العلقم - اليمن
منذ 4 سنوات

حدييث النبي ص في فضيلة ابوبكر

إنّ ما ورد في فضل أبي بكر من الآيات والأحاديث الكثير والكثير، وما يجادل في هذا إلاّ متّبع هوى، وصاحب زيغ. فقد جاء كثير من الأحاديث في فضله ومناقبه، فقد قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله): (لو وضع إيمان أبي بكر في كفّة وإيمان الأُمّة في كفه لرجحت كفّة أبي بكر)، ومن هذا الكثير والكثير، فأين ذهبتم بكلّ هذه الأحاديث؟! وارجعوا إن شئتم إلى كتاب (الإصابة في تمييز الصحابة) تجدون الكثير والكثير من مناقبه وفضائله.


الاخ العلقم المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنّ البحث العلمي لا يتم هكذا بالادّعاءات والأحكام الكلّية، وفرض المسلّمات والمشهورات دونما دليل. فقولك: ((وما يجادل في هذا إلاّ متّبع هوى، وصاحب زيغ، فقد جاء كثير من الأحاديث في فضله ... المزید)) الخ، يدلّ على أنّك مدفوع بالعاطفة لا التحقيق والتنقيح، وإلاّ فليس هذا طريق الاستدلال والإثبات المتّبع لدى من ينشد الحقّ, فهل لك أن تبدأ بهذا الكثير الذي تدّعيه من أوّله، فتورد آية آية، أو حديث حديث، ثمّ فضيلة بعد فضيلة حتّى نبيّن لك عوارها. وعلى العموم فإنّا نرجعك إلى بعض كلام علمائك في فضائل أبو بكر. قال الفيروزآبادي في (سفر السعادة) عند إيراده لأحاديث لم يثبت منها شيء صحيح عند جهابذة علماء الحديث في خاتمة كتابه: ((وباب فضائل أبي بكر الصديق أشهر المشهورات من الموضوعات: (إنّ الله يتجلّى للناس عامّة ولأبي بكر خاصّة), وحديث: (ما صبّ الله في صدري شيئاً إلاّ وصبّه في صدر أبي بكر), وحديث: (كان(صلّى الله عليه وآله) إذا اشتاق الجنّة قبّل شيبة أبي بكر), وحديث: (أنا وأبو بكر كفرسي رهان), وحديث: (إنّ الله لمّا اختار الأرواح اختار روح أبي بكر).. وأمثال هذا من المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل)) (1) . ونقل العلجوني في في خاتمة كتابه (كشف الخفاء) كلام الفيروزآبادي السابق (2) . وذكر السيوطي في (اللآلئ المصنوعة) ثلاثين حديثاً من أشهر فضائل أبي بكر (3) ، ممّا اتّخذه المؤلفون في القرون الأخيرة من المتسالم عليه، وأرسلوه إرسال المسلّم بلا أي سند، أو أي مبالاة. ومن هذه الأحاديث المدّعاة التي ليس لها سند، هذا الحديث الذي ذكرت: (لو وضع إيمان أبي بكر في كفّة وإيمان الأُمّة في كفّة لرجحت كفّة أبي بكر)، فإنّا لم نجد له سند في كتبكم، ولعلّ بحثنا كان ناقصاً، فتفضّل علينا بسنده. نعم، جاء ما يقاربه في المعنى بأسانيد، ولكن كلّها مكذوبة مدخولة, كحديث الرؤيا التي رآها رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، الذي رواه أحمد عن أبي أُمامة (4) ، تسلسل فيه الضعاف المناكير المتروكين، كـ: مطرح بن زيد الكوفي، وعبيد الله بن زحر الأفريقي، وعلي بن زيد الألهاني، والقاسم بن عبد الرحمن الشامي، قال ابن حبّان: عبيد الله يروي الموضوعات عن الأثبات، فإذا روى عن علي بن زيد أتى بالطامّات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن زيد والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن متن ذلك الحديث إلاّ ما عملته أيديهم (5) . أو الذي رواه أحمد عن ابن عمر (6) ، وفيه: عبيد الله بن مروان؛ لا يعرف إلاّ من رواية بدر بن عثمان عنه في هذا السند، وبدر بن عثمان مولى عثمان بن عفّان. وفيه: أبو عائشة، غير معروف؛ قاله علي بن المديني (7) . ورواه بدر مرّة أُخرى عن عمّه (8) ؛ وفي السند سيف بن عمر الوضّاع، والظاهر أنّ بدر وضع له الأسانيد. أو ما رواه الطبراني عن معاذ بن جبل (9) ، وفيه: عمرو بن واقد الكذّاب، قال الذهبي في ذكر أحاديثه، وهذا منها: وهذه الأحاديث لا تعرف إلا من رواية عمرو بن واقد، وهو هالك (10) . أو ما رواه الطبراني أيضاً عن عرفجة مرّة (11) ، وعن أُسامة بن شريك مرّة أخرى (12) ، وفيه: عبد الأعلى بن أبي المساور، متروك (13) . أو مارواه ابن عدي عن ابن عبّاس (14) ، وفيه: معروف بن أبي معروف البلخي، وهو ليس بمعروف؛ قاله ابن عدي، وقال عن الحديث: غير محفوظ. وكحديث الرؤيا المنسوبة إلى رجل حكاها إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، المروية في السنن، رواه أحمد (15) ، وأبو داود السجستاني (16) ، وأبو داود الطيالسي (17) ، وابن أبي شيبة (18) ، وغيرهم: عن أبي بكرة، وفيه: علي بن زيد بن جدعان، ضعيف لا يحتجّ به (19) .. ورواه بسند آخر: أبو داود السجستاني (20) ، والترمذي (21) ، والحاكم (22) ، والنسائي (23) عن أبي بكرة أيضاً، وفيه: الحسن البصري، وهو مدلّس، ولم يصرّح بالتحديث فيه عن أبي بكرة. وأصل الحديث من أبي بكرة الثقفي، وكان منحرفاً عن عليّ(عليه السلام)، بل روى ابن عساكر عن طريق قتادة عن الحسن عن أبي بكرة، أن صاحب الرؤيا هو أبو بكرة نفسه (24) ، وبذلك وضحت الفرية! وروي أيضاً: عن سفينة مولى أمّ سلمة؛ رواه الحاكم في المستدرك (25) ، وفيه: المؤمّل بن إسماعيل، لا يحتجّ به، يروي المناكير عن شيوخه الأثبات. أمّا ما جاء بلفظ: (لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان الناس لرجح إيمان أبي بكر) (26) ، فهو موقوف على عمر. وبلفظ: (لو وضع إيمان...)، عن ابن عمر مرفوعاً بسند ضعيف (27) ، وادّعاء المتابعة بالحديث الذي أخرجه ابن عدي عن عبد الله بن عبد العزيز لا يجدي بعد أن حكم عليه ابن عدي نفسه بعدم المتابعة (28) ، ومن هنا يظهر أن هذه القولة من عمر وأتباع عمر، نسبت إلى النبيّ(صلّى الله عليه وآله) بعد أن وضعت لها الأسانيد؛ فلاحظ! ودمتم في رعاية الله