شبهات ابن تيمية في حروب الامام علي ع
يرى ابن تيمية أنّ حرب عليّ(عليه السلام) مع طلحة والزبير وعائشة، ومع معاوية وأصحابه.. كان رأياً رآه, لكي يطاع هو, وخطّأه فيه الصحابة والتابعون وغيرهم, حتّى من كان معه, حتّى ولده الحسن.. ثمّ إنّه ندم على ذلك, ولو كان لا يجهل العواقب لما فعل!!(منهاج السُنّة: 7: 452, 4: 389, 8: 231، 6: 333, 6: 209, 8: 526, 8: 145).
فإن قلنا لابن تيمية: يوجد في كتب الفريقين بأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان قد أخبره بما يكون، وأمره بالقتال؟
يقول ابن تيميّة: الحديث موضوع: ((لم يرو عليّ - رضي الله عنه - في قتال الجمل وصفّين شيئاً, كما رواه في قتال الخوارج... وأمّا قتال الجمل وصفّين، فلم يرو أحد منهم فيه نصّاً إلاّ القاعدون, فإنّهم رووا الأحاديث في ترك القتال في الفتنة. وأمّا الحديث الذي يُروى أنّه أمر بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين, فهو حديث موضوع على النبيّ)).(منهاج السُنّة 6: 112).
كيف نردّ قول ابن تيمية؟ وما هي قيمة الحديث المذكور عند أهل السُنّة؟
الاخ عصام المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في كلام ابن تيمية عدّة دعاوى:
الأُولى: إنّ عليّاً(عليه السلام) لم يُأمر بقتال أحد إلاّ الخوارج..
وتفصيل الجواب عليه طويل الذيل لا يسع المجال لبسطه هنا، وذكر الأحاديث الدالّة عليه، ولكن يمكن الإشارة إلى بعضها من قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعليّ(عليه السلام) بأنّه: يقاتل على التأويل، وحديث كلاب الحوأب، وقوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للزبير بأنّه: يقاتل عليّ(عليه السلام) وهو ظالم له، وحديث: عمّار تقتله الفئة الباغية، وغير ذلك، وتكفي فيه آية قتال البغاة. الثانية: إنّ القاعدين رووا روايات تدلّ على ترك القتال في الفتنة..
والجواب عليه إجمالاً: عدم ثبوت هذه الروايات أوّلاً.. وثانياً: لو سلّمنا بورود بعضها، فإنّهم تأوّلوها على غير معناها المراد. والتفصيل في ذلك لا يسعه المجال هنا. الثالثة: إنّ حديث أمر النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعليّ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين موضوع..
وفي الجواب نقول: إنّ إثبات هذا الحديث وحده يكفي في الجواب على الدعويين الأُوليين، ويثبت كذب ابن تيمية، وردّه للأحاديث الثابتة عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فهذا الحديث متواتر مقطوع به عندنا، وهو يكفينا حجّة في الحكم الشرعي لقتالهم والاعتقاد بضلال عقيدتهم من جهة حجّية القطع. وأمّا عند العامّة، فروي بطرق كثيرة عن: عليّ(عليه السلام)، وابن مسعود، وعمّار بن ياسر، وأبو سعيد الخدري، وأبو أيوب الأنصاري، وجابر بن عبد الله، وابن عبّاس، منها ما هو حسن، ومنها ما هو قوّي يرتفع مع غيره إلى الصحيح، وبمجموعها تكون مستفيضة، بل متواترة. فممّا روي عن عليّ(عليه السلام):
ما رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده: ((حدّثنا إسماعيل بن موسى، حدّثنا الربيع بن سهل، عن سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة، قال: سمعت عليّاً على منبركم هذا يقول: (عهد إلَيَّ النبيّ(صلّى الله عليه وسلّم) أن أُقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين) )) (1) .
ورواه عن طريق الربيع بن سهل أيضاً: البزّار (2) ، والعقيلي (3) ، وابن عساكر (4) ، وابن الأثير (5) ، وغيرهم.
