اميرة محمد - السعودية
منذ 4 سنوات

معرفة الرواية لأهل السنة

يوجد حديث بحثت فيه بشتّى الوسائل لاحتواء، جميع مضامينه ومعانيه من كتب الأخوة السُنّة، ولكن للأسف الشديد لم أجد ما يشفي غليلي.. ويا حبّذا لو أفدتموني بمصدر معيّن والتعقيب عليه.. وهو كالتالي: (صحيح البخاري) كِتَاب المَرضَى، باب: قَولِ المَرِيضِ إِنِّي وَجِعٌ أَو وَا رَأسَاه... رقم الحديث: 52634 (حديث مرفوع): ((حَدَّثَنَا يَحيَى بنُ يَحيَى أَبُو زَكَرِيَّاءَ, أَخبَرَنَا سُلَيمَانُ بنُ بِلالٍ, عَن يَحيَى بنِ سَعِيدٍ, قَالَ: سَمِعتُ القَاسِمَ بنَ محمّد, قَالَ: قَالَت عَائِشَةُ وَا رَأسَاه, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (ذَاكِ لَو كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَستَغفِرَ لَكِ وَأَدعُو لَكِ), فَقَالَت عَائِشَةُ: وَا ثُكلِيَاه، وَاللَّهِ إِنِّي لأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوتِي، وَلَو كَانَ ذَاكَ لَظَلِلتَ آخِرَ يَومِكَ مُعَرِّساً بِبَعضِ أَزوَاجِكَ, فَقَالَ النبيّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (بَل أَنَا وَا رَأسَاه, لَقَد هَمَمتُ أَو أَرَدتُ أَن أُرسِلَ إلى أَبِي بَكرٍ وَابنِهِ وَأَعهَدَ أَن يَقُولَ القَائِلُونَ أَو يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلتُ: يَأبَى اللَّهُ وَيَدفَعُ المُؤمِنُونَ أَو يَدفَعُ اللَّهُ وَيَأبَى المُؤمِنُونَ)). الحديث مرويّ في البخاري في باب قول المريض: إنّي وجع، أو وا رأساه... في كتاب المرضى.. وأيضاً ذكر مرّة أُخرى في باب الاستخلاف.. كتاب الأحكام.. وفي نفس الباب حديث رزية الخميس..وو. فهنا عائشة تقسم بالله بأنّ الرسول يحبّ موتها.. ويترجّاه.. فيا ترى هل من سبب يدعوها أنت تتأكّد من ذلك؟ ألذنب سترتكبه بعد وفاته حتّى يقول لها: (ذلك لو كان وأنا حيّ فاستغفر لك وأدعو لك...)؟ ولِمَ قال لها النبيّ.. لو.. ولم يذكر استغفاره لها على وجه التأكيد؟ فنحن نعلم أنّ المصرّ على المعصية وهو عارف لا ينفعه استغفار ولا يتوفّق للتوبة إن تعمّد وقصد المعصية وعاند فيها.. بعكس إن كان على جهل أو زلّة.. أو إن صدرت عنه التوبة النصوح.. فلِمَ لم يتأكّد استغفار الرسول لعائشة، بل جاء على التمنّي؟ ثمّ ما شأن عائشة إن تزوّج النبيّ غيرها، أو لم يتزوّج، فبأيّ سلطة؟ وهذا خارج عن الحدود الأخلاقية للتخاطب مع النبيّ الأكرم ومعارضته والتسلّط في أمر ليس من شأنها؟ وهنا نقطة توقّف! وماذا يقصد (صلّى الله عليه وآله) من قوله: (لَقَد هَمَمتُ أَو أَرَدتُ أَن أُرسِلَ إلى أَبِي بَكرٍ وَابنِهِ وَأَعهَدَ أَن يَقُولَ القَائِلُونَ أَو يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ ثُمَّ قُلتُ: يَأبَى اللَّهُ وَيَدفَعُ المُؤمِنُونَ أَو يَدفَعُ اللَّهُ وَيَأبَى المُؤمِنُونَ)؟


الأخت أميرة المحترمة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحديث يبحث عن دلالته إذا كان صادراً عن المعصوم, والحديث المذكور بانفراد راويه وإرساله وركاكة تعبيره ومعارضته بما هو متواتر ينبأ أنّه حديث موضوع, فلا داعي للبحث عن دلالته! بل الأجدر بيان نقاط الخلل في الحديث من حيث الدلالة التي تقدح بصحّة صدور الحديث - وإغضاء الطرف عمّا في سنده بعد أن التزم أهل السُنّة على أنفسهم بصحّة ما في البخاري ومسلم وسدّوا باب المناقشة في أسانيد روايتهما - نعم يمكن إلزام المخالفين ببعض مضامينه حتّى لو كانت المضامين الأُخرى غير مقبولة، وذلك في مجال المناظرة والجدل. وأمّا المقصود من قوله(صلّى الله عليه وآله): (لقد هممت...الخ)، فإنّ عائشة - أو من وضع الحديث - تريد أن توحي بأنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله) أراد أن يوصي بالخلافة لأبي بكر! ولكن هذا خلاف إجماعهم بأنّه لم يوص لأحد. وإنّ أصحاب سقيفة بني ساعدة لم يذكروا شيئاً من ذلك في احتجاجهم على الأنصار أو في ردّهم على عليّ(عليه السلام) لمّا أبى البيعة ودخل داره. ثمّ إنّه لا ربط له بأوّل الحديث، وإن حاول الشرّاح ربطه بالتعسّف. ويبقى السؤال: لماذا يكتفي رسول الله(صلّى الله عليه وآله) باستشهاد أبي بكر أو ابنه فقط دون غيره من كبار المسلمين؟! من دون جواب. ودمتم في رعاية الله