( 20 سنة ) - العراق
منذ 4 سنوات

الغفله

السلام عليكم شيخنا الكريم ما هي الغفله واي وقت تحدث اكثر شي ؟


الغفلة، وهي رذيلة مضادة لفضيلة التفكر والتأمل من وجهة أخلاقية كلما كان التفكر والتأمل عالياً ورفيعاً يوجب ارتفاع الإنسان وتكامله. أما رذيلة الغفلة ورغم صغرها فانها تحط الإنسان وتجره إلى السقوط وحسب تعبير القرآن الشريف فانها تهبط بالإنسان إلى مستوى الحيوان بل أكثر. (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) الأشخاص الذين تحطم الغفلة قلوبهم لهم أعين ولكن لا يبصرون ولهم أذان ولكن لا يسمعون ولهم قلوب ولكن لا يفهمون، أولئك كالحيوانات بل هم أحقر منها. وحتى لو لم يكن عندنا شيء حول الغفلة سوى هذه الآية الشريفة فانها تكفي لنقول أن الغفلة من الصفات المذمومة. وفي آية اخرى يقول تعالى بأن الغفلة تغلق القلب وتختم السمع والبصر. (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون) الغافلون بلا قلوب، قلوبهم مغلقة، لا يملكون القلب الواعي ولا الأذن السامعة حقيقة ولا العين الباصرة حقيقة وبالنتيجة فان قُفل الغفلة أوصل هؤلاء إلى مستوى الحيوانية صفة الغفلة على العكس من صفة الانتباه، تجر الإنسان إلى السقوط. وتفقده الدنيا كما تفقده الآخرة.… تحصل الغفله : الغفلة عن العدو: الشيء الأول الذي يجب ان نلتفت إليه هو أن هذه الصفة تؤدي إلى الغفلة عن العدو، ومن يغفل عن عدوه يمكنه من القضاء عليه. فالغفلة في الخط الأول من جبهة الحرب تؤدي إلى إبادة ذلك الخط وإبادة الجند. ـ العدو الأول: الشيطان: يجب أن نعلم أن لنا عدواً شرساً، أقسم على العداوة. القرآن الكريم ذكر أن الشيطان جادل الله وعانده عدة مرات وأقسم خلال جداله أن يغوي عباده ليجعلهم من أهل النار عدا المخلصين منهم ـ المعصوم أو من يتلو المعصوم ـ. (قال فبعزتك لأعوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين) والغفلة لها مراتب ودرجات تشبه مراتب التفكر والتأمل ولكن لا نتطرق إليها. وموضوع اليوم يدور حول الغفلة باعتبار متعلقها لا بلحاظ مراتبها. ـ العدو الثاني: هوى النفس: العدو الثاني النفس الأمارة وهواها وحواسها، وهذه النفس الامارة التي يخاف منها مثل حضرة يوسف (ع)، حيث يقول في دعائه لله (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) العدو الثالث: الدنيا: عدونا الثالث هو الدنيا، والدنيا عدو عجيب للإنسان، القرآن الشريف في آيات كثيرة ينبه الإنسان أن يكون على حذر من لمعانها وبريقها، أن ينتبه من الوقوع بمكرها وخداعها، لأن الآخرة لا تجتمع مع الدنيا الحرام. (يا أيها الناس إنَّ وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) 2 ـ الغفلة عن العمر: الغفلة الثانية التي تسبب الخيبة، هي الغفلة عن العمر. العمر نعمة غالية بشكل استثنائي، ولا توجد نعمة أرقى منها بعد نعمة الولاية. المثل المشهور بين عامة الناس ان العمر كالذهب. ولكن هنا خطأ، وهذا التشبيه اشتباه، العمر ليس ذهباً بل هو أكثر قيمة من الذهب، إذا التفت الإنسان إلى العمر والشباب