م / محمد - مصر
منذ 4 سنوات

شأن نزول الأية

يرى ابن تيميّة بأنّ آية: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُم سُكَارَى )) (النساء:6)، نزلت في جماعة، منهم: عليّ(عليه السلام).(منهاج السُنّة 7/237). فما هو رأيكم في عقيدته هذه؟


الاخ المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اعتمد ابن تيميّة في رأيه هذا على رواية رواها الترمذي بإسناده عن أبي عبد الرحمن السلمي, وفيه غير واحد من المجروحين، منهم: أبو جعفر الرازي؛ لا يحتجّ به منفرداً (1) ، وقد عارضه غيره في هذا الحديث، وعطاء بن السائب؛ خلط في آخر عمره، وأبو جعفر الرازي روى عنه بعد تخليطه (2) . وأخرج الحاكم عن طريق سفيان، عن عطاء بن السائب - وسفيان روى عن عطاء قبل الاختلاط - عن أبي عبد الرحمن، عن عليّ(عليه السلام)، قال: (دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر فحضرت صلاة المغرب، فتقدّم رجل فقرأ: (( قُل يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ )) (الكافرون:1)، فالتبس عليه، فنزلت: (( لاَ تَقرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُم سُكَارَى حَتَّى تَعلَمُوا مَا تَقُولُونَ )) الآية).. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه - ووافقه الذهبي على تصحيحه (3) - وفي هذا الحديث فائدة كثيرة, وهي: أنّ الخوارج تنسب هذا السكر وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب دون غيره، وقد برّأه الله منها؛ فإنّه راوي هذا الحديث)) (4) . ومن كلام الحاكم يتّضح أنّ من نسب هذه الفرية إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) هم الخوارج، وابن تيمية داخل معهم هنا، يقول بقولهم. كما أخرج الحاكم وصحّحه أيضاً بنفس سند سفيان عن طريق أحمد بن حنبل: أنّ عبد الرحمن بن عوف هو الذي صلّى بهم المغرب والتبس عليه في قراءة سورة الكافرون. ثمّ قال: ((وقد اختلف فيه على عطاء بن السائب من ثلاثة أوجه، هذا أوّلها وأصحّها)). ثمّ أخرج الوجه الثاني عن سفيان أيضاً، وفيه أنّ القارئ هو عبد الرحمن بن عوف. وأمّا الوجه الثالث، فأخرجه عن خالد بن عبد الله، عن عطاء بن السائب، وفيه أيضاً: أنّ القارئ عبد الرحمن بن عوف. ثمّ قال: ((هذه الأسانيد كلّها صحيحة، والحكم لحديث سفيان الثوري؛ فإنّه أحفظ من كلّ من رواه عن عطاء بن السائب)) (5) . فردّ الحاكم هنا الطريق الذي أخرجه الترمذي، وأبان علّته. ومن الجدير ذكره أنّ هناك أحاديث تذكر سبب نزولٍ آخر للآية؛ فقد أخرج الحاكم بسنده عن حارثة بن مضرب، أنّه قال: ((قال عمر(رضي الله عنه): اللّهمّ بيّن لنا في الخمر. فنزلت: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُم سُكَارَى حَتَّى تَعلَمُوا مَا تَقُولُونَ )) إلى آخر الآية، فدعا النبيّ(صلّى الله عليه وآله) عمر، فتلاها عليه، فكأنّها لم توافق من عمر الذي أراد، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر. فنزلت: (( يَسأَلُونَكَ عَنِ الخَمرِ وَالمَيسِرِ قُل فِيهِمَا إِثمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثمُهُمَا أَكبَرُ مِن نَفعِهِمَا )) (البقرة:219)، فدعا النبيّ(صلّى الله عليه وآله) عمر، فتلاها عليه، فكأنّها لم توافق من عمر الذي أراد، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر. فنزلت: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزلَامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ )) ، حتى انتهى إلى قوله: (( فَهَل أَنتُم مُنتَهُونَ )) (المائدة:90-91)، فدعا النبيّ(صلّى الله عليه وآله) عمر، فتلاها عليه، فقال عمر: انتهينا يا ربّ)). ثمّ قال: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) (6) . ولهذا الحديث طرق أُخر عن عمر (7) ، وقال ابن حجر في (فتح الباري): ((وصحّحه علي بن المديني والترمذي)) (8) ، بل رووا في تفصيل سبب نزول الآيات الثلاث روايات أُخر عن أنس ساقي القوم في دار أبي طلحة، وأنّهم كانوا أحد عشر صحابيّاً، وفي رواية ابن مردويه عن طريق عيسى بن طهمان، عن أنس: أنّ أبا بكر وعمر كانا من ضمنهم، وليس منهم أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام)، وقد نص ابن حجر على نظافة سنده وإن عدّه منكراً وغلطاً (9) . ودمتم في رعاية الله