تذكر بعض مصادر الشيعة أنّ الرسول(صلّى الله عليه وآله) اصطحب أبا بكر في الهجرة إلى المدينة خشية من أن تتسرب من خلاله معلومات حول طريق الهجرة. هل ترون هذا مقنعاً؟
الأخ عبد الخالق المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنّ كيفية اصطحاب النبيّ(صلّى الله عليه وآله) لأبي بكر في هجرته - حسب أخبار أهل السُنّة - مختلفة، وذلك لاختلاف الأحاديث فيها، والترجيح فيها صعب، لوجود روايات متضاربة عندهم!
فإحداها فيها: أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) هو الذي ذهب إلى بيت أبي بكر ظهراً وأخبره بهجرته، وأخذه معه (1) . وأُخرى: إنّ أبا بكر اتّبع النبيّ(صلّى الله عليه وآله) ودخل معه الغار من دون ذكر لكيفية معرفته بخروج النبيّ(صلّى الله عليه وآله) (2) . وأُخرى: أنّه ذهب إلى بيت رسول الله(صلّى الله عليه وآله) فوجد عليّاً(عليه السلام)، فأخبره عليّ(عليه السلام) بوجود النبيّ(صلّى الله عليه وآله) عند بئر ميمونة، وقال له: أدركه (3) .
والأُولى وردت عن عائشة، وهي مردودة؛ لمخالفتها المقطوع من خروجه ليلاً من منزله إلى الغار بعد أن بيّتته قريش. وأمّا عندنا، ففي بعض الروايات: أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله) استتبع أبا بكر وهند بن أبي هالة وأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره في طريقه إلى الغار، فلمّا وصل إليهما أخذهما معه إلى الغار، ثمّ أرجع رسول الله(صلّى الله عليه وآله) هند إلى بعض أمره وبقي أبو بكر معه في الغار (4) .
وفي بعضها: أنّه لا قاه في طريق الغار فأخذه معه حذراً من انكشاف أمره (5) .
فالاحتمال في علّة أخذه وارد على كلّ الوجوه، ولا مرجّح إلاّ بقرينة، فمن أحسن به ظنّاً وقدّسه نفى التهمة عنه.. ومن قال: إنّه رجل عادي وليس موثوقاً عند النبيّ(صلّى الله عليه وآله) بدرجة كبيرة، ولا ذو إيمان قويّ بحيث أنّه لو عذّب سوف يصبر حتّى الموت ولا يخبر بمكان رسول الله(صلّى الله عليه وآله) أو طريقه، قال: إنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله) صحبه خوفاً من انكشاف أمره.. ولا رواية تصرّح بعلّة أخذه، وهو أمر يقع على وجوه وعلل شتّى، فالله أعلم.
ودمتم في رعاية الله