لاستطاع في شبابه أن يؤمن سعادة الدنيا والآخرة. نحن كثيراً ما نجد أشخاصاً لم يمض من أعمارهم أربعون أو خمسون سنة لكنهم أصبحوا من المفاخر بسبب التفاتهم لأعمارهم فمنهم من كتب أكثر من مائتي كتاب لترويج الإسلام والتشيع وفقه التشيع. وعلى عكس هؤلاء نجد كثيراً من الأشخاص عمّروا مائة سنة، ولكنهم أتوا كحيوان، واكلوا كحيوان، وذهبوا من الدنيا كحيوان لا غير. أو كما تقول الرواية جاء كحجر وعاد إلى مكانه في جهنم رويداً رويداً، كإنسان عاش سبعين عاماً وعندما مات ذهب مباشرة إلى جهنم. (إن المنافقين في الدّرك الأسفل مِنَ النار) هنا سوء الحظ لغفلة الناس ونومهم عن أعمارهم، كما قال النبي الأكرم (ص): (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا). الناس نيام ولا يستيقظون من نومهم إلا عندما يرون عزرائيل حاضراً. 3 ـ الغفلة عن القابليات: الغفلة الثالثة والموضع الذي يركز عليه القرآن هو الغفلة عن ملكات الإنسان، هذا الإنسان موجود عجيب وكما يعبر القرآن فالإنسان (أمين الله)، وهذا الأمين الالهي يستطيع التصرف بقابلياته حتى يصل المقام الراقي، لكنه مع الأسف لا يستفيد من هذه القابليات. يقول تعالى في آية الأمانة: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوماً جهولاً)(14). نحن عرضنا الأمانة على عالم المخلوقات، ولكنها لم تكن تمتلك مؤهلات القبول هذا الإنسان فقط كان لديه القدرة والقابلية وقد قبل الأمانة. ولكن القرآن يقول: (إنه كان ظلوماً جَهُولا). 4 ـ الغفلة عن الموت: غفلة الإنسان الرابعة هي الغفلة عن الموت، كلنا نعلم بأننا سوف نموت، ولكننا نغفل عن هذا الموت ونغفل عن القبر ونغفل عن القيامة ونغفل عن جهنم ونغفل عن الجنة. هذه الغفلة جعلتنا عاجزين، فيجب على الإنسان في كل يوم أن يغور في أعماق نفسه مرة أو مرتين أو ثلاث مرات، ليفكر بالموت. أنا وأنتم هل سنتمكن من الخروج من هذا المكان أم لا؟ ليس ذلك معلوماً. هل سأتمكن أنا من النزول عن المنبر أم لا؟ ليس ذلك معلوماً. هل هذه الليلة أول ليلة قبرنا أم لا؟ ليس ذلك معلوماً. كلنا جميعاً غافلون عن الموت، لو نزل الموت فهل ستكون أول ليلة في القبر. ليلة راحة لنا أم ليلة شدة علينا؟. أمر القبر صعب وصعب جداً. ورد في الرواية أنّ شخصاً دفن، وعندما وصل النبي الأكرم (ص) كان التراب قد أهيل على القبر، فوضع النبي يده على القبر وقرأ الفاتحة وبكى حتى ابتل تراب القبر من دموع عينيه المباركتين، ثم قال: (يجب التفكير بهذا المكان، يجب العمل. لا يتم الأمر بلا عمل). جاء في الروايات: أنّ القبر ينادينا كل يوم، ولكننا أصماء في عالم الفتنة هذا، ولو كانت الأذن صاغية لسمعت نداء القبر كل يوم، فهو ينادي أنا بيت الظلمة فابعثوا لي بالنور أنا بيت الوحشة فابعثوا لي بأنيس، أنا بيت العقارب والحيات ولقد استحالت أعمالك السيئة عقارب وحيات فابعث شيئاً يعني توبة وإنابة تقتل العقارب والحيات، أنا بلا فراش فابعثوا لي بفراش، فالقبر ينادينا بشكل متواصل. انتبه ستكون في بطني ففكر لهذا البيت واعمر هذا البيت…

5