ورجاله كلّهم ثقات إلاّ الربيع بن سهل، ضعّفوه، لكنّ ابن حبّان ذكره في (الثقات) (6) ، ونسبه إلى جدّه الركين (7) ، ولم يذكروا في سبب تضعيفه إلاّ أنّه: منكر الحديث، قاله أبو زرعة.
وإذا عرفت أنّه روى حديث: (إنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق)، تعرف لماذا حكموا بنكارة حديثه (8) ! بل يتّضح لك الحال في تضعيفه عندما تعرف أنّه من أصحاب الصادق(عليه السلام) (9) .. فهذا الحديث يرقى إلى الحسن.
ومنها: ما رواه البلاذري في (أنساب الأشراف): ((حدّثني أبو بكر الأعين وغيره، قالوا: حدّثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدّثنا فطر بن خليفة، عن حكيم بن جبير، قال: سمعت إبراهيم، يقول: سمعت علقمة، قال: سمعت عليّاً يقول: (أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين). وحُدّثت: أنّ أبا نعيم قال لنا: الناكثون: أهل الجمل، والقاسطون: أصحاب صفّين، والمارقون: أصحاب النهر)) (10) .
ورواه عن طريق فطر: ابن عدي في (الكامل) (11) ، وابن عساكر في تاريخه (12) .
ورجاله ثقات إلاّ حكيم بن جبير الأسدي، ضعّفوه؛ لغلوّه في التشيّع.. وقد صحّح الحاكم أحاديثاً في طريقها حكيم بن جبير، قال في أحدها: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، والشيخان لم يخرجا عن حكيم بن جبير؛ لوهن في رواياته، وإنّما تركاه لغلوّه في التشيّع)) (13) ؛ وقال عنه أبو زرعة: ((محلّه الصدق)) (14) . وحسّن له الترمذي عدّة أحاديث (15) .. فهذا طريق حسن أيضاً. وهناك طرق أُخرى عن عليّ لا تخلو من ضعف:
منها: ما رواه ابن عساكر: عن طريق ابن عقدة، قال: ((أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمّد بن عبد الله، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن أحمد، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسى، أنا أبو العباس بن عقدة، نا الحسن بن عبيد بن عبد الرحمن الكندي، نا بكار بن بشر، نا حمزة الزيات، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علي.. وعن أبي سعيد التيمي، عن عليّ، قال: (أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين) )) (16) .
ومنها: ما رواه أيضاً ابن عساكر: عن طريق أبي الجارود، قال: ((أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو سعد الأديب، أنا السيّد أبو الحسن محمّد بن علي بن الحسين، نا محمّد بن أحمد الصوفي، نا محمّد بن عمرو الباهلي، نا كثير بن يحيى، نا أبو عوانة، عن أبي الجارود، عن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ، قال: (أمرني رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين) )) (17) .
ومنها: عن ابن عساكر أيضاً، قال: ((أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك الفقيه وأبو نصر أحمد بن علي بن محمّد بن إسماعيل، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن خلف، أنا محمّد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن تميم الحنظلي، بقنطرة برذان، نا محمّد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي، حدّثني أبي، حدّثني عمّي عمرو بن عطية بن سعد، عن أخيه الحسن بن عطية بن سعد، عن عطية، حدّثني جدّي سعد بن جنادة، عن عليّ، قال: (أُمرت بقتل ثلاثة: القاسطين، والناكثين، والمارقين، فأمّا القاسطون: فأهل الشام، وأمّا الناكثون: فذكرهم، وأمّا المارقون: فأهل النهروان، يعني: الحرورية) )) (18) .
ومنها: عنه أيضاً، قال: ((أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن محمّد، أنا أبو الحسن محمّد بن عثمان بن محمّد بن عثمان، نا محمّد بن نوح بن عبد الله الجنديسابوري، نا هارون بن إسحاق، نا أبو غسّان، عن جعفر أحسبه الأحمر، عن عبد الجبار الهمداني، عن أنس بن عمرو، عن أبيه، عن عليّ، قال: (أُمرت بقتال ثلاثة: المارقين، والقاسطين، والناكثين) )) (19) .
