logo-img
السیاسات و الشروط
مرتضى - بلجيكا
منذ 5 سنوات

فضيلة أبي بكر لأنه من مؤسسين مسجد قباء

حدث هناك نقاش غريب بين بعض الموالين وبعض المخالفين: فقال أحد المخالفين ما معناه: أنّ أبا بكر كان من المؤسّسين لمسجد قباء، أو هكذا فهمت من كلامه, كونه كان على حدّ زعمه يصلّي في موضع من مسجد قباء قبل بناءه مع جماعة من الصحابة بإمامة سالم مولى حذيفة، أو غيره قبل بناء المسجد.. الحقيقة لا أتذكّر تفاصيل الكلام على وجه الدقّة, فقال مستشهداً بهذه الحادثة: بأنّ أبا بكر كان من المؤسّسين والمصلّين في موضع مسجد قباء المبارك قبل بناءه, وهو إذا من المشمولين بهذه الآية الكريمة: (( لَمَسجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقوَى مِن أَوَّلِ يَومٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ )) (التوبة:108)، فهو من الرجال الذين يحبّون أن يتطهّروا, والله يُحبّ المطهِّرين, وهذا المسجد بني على أساس التقوى. أي بهذا يريد أن يثبت فضل أبا بكر الذي لا يثبت له فضلاً! فما هو الجواب العلمي الدقيق على ما أثاره هذا المخالف؟ أرجو التفصيل أيضاً ببيان تأريخ هذا المسجد المبارك؟


الأخ مرتضى المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نقول: إن صحّ هذا الاستدلال، فنتيجته تكون هدم لأساس ما بني عليه خلافة أبي بكر عند أهل السُنّة! فبما أنّ هذه الأخبار وردت في صحاح أهل السُنّة، والتي دلّت على أنّ أبا بكر كان يصلّي في المدينة في مسجد قباء خلف سالم مولى أبي حذيفة، هو وعمر وآخرون، ولم يكن رسول الله(صلّى الله عليه وآله) قد هاجر بعد كما في (صحيح البخاري) (1) ، وبالتالي فلا يكون هو المقصود من قوله تبارك وتعالى: (( ثَانِيَ اثنَينِ إِذ هُمَا فِي الغَارِ )) (التوبة:108)، هذا أوّلاً . ثانياً: قد ورد أيضاً بعدّة طرق أنّ المقصود بـ(( لَمَسجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقوَى ))، هو مسجد رسول الله(صلّى الله عليه وآله) (2) . ثالثاً: إنّ مسجد قباء بناه رسول الله(صلّى الله عليه وآله) حين أقام في قباء منتظراً قدوم عليّ(عليه السلام) من مكّة قبل دخوله(صلّى الله عليه وآله) المدينة (3) ، وروي أنّه كان بإشارة من عمّار بن ياسر (4) ، ولم يرد في قصّة تأسيسه أنّه كان موضع صلاة المهاجرين (5) ، بل روى البخاري أنّ من هاجر قبل النبيّ(صلّى الله عليه وآله) كانوا يصلّون في موضع بقباء اسمه العصبة (6) . وقيل: إنّ بانيه بنو عمرو بن عوف في مكان صلاة النبيّ(صلّى الله عليه وآله) عندما نزل قباء (7) . فلا علاقة لسالم وأصحابه الذين هاجروا قبل النبيّ(صلّى الله عليه وآله) بهذا المسجد أصلاً. رابعاً: أجمع المفسّرون أنّ قوله تعالى: (( فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ )) ، نزل في قوم من الأنصار من أهل قباء من بني عمرو بن عوف، وكانوا يستنجون بالماء (8) ، وإدخال غيرهم لا يعدوا كونه تمحّل وتشهّي لا يبتني على دليل أو فهم من القرآن، لأنّ في للظرفية والضمير في (فيه) يعود على المسجد الذي أُسس على التقوى، وهو مسجد قباء، ولا تصدق الظرفية لمن صلّى في موضع المسجد من المهاجرين مع سالم - لو سلّمنا به - (9) قبل بناءه، إذ لا مظروف حينئذٍ، والآيات من سورة التوبة نزلت بعد رجوع النبيّ(صلّى الله عليه وآله) من تبوك بعد زمن طويل من بناء رسول الله(صلّى الله عليه وآله) لمسجد قباء. فخرج بذلك سالم ومن صلّى خلفه من المهاجرين الأوّلين كأبي بكر وعمر وغيرهما عن المدح في الآية بسبب النزول المجمع عليه، حتّى لو حملنا روايات صلاة سالم على أنّها كانت في المسجد بعد بناءه. ودمتم في رعاية الله

1