرونَ فِي خَلقَ السَّمواتِ والاَرْض رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطلاً) هذا وإنّ الآيات التي ترتبط بضرورة التفكّر والتأمّل في مظاهر الخلقة أكثر بكثير من أن يمكن سردها في هذا البيان المقتضب. وعلى أساس هذه الرؤية نجد القرآن الكريمَ ينهى الناس عن التقليد الاَعمى، وعن الاتّباع غير المدروس للآباء والاَجداد. حيث إنّ الاِنسان يتمتع بنورِ العقل وموهبة الاختيار لذلك فإنّه كائنٌ مسؤُولٌ، مسؤولٌ أمام الله، وأمام الانبياء، والقادة الاِلَهيين، وأمام غيره من أبناء البشر الآخرين، وأمام العالَم. وقد صَرّحَ القرآن الكريم بهذه المسؤولية الّتي تَقَعُ على الاِنسان في آيات عديدة يقول: (وأَوفُوا بالعَهْد إنَّ العَهْدَ كانَ مَسؤُولاً) ويقول كذلك: (أيَحْسَبُ الاِنسانُ أنْ يُترَكَ سُدىً) ويقول الرسولُ الاَكرم محمد : «كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسؤُولٌ عَنْ رَعِيّتهِ» وإنّ من مظاهر الحرية الفردية في الاِسلام هو أن لا يُجبرَ الشخصُ على قبول الدين واعتناقه كما قال تعالى: (لا إكراهَ فِي الدِّين قَد تَبَيَّنَ الرشدُ مِنَ الغيِّ) وذلك لاَن الدين المطلوب في الاِسلام هو الاعتقاد والاِيمان القلبيّان وهما لا يتحقّقان في قلب الاِنسان بالعُنف والقهر، والقسر والاِجبار، بل ينشئان بعد حصول مقدمات أهمها اتضاح الحق والباطل وتميّز أحدهما عن الآخر. فإذا حَصَلت مثل هذه المعرفة اختار الاِنسانُ الحقَّ في ظروف طبيعية قطعاً. صحيح أن «الجهاد» هو أحد الفرائض والواجبات الاِسلامية المهمّة جداً، ولكن لا يعني الجهادُ قط إجبارَ الآخرين على اعتناق الاِسلام، بل المقصود منه إزالة الموانع والعراقيل عن طريق الدعوة الاِسلامية وإبلاغ الرسالة الاِلَهيّة إلى مسامع الناس في العالم كَيما يتبيّن الرشد من الغيّ. ومن الطبيعيّ إذا مَنَعَ أرباب الثروة والسلطة انطلاقاً من الدوافع المادية والشيطانية من إبلاغ الرسالة الاِلَهيّة الهادية إلى مسامع الناس وأفئدتهم، اقتضت فلسفة النبوة (وهي هداية البشرية وإرشادهم) أن يقوم المجاهدون بإزالة هذه الموانع، والعراقيل، لتتوفّر الشروط والظروف اللازمة لاِبلاغ دعوة الحق إلى أبناء البشرية.

2