ومنها، عنه أيضاً، قال: ((أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس، نا وأبو النجم بدر بن عبد الله الشيحي، أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، أخبرني الأزهري، نا محمّد بن المظفر، نا محمّد بن أحمد بن ثابت، قال: وجدت في كتاب جدّي محمّد بن ثابت، أنا أشعث بن الحسن السلمي، عن جعفر الأحمر، عن يونس بن أرقم، عن أبان، عن خليد القصري، قال: سمعت أمير المؤمنين عليّاً يقول يوم النهروان: (أمرني رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين) )) (20) .
وهذا الطريق رجاله شيعة من جعفر الأحمر إلى خليد العصري، وأبان هو أبان ابن أبي عيّاش، متروك عندهم، اتّهمه وتكلّم فيه شعبة، مع أنّهم شهدوا له بالصلاح وعدم تعمّد الكذب (21) .. فمع ما لهذا الحديث من شواهد، خرج عن عهدته أبان بن أبي عيّاش، وارتفع الحديث إلى درجة الحسن والقبول.
ومنها: ما عن الطبراني في (المعجم الأوسط): ((حدّثنا موسى بن أبي حصين، قال: نا جعفر بن مروان السمري، قال: نا حفص بن راشد، عن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد، قال: سمعت عليّاً يقول: (أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين) )) (22) . وفيه: يحيى بن سلمة بن كهيل، ضعّفوه، وذكره ابن حبّان في (الثقات) (23) .
ومنها: ما رواه الموفّق الخوارزمي في (المناقب): بطريقه عن ابن مردويه، قال: ((وبهذا الإسناد عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا، حدّثنا محمّد بن علي بن دحيم، حدّثنا أحمد بن حازم، حدّثنا عثمان بن محمّد، حدّثنا يونس بن أبي يعقوب، حدّثنا حمّاد بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي سعيد التميمي، عن عليّ(عليه السلام)، قال: (عهد إلَيَّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله) أن أُقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين)، فقيل له: يا أمير المؤمنين! من الناكثون؟ قال: الناكثون: أصحاب الجمل، والمارقون: الخوارج، والقاسطون: أهل الشام)) (24) .
وفي هذا الطريق يونس بن أبي يعقوب، والصحيح: ابن أبي يعفور، ضعّفه ابن معين والنسائي والساجي وأحمد بن حنبل، والأكثر على توثيقه، قال فيه ابن أبي حاتم: صدوق، وذكره ابن حبّان في (الثقات)، وقال ابن عدي: ممّن يكتب حديثه، وقال الدارقطني: ثقة، وقال العجلي: لا بأس به (25) .
وحمّاد بن عبد الرحمن الأنصاري، ذكره ابن حبّان في (الثقات)، وضعّفه الأزدي (26) ، وقال عنه ابن حجر: كوفي مقبول (27) .
وأبي سعيد التميمي، والصحيح: التيمي، اسمه: دينار، ولقبه: عقيصاً، تابعي، من أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام)؛ قال فيه الحاكم، بعد أن صحّح طريق هو فيه: وأبو سعيد التيمي، هو: عقيصاء، ثقة مأمون (28) ، ووافقه الذهبي في (التلخيص) (29) ..
وذكره ابن حبّان في (الثقات) مرّة بعنوان: دينار أبو سعيد عقيصاً (30) ، ومرّة بعنوان: عقيصاً أبو سعيد التيمي صاحب الكراش (31) ، والصحيح: (صاحب الكرابيس).
