حسن احمد عبد الرزاق - البحرين
منذ 4 سنوات

عدالة أبي بكر

هل أبو بكر كان عادلاً في حياة الرسول وبعد مماته(صلّى الله عليه وآله) في خلافته؟


الأخ حسن احمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنّ عدالة الصحابي أو عدمها تتبع أعماله وتصرّفاته في حياته, فلا أصل في المقام بعدالة الصحابة من دون قيد أو شرط, بل يدخل جميعهم في دائرة التعديل والتجريح. ثمّ إنّ تصرّفات كلّ شخص وتقلّباته في مختلف شؤون حياته خير دليل للحكم عليه, وفي مورد السؤال نذكر لك سيئة واحدة وقعت منه في حياة النبيّ(صلّى الله عليه وآله) - على سبيل المثال لا الحصر - تكفي في معرفة الرجل, وهي: شربه للخمر بعد تحريمه، كما ذكرها الطبري في تفسيره (1) ، ولكنّه أبهم اسم أبي بكر وحرّف الشطر الأوّل من البيت الأوّل: تحيي بالسلامة أُمّ بكر **** وهل لي بعد قومي من سلام فجعله: (أُمّ عمرو) بدل (أُمّ بكر)!! ولكن البزّار صرّح في روايته بأنّ اسم الرجل (أبو بكر) (2) !! وروى ابن حجر في (الإصابة) عن الفاكهي في كتاب مكّة بسنده: ((عن أبي القموص، قال: شرب أبو بكر الخمر في الجاهلية، فأنشأ يقول.. فذكر الأبيات...)) (3) ، وقوله: (في الجاهلية) دخيل في الرواية، كما هو واضح من ذيلها!! وذكره الحكيم الترمذي في (نوادر الأُصول) وعدّه ممّا تنكره القلوب (4) ، وإنكار القلوب ليس حجّة في الروايات!! وذكره ابن مردويه في (تفسيره) بسند صحيح عن طريق عيسى بن طهمان؛ أورده عنه ابن حجر في (فتح الباري) (5) , والعيني في (عمدة القاري) (6) . نعم, قد حاول بعضهم تبرير هذا العمل بأنّه كان قبل نزول التحريم (7) !! ولكن يردّه: أوّلاً: إنّ التحقيق يدلّنا على أنّ التحريم قد نزل قبله بمدّة, فإنّ عملية شرب الخمر قد حصلت وقت نزول آيات من سورة المائدة، وهي آخر سورة نزلت في القرآن باتّفاق أهل الحديث والتفسير, والتحريم قد نزل إمّا في أوائل البعثة، أو الهجرة (8) ، وإمّا في سنة أربع من الهجرة (9) ، وأمّا في سنة الحديبية سنة ست من الهجرة (10) . وأمّا القول بنزول التحريم في سنة الفتح عام ثمانية من الهجرة حتّى يوافق وقت نزول الآيات من سورة المائدة, فلا يدعمه - على قول البعض (11) - إلاّ حديث أحمد، الذي فيه اعتراض رسول الله(صلّى الله عليه وآله) على شخص كان بصدد إهداءه الخمر، أو بيعه (12) ؛ وقصارى ما يستفاد من هذا الحديث أنّ التحريم بلغ هذا الرجل عام الفتح, لا أنّ التحريم قد نزل فيه, فلا يعارض الأقوال التي تصرّح بنزول التحريم قبله, خصوصاً أنّ الرجل المذكور - على ما في حديث أحمد - كان من أعراب البوادي, فيحتمل قويّاً عدم وصول التحريم إليه. وثانياً: إنّ ذيل رواية شرب الخمر المذكورة، خير شاهد على نزول التحريم قبل تلك الواقعة, إذ جاء فيه أنّ الأمر قد بلغ رسول الله(صلّى الله عليه وآله), فقام يجر إزاره حتّى دخل عليهم مغضباً، وهمّ أن يضرب بعضهم، وقول عمر في بعض الروايات: ((أعوذ بالله من غضب الله ورسوله، والله لا أطعمها أبداً)) (13) ، يدلّ على أنّ غضب رسول الله(صلّى الله عليه وآله) كان بسبب شربهم الخمر. وهنا نتساءل بأنّ التحريم لو لم يسبق هذه الواقعة, فما هو معنى غضب الرسول(صلّى الله عليه وآله) في المسألة؟! إذ لو كان مباحاً لم يتأثر النبيّ(صلّى الله عليه وآله) بهذا الشكل! وأمّا بعد الرسول(صلّى الله عليه وآله), فمخالفته الوصية بإمامة وخلافة أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام) لهو دليل واضح لانحراف الشخص وعدوله عن الخط المستقيم, أضف إلى ذلك مبادرته وتأييده الاعتداء على بيت الزهراء(عليها السلام)، وضربها، وكسر ضلعها، وإسقاط جنينها، خير شاهد على عدم عدالة الرجل, ممّا أدّى ذلك إلى غضب فاطمة(عليها السلام) عليه - بصريح البخاري وغيره (14) - . فمن مجموع هذه الموارد - وموارد أُخرى لم يسعنا التطرّق إليها في هذا المختصر - لا يبقى لدينا أيّ شكّ أو ريب في ثبوت عدم عدالته. ودمتم في رعاية الله

1