باسم - الإمارات
منذ 5 سنوات

 كان عابداً للأصنام

ذكرتم: إنّ رواية صلاة أبي بكر مخدوشة سنداً ودلالةً، فإنّ رواتها بأجمعهم مجروحون - كما نصّ عليه أرباب الجرح والتعديل في الرجال - وإنّ بعض الطرق مرسلة فلا حجّية لها مطلقاً. أقول: لقد وجدت 72 حديثاً في كتب أهل السُنّة (10) منها في البخاري وحده، وثلاثة في مسلم... كلّها تذكر أمر رسول الله بإمامة أبي بكر.. فما دليلكم على ما ادّعيتم من جرح الرجال والطعن في السند؟


الاخ باسم المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيّها الأخ العزيز.. لو أنّك قرأت جوابنا جيّداً وتأمّلت فيه ملياً، لرأيته جواباً عن سؤال من أحد الإخوة من أهل السُنّة، وكان الأخ قاطعاً بالواقعة ومثبتاً للرواية ومفرّعاً عليها سؤالاً. فقد قال الأخ في سؤاله: ((هل يعتبر أبو بكر أولى بالخلافة، ونحن نعلم أنّ الرسول(صلّى الله عليه وآله) أمره بالصلاة جماعة؟)). فكان الجواب المناسب لذلك السائل الذي يقطع بالعلم بأمر النبيّ(صلّى الله عليه وآله) لأبي بكر بالصلاة المزعومة! جواباً يقصد منه بيان خطأ ادّعاءه ذلك (العلم)، وأنّه أوّل الكلام بأنّ ذلك قد حصل, وهذا من حقّنا.. وقد استدللنا على ذلك بعدّة وجوه، منها: عدم ثبوت تلك الرواية سنداً؛ لأنّ سندها ليس إلاّ آحاد لا يفيد العلم، بالإضافة إلى روايتها عن مثل: الزهري، عامل بني أُميّة (1) ، وأبو بردة بن أبي موسى، عامل معاوية وأحد المنحرفين عن أهل البيت(عليهم السلام)، وهو ممّن شهد زوراً على الصحابي الجليل حجر بن عدي(رض) (2) ، وعروة بن الزبير (3) ، وابنه هشام، وعائشة (4) ، وأبو موسى (5) ، وابن عمر (6) ، وأنس (7) ... المزید وكلّ هذه الشخصيات لها علاقة سيئة ورأي في عليّ(عليه السلام)، فلا حجّة في قولهم ونقلهم هذا على كلّ منصف محتاط لدينه، وغيرهم من الضعفاء والمدلّسين. هذا من ناحية رجال الأسانيد. أمّا من ناحية الإرسال، فنحن نقصد منه بأنّ بعض هذه الروايات تنقل قول الصحابي وليس قول النبيّ(صلّى الله عليه وآله) المباشر وأمره بنفسه لأبي بكر بالصلاة، كرواية أنس (8) ، وأبي موسى (9) ، وابن عمر (10) ، وبريدة (11) ؛ فإنّهم لم يكونوا في حجرة عائشة حينها قطعاً - لأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) كانت تداريه نساؤه، فلا يمكن حضور الناس عنده في نفس الحجرة الصغيرة وبمحضر نسائه(صلّى الله عليه وآله) دون إمكان ابتعادهنّ عنه(صلّى الله عليه وآله) بحجاب، أو ستار، أو ما شاكل ذلك؛ لأنّهنّ يقمنَ بقربه لقضاء حوائجه ومداراته ومساعدته(صلّى الله عليه وآله)، وقد ألمح بعضهم لذلك - ولم يرووا الحديث بسماعهم وإنّما بالنقل فحسب، وهذا المسلك معروف عند الصحابة ومتّفق عليه، وأهل السُنّة يحتجّون به ويحكمون عليه بالرفع؛ لأنّ الصحابة عندهم كلّهم عدول، ولا يهمّ حينئذ إخفاء اسم الصحابي الذي رأى أو سمع تلك الحادثة، أو ذلك الحديث. ونحن نسمّيه: مرسلاً، وبالتالي فإنّ هؤلاء الصحابة من البعيد أن يكونوا قد حضروا في تلك الحجرة الصغيرة، ويكشف ذلك عن دوران ذلك الأمر على عائشة الموجودة قطعاً هناك، بل المدبّرة لتلك الأحداث والحكايات والكلام العجيب والمتناقض!! أمّا بالنسبة إلى طرق الحديث، فقد استغربنا كثيراً حين قرأنا سؤالكم وتعليقكم بأنّ في هذه القصّة (72) رواية! ولا ندري هل ادّعى أحد قبلك هذا العدد أم لا؟! وإن صحّ قولك هذا، فإنّ الحديث سيكون متواتراً، بل يكون أصحّ حديث قد نقل إلينا وأثبته.. ولكن دون ذلك خرط القتاد! فإنّنا نقطع بأنّ هذا الحديث لم يرد بهذا الكم من العدد.. ولو كنت يا أخينا مختصّاً بعلم الحديث، أو مطّلعاً عليه جيّداً، لما قلت بهذا الادّعاء العريض؛ لأنّ أصحاب هذا الفنّ إنّما يقولون ذلك لو أنّ للحديث طرقاً بهذا العدد، ولا يعتبر ذلك إلاّ إذا وجدت (72) صحابياً راوياً للحديث.. وإنّما نحن وجدنا هذه الرواية - أي: رواية أمر النبيّ(صلّى الله عليه وآله) أبا بكر بالصلاة - مروية عن: عائشة، وأنس، وأبي موسى الأشعري، وابن عمر، وعبد الله بن مسعود، وابن عبّاس، وبريدة، وعبد الله بن زمعة، وسالم بن عبيد، ومرسلاً عن حمزة بن عبد الله بن عمر، لا أكثر، فالحديث ينحصر بهذه الطرق،أو أكثر بقليل، فأين هذا من زعمك بأنّ للحديث (72) طريقاً؟! فروايات البخاري مدارها على: عائشة (12) ، وأبي موسى (13) ، وابن عمر (14) ، ومرسل حمزة (15) ، بطريق واحد عنهم، إلاّ عائشة فبعدّة طرق، كعروة (16) ، والأسود (17) ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة (18) .. وكذا طرق مسلم؛ فهي عن: عائشة (19) ، وأبي موسى (20) ، بنفس طرق البخاري، بإضافة حمزة بن عبد الله بن عمر، عن عائشة.. وينفرد البخاري بروايته عن ابن عمر، ومرسل ابنه حمزة. وأضاف أحمد بن حنبل إلى هذه الطرق ما رواه عن: ابن عبّاس (21) ، وأنس (22) ، وبريدة (23) ، وعبد الله بن زمعة (24) .. وأخرجه النسائي عن عبد الله بن مسعود (25) .. ورواه بن ماجة عن سالم بن عبيد (26) . ومرسلة حمزة بن عبد الله إمّا عن أبيه عبد الله بن عمر، أو عن عائشة، ورواية عبد الله بن مسعود هي عن قول عمر يوم السقيفة، وسالم بن عبيد لم تثبت صحبته، وإن توهّمه بعضهم لروايته في تشميت العاطس، وطريقها ضعيف مختلف فيه، وظاهر روايته هنا عن عائشة وعمر في قصّة السقيفة. وكما يظهر من كلام ابن حجر في (الإصابة) (27) ، وأنس، وأبو موسى، وابن عمر، وبريدة لم يكونوا حاضرين وذلك الوقت قطعاً، ونصوص رواية عائشة تدلّ على أنّه لم يكن في الحجرة غير نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله)، ولا حتّى عليّ(عليه السلام)، فضلاً عن العبّاس، أو عمر، أو عبد الله بن زمعة، أو ابن عبّاس، أو غيرهم ممّن قد يدّعي ذلك، فترجع كلّ الروايات إلى قول عائشة. فهذا حال الطرق التي جعلتها (72)! وهناك مسألة ثانية مهمة في جوابنا السابق، وكذا نحيلك إلى جواب آخر تفصيلي لنا، تجده في هذا الباب: (دعوى حجّ أبي بكر بالناس عام تسعة للهجرة وصلاته في مرض النبيّ(صلّى الله عليه وآله))، فقد بيّنّا هناك بأنّه إضافة لاضطراب الروايات فيما بينها، وتناقض محتواها في جهة من الجهات، بحيث لا يمكن الجمع بينها، فإنّ هناك شواهد وقرائن تثبت بأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) لم يأمر أبا بكر بتلك الصلاة المزعومة.. وقد أثبت اضطراب تلك الروايات في إحدى جهاتها، وهي: إمامة النبيّ(صلّى الله عليه وآله) أو أبو بكر، أحد علماء السلفية، وهو: السندي، في حاشيته على سنن النسائي، وكذا على البخاري بمعناه (28) ؛ فقال: ((واستدلّ الجمهور بهذا الحديث - صلاة أبي بكر - على نسخ حديث (إذا صلّى جالساً فصلّوا جلوساً)... (حتى قال:) وهذا يفيد الاضطراب في هذه الواقعة، ولعلّ سبب ذلك عظم المصيبة, فعلى هذا فالحكم بنسخ ذلك الحكم الثابت بهذه الواقعة المضطربة لا يخلو عن خفاء، والله تعالى أعلم)) (29) . فقد أثبت السندي معارضة هذه الواقعة المضطربة من هذه الجهة للحديث الصحيح الثابت، والمعمول به قبل هذه الواقعة وبعدها، بأنّ الإمام يجب أن يؤتمّ به، فإن صلّى قاعداً، فصلّوا قعوداً، وهذا ما خالفته هذه الروايات للصلاة المزعومة؛ فإنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) لمّا صلّى أبو بكر بالناس خرج ليصلّي هو(صلّى الله عليه وآله) بهم، وجعلهم في حرج، وأظهر عدم رضاه فصلّى قاعداً، وبقي القوم قائمين.. وأهل السُنّة يأتون بها كفضيلة لأبي بكر، وأنّها إقرار من النبيّ(صلّى الله عليه وآله) لصلاة أبي بكر؛ ولكن لو نظر المنصف المحلّل للأحداث والأوامر والأفعال النبوية لوجد أنّ ذلك عكس ما يفهمون! وإلاّ لماذا يخرج النبيّ(صلّى الله عليه وآله) وهو بتلك الحالة الشديدة، إذ أنّه كان متكأ على عليّ(عليه السلام) والفضل بن العبّاس، ومع ذلك فرجلاه تخطّان الأرض.. فأيّ خفة، وأيّ تحسّن طرأ عليه(صلّى الله عليه وآله) بزعمهم؟! ثمّ إنّه(صلّى الله عليه وآله) صلّى إماماً وجالساً وهو في تلك الحالة الصحية العصيبة، فإن كان موافقاً ومرتاحاً وراضياً على إمامة أبي بكر هذه، فلِمَ كلّ هذا العناء والجهد الشديدين؟! وكذلك ينقض وقوع هذا الأمر: إنفاذ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) أبي بكر وعمر وغيرهم من شيوخ قريش في جيش أُسامة حين مرض النبيّ(صلّى الله عليه وآله)، فكيف يأمره بالخروج والالتحاق تحت إمرة فتى لم يبلغ العشرين من عمره، وفي نفس الوقت يجعله إماماً للصلاة بالناس في المدينة مع ذلك النفير العام..؟ خرّج ذلك ابن حجر في (فتح الباري)، وقال ردّاً على ابن تيمية إنكاره خروج أبي بكر وعمر في سرية أُسامة في كتاب الردّ على ابن المطهّر: ((ومستند ما ذكره - أي: ابن المطهّر - ما أخرجه الواقدي بأسانيده في المغازي (30) ، وذكره ابن سعد أواخر الترجمة النبوية بغير إسناد (31) ، وذكره ابن إسحاق في السيرة المشهورة (32) ، ولفظه: بدأ برسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) وجعه يوم الأربعاء، فأصبح يوم الخميس فعقد لأسامة، فقال: (أغز في سبيل الله وسر إلى موضع مقتل أبيك فقد ولّيتك هذا الجيش)، فذكر القصّة وفيها: لم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلاّ انتدب في تلك الغزوة منهم أبو بكر وعمر...)). إلى أن قال: ((ذكر ذلك كلّه ابن الجوزي في المنتظم جازماً به (33) ، وذكر الواقدي، وأخرجه ابن عساكر (34) من طريقه مع أبي بكر وعمر أبا عبيدة وسعداً وسعيدا وسلمة بن أسلم وقتادة بن النعمان)) (35) . وهذا إبعاد عن المدينة!! فلو كان النبيّ(صلّى الله عليه وآله) يرى بأنّ أبا بكر خليفته، ويرضى بذلك، وقد أمره بالصلاة بالناس إشارة لذلك، فكيف يبعثه في ذلك البعث ويؤمّر عليه فتى صغيراً؟! فهذه التناقضات الحافّة بهذه الحادثة، التي تنقضها جملة وتفصيلاً، تثبت بأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) لم يأمر أبا بكر بالصلاة بالناس, ولم يرضَ ببقائه في المدينة أصلاً، ناهيك عن أمره له بذلك ليشير إلى خلافته ويفضّله بهذه الطريقة! وبالمناسبة، فلو كان أبو بكر بهذه الأهمّية، فلماذا لا توجد رواية واحدة فيها أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) قد أمر أبا بكر بذلك مباشرة ودون واسطة؟!! فكلّ الروايات المدّعاة في أمر النبيّ(صلّى الله عليه وآله) تنصّ على أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) قد قال: (مروا أبا بكر فليصلّ بالناس).. فأين كان أبو بكر عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله) ليأمر الناس بأمر أبي بكر ليصلّ بهم؟!! أفلا يوحي ذلك أنّ الأمر قد صدر ممّن تقوّل على رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، واستغل وجع النبيّ(صلّى الله عليه وآله) وإغمائه، فأمر بلالاً، أو غيره، ليخبر الناس بأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) قد قال ذلك.. فلمّا أفاق النبيّ(صلّى الله عليه وآله) ووجدهم قد فعلوا ما كان يخشاه، خرج متّكئاً على عليّ والفضل بن العبّاس (اللذين لم يصلّيا خلف أبي بكر!)، ورجلاه تخطّان الأرض، ليبيّن للكلّ بأنّه لم يُصدر ذلك الأمر مطلقاً، وأنّه غير راضٍ بذلك, وإنّما صدر ذلك منهم باجتهادهم ورغبتهم المخالفة لأمر النبيّ(صلّى الله عليه وآله). خصوصاً لو أخذنا بنظر الاعتبار سؤال النبيّ(صلّى الله عليه وآله) عن صلاة الناس وإقامتهم لها من عدمها، في كلّ مرّة يفيق فيها، ومحاولته الوضوء والخروج إليهم، وهو في تلك الحالة الصعبة قبل خروجه ذاك. ويشهد لما قلناه هنا: ما رواه أحمد في (مسنده): عن ابن عبّاس، قال: ((لمّا مرض رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) مرضه الذي مات فيه، كان في بيت عائشة، فقال: (ادعوا لي عليّاً). قالت عائشة: ندعو لك أبا بكر؟ قال: ادعوه. قالت حفصة: يا رسول الله! ندعو لك عمر؟ قال: ادعوه. قالت أُمّ الفضل: يا رسول الله! ندعو لك العبّاس؟ قال: ادعوه. فلمّا اجتمعوا رفع رأسه فلم ير عليّاً، فسكت، فقال عمر: قوموا عن رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم)...)) (36) ، إلى آخر القصّة. وهذه الرواية لو جمعناها مع قوله(صلّى الله عليه وآله) لنسائه: (إنّكنّ لأنتنّ صواحب يوسف) (37) ، وقول حفصة لعائشة: ((والله ما كنت لأُصيب منكِ خيراً))، كما يروي هذه الكلمات البخاري (38) ، فإنّنا نفهم جيّداً من الذي أمر أبا بكر وعمر بالصلاة.. خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار اعتراض النبيّ(صلّى الله عليه وآله) على إمامتهم تلك؛ فإنّه(صلّى الله عليه وآله) حين سمع صوت عمر يصلّي بهم (كما يروون)، قال: (يأبى الله ذلك والمؤمنون) (39) ، وحين يسمع صوت أبي بكر يصلّي بهم يخرج يهادى بين رجلين ورجلاه تخطّان الأرض، ويجلس ويصلّي بهم، فكيف يتّفق عمل رسول الله(صلّى الله عليه وآله) مع أمره وقوله ذاك؟! فكلّ ذلك، من إنكار النبيّ(صلّى الله عليه وآله) على نسائه، ووصفه لهنّ بأنّهنّ صويحبات يوسف(عليه السلام).. وردّ حفصة على عائشة وهي مغضبة، ومثبتة لنا إنكار النبيّ(صلّى الله عليه وآله) عليها.. وطلبه عليّاً(عليه السلام).. وسكوته حين أحضروا غيره.. وإنكاره الشديد على إمامة عمر.. وخروجه وهو بتلك الحالة للصلاة وعزل أبي بكر من إمامتهم بها.. ودوران الحديث على عائشة فقط؛ لأنّها هي الحاضرة الوحيدة عند النبيّ(صلّى الله عليه وآله)، دون عمر، وأبي موسى، وابن عمر، وأنس، وبريدة، وغيرهم.. وهي من جاءت بأبيها حينما طلب النبيّ(صلّى الله عليه وآله) عليّاً(عليه السلام).. وهي من أرسل بلالاً إلى أبي بكر لأمره بالصلاة بالناس.. وهي التي روت الرواية، وأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) كان في بيتها أيّام مرضه كلّها.. وأنّها روت بأنّها طلبت من حفصة أن تطلب من النبيّ(صلّى الله عليه وآله) أن يصلّي أبيها للناس، فزجرهنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) بتلك الكلمة.. وهي التي تروي بأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله)، على شدّة مرضه وإغمائه لأكثر من مرّة حاول الوضوء والخروج للصلاة فيغمى عليه، ويحاول أُخرى حين يفيق، دون أن يطلب من أبي بكر الصلاة بدلاً عنه، وحينما يصلّي أبو بكر بالناس يخرج لهم وهو بتلك الحالة، ويصلّي بهم، ويعزله فعلاً وليس قولاً، كما فعل ذلك مع عمر.. كلّ ذلك يظهر جلياً موقف النبيّ(صلّى الله عليه وآله) من هذه الصلاة، ومن هذا التخلّف عن البعث، وهذا التقدّم على الناس بلا إذن ولا أمر.. ويظهر أيضاً أنّ الأمر بالصلاة لم يخرج منه(صلّى الله عليه وآله)؛ لأنّه مناقض لكلّ ما بيّناه! ومن هنا فنحن نرجّح كثيراً بأنّ عائشة هي من تصدّت لذلك، تمهيداً لأبيها، وتهيئة لما تواطؤوا عليه، وخشية من أمر النبيّ(صلّى الله عليه وآله) عليّاً(عليه السلام) بالصلاة بالناس دون غيره، وبالتالي يثبت تقديمه(عليه السلام) على من سواه، ويتأكّد ما أراده(صلّى الله عليه وآله) وما بلّغه من نصوص تقديم عليّ(عليه السلام) وخلافته من بعده على كلّ مؤمن، والله العالم. ودمتم في رعاية الله

1