وقد تكلّموا فيه وضعّفوه لأنّه شيعي؛ قال العقيلي: ((كان من الرافضة)) (32) ، ويدلّ عليه: ما قاله فيه ابن معين، قال: ((ليس بشيء، شرٌ من رشيد الهجري وحبّة العرني وأصبغ بن نباتة)) (33) . وروى الخطيب البغدادي حديث أبو سعيد عقيصاً بطريق آخر؛ قال: ((أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي، حدّثنا محمّد بن عبيد بن أبي هارون، حدّثنا إبراهيم بن هراسة، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي سعيد عقيصاً، قال: سمعت عليّاً يقول: (أُمرت بقتال ثلاثة: الناكثين والقاسطين والمارقين. قال: فالناكثين الذين فرغنا منهم، والقاسطين الذين نسير إليهم، والمارقين لم نرهم بعد. قال: وكانوا أهل النهر) )) (34) . وهناك طريق آخر عن عقيصاً، ذكره الحافظ عبد الغني بن سعيد في (إيضاح الإشكال)، قال: ((حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حامد، حدّثنا عبد الله بن أبي داود، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الكرماني بن عمرو، حدّثنا أبو مريم الأنصاري، أخبرني عدي بن ثابت، أنبأنا أبو سعيد مولى الرباب، قال: سمعت عليّاً يقول: (أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين) )) (35) .
فطريق أبو سعيد عقيصاً أقلّه كونه حسن يرتفع مع ما تقدمه من الطرق إلى الصحيح! وأنت ترى أنّهم ضعّفوا رجال هذه الطرق بالتشيّع لا غير!
ومنها: ما رواه أحمد المقدسي الشيباني، المعروف بـ(ابن القيسراني) في (أفراد الدارقطني)، قال: ((شريك أبو عبد الله، عن عليّ، حديث: (أُمرت بقتال الناكثين ... المزید)، الحديث، تفرّد به عبد الله بن الزبير الأسدي والد أبي أحمد الزبيري، عن عبد الله بن شريك العامري، عن أبيه)) (36) .
ورواه ابن عقدة: بطريقه عن عباد، عن عبد الله بن الزبير (37) ..
وفيه: عبد الله بن الزبير الأسدي والد أبي أحمد، وثّقه العجلي (38) ، وذكره ابن حبّان في (الثقات) (39) ، وضعّفه أبو زرعة وأبو نعيم (40) ، وهو من رجال الشيعة (41) ، وعدّه الطوسي من أصحاب الصادق(عليه السلام) (42) .
فهذا طريق أقلّه كونه حسن، يرتفع مع ما مضى من طرق إلى الصحيح.
ومجموع الطرق عن عليّ(عليه السلام) مستفيضة، بل عدّها بعضهم متواترة.
ومنها: ما أورده الدارقطني في (العلل): ((وسئل عن حديث علقمة، عن عبد الله، قال: أُمر عليّ(عليه السلام) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين؟ فقال: يرويه مسلم الأعور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، وخالفه الحسن بن عمرو الفقيمي، فرواه عن إبراهيم، عن علقمة، عن عليّ، ومنهم من أرسله عنه وهو الصحيح، عن إبراهيم، عن عليّ مرسلاً)) (43) .
ومسلم الأعور، هو مسلم الملائي، وسيأتي في طريق ابن مسعود، وطريق الفقيمي صحيح، فالحسن بن عمرو الفقيمي من رجال البخاري، ثقة ثبت حجّة (44) ، وقد عرفت من طريقي البلاذري وابن عقدة أنّ الطريق متّصل عن علقمة عن عليّ(عليه السلام)، وليس مرسلاً، ثمّ حتّى لو كان مرسلاً فإنّ جماعة من الأئمّة صحّحوا مراسيل إبراهيم النخعي (45) ، فالطريق صحيح لا مرية فيه، مضافاً إلى ما في الحديث من طرق حسنة، وهذه مع غيرها من الضعيفة ترفع الحديث إلى الصحيح المستفيض، بل المتواتر. وممّا روي عن ابن مسعود:
ما أخرجه ابن عساكر: عن طريق الحاكم النيسابوري، قال: ((أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك وأبو نصر أحمد بن علي بن محمّد، قالا: أنا أبو بكر بن خلف، أنا الحاكم أبو عبد الله، نا الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أنا الحسن بن علي، نا زكريا بن يحيى الحرار المقرئ، نا إسماعيل بن عباد المقرئ، نا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: خرج رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) فأتى منزل أُمّ سلمة، فجاء عليّ، فقال رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم): (يا أُمّ سلمة! هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين بعدي) )) (46) .
ورواه بطريق آخر عن زكريا بن يحيى بعد هذا الحديث.
قال الألباني: ((وهذا إسناد ضعيف جدّاً، آفته: إسماعيل بن عباد)) (47) ، وهو من أصحاب الإمام الرضا(عليه السلام) (48) . لكن له طريقان آخران عند الطبراني:
أحدهما: في (الأوسط)؛ قال: ((حدّثنا هيثم، نا محمّد بن عبيد المحاربي، ثنا الوليد، عن أبي عبد الرحمن الحارثي، عن مسلم الملائي، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: أُمر عليّ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين)) (49) .
وفيه: مسلم بن كيسان الملائي الأعور، ضعّفوه وتركوا حديثه (50) ، وصحّح الحاكم طريق هو فيه (51) ، وهو من أصحاب الصادق(عليه السلام) (52) .
وثانيهما: في (المعجم الكبير)؛ قال: ((حدّثنا محمّد بن هشام المستملي، ثنا عبد الرحمن بن صالح، ثنا عائذ بن حبيب، ثنا بكير بن ربيعة، ثنا يزيد بن قيس، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: أمر رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين)) (53) .. وفيه: يزيد بن قيس، مجهول. وممّا روي عن عمّار بن ياسر:
ما أخرجه أبو يعلى في مسنده؛ قال: ((حدّثنا الصلت بن مسعود الجحدري، حدّثنا جعفر بن سليمان، حدّثنا الخليل بن مرّة، عن القاسم بن سليمان، عن أبيه، عن جدّه، قال: سمعت عمّار بن ياسر يقول: أُمرت أن أُقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين)) (54) .
وفيه: القاسم بن سليمان؛ قال فيه العقيلي: ((روى عنه: الخليل بن مرّة، ولا يصحّ حديثه))، ثمّ نقل الحديث بنفس السند، وقال: ((لا يثبت في هذا الباب شيء)) (55) ، وذكره ابن حبّان في (الثقات) (56) ، وهو من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام) (57) . ومن هنا تعرف لماذا ضعّفه العقيلي وردّ هذا الحديث!
وروى نصر بن مزاحم في (وقعة صفّين) عن عمر: ((حدّثني صديق أبي، عن الأفريقي بن أنعم، عن أبي نوح الكلاعي، عن عمّار، في ما قاله لعمرو بن العاص: أمرني رسول الله(صلّى الله عليه) أن أُقاتل الناكثين، وقد فعلت، وأمرني أن أُقاتل القاسطين، وأنتم هم، وأمّا المارقون، فلا أدري أدركهم أم لا)) (58) .
وروى ابن أبي الحديد خبر خطبة الحسن(عليه السلام) وعمّار في أهل الكوفة؛ قال: ((قال أبو مخنف: حدّثني جابر بن يزيد، قال: حدّثني تميم بن حذيم الناجي، قال: قدم علينا الحسن بن عليّ(عليه السلام)... إلى أن قال: فقام إليه عمّار بن ياسر، فقال: ... (أما إنّي أشهد أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله) أمر عليّاً بقتال الناكثين، وسمّى له فيهم من سمّى، وأمره بقتال القاسطين)) (59) .
وفي (مجمع الزوائد): ((وعن أبي سعيد عقيصاء، قال: سمعت عمّاراً ونحن نريد صفّين يقول: أمرني رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.. رواه الطبراني. وأبو سعيد متروك)) (60) .
وقد عرفت في ما ذكرناه من طرق الحديث عن عليّ(عليه السلام) أنّ أبو سعيد عقيصاء قال فيه الحاكم: ثقة مأمون، وذكره ابن حبّان في (الثقات)، فهو ليس بمتروك.
فهذا الطريق شاهد قوي على صحّة ما أوردناه بطرق مستفيضة عن عليّ(عليