إنّ معنى الفاسق في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ فالفاسق - كما قيل - الخارج عن الطاعة إلى المعصية، والنبأ الخبر العظيم الشأن، والتبين الاستبانة والإبانة - على ما في الصحاح - بمعنى واحد وهي تتعدى ولا تتعدى فإذا تعدت كانت بمعنى الايضاح والاظهار يقال: تبينت الامر واستبنته وأبنته أي أو ضحته وأظهرته، وإذا لزمت كانت بمعنى الاتضاح والظهور يقال: أبان الامر واستبان وتبين أي اتضح وظهر.
ومعنى الآية: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بخبر ذي شأن فتبينوا خبره بالبحث والفحص للوقوف على حقيقته حذر أن تصيبوا قوما بجهالة فتصيروا نادمين على ما فعلتم بهم. جاء في كتب التفسير: أنّ الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط، بعثه رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم لجمع الزكاة من قبيلة بني المصطلق، فخرجوا يتلقونه فرحاً به، وكانت بينهم عداوة في الجاهلية، وظن أنهم همّوا بقتله، فرجع إلى رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم ( دون أن يتحقق في الأمر) وقال: إنهم منعوا صدقاتهم (امتنعوا من دفع الزكاة)، وكان الأمر بخلافه، فغضب النبي (ص) وهمّ أن يغزوهم، فنزلت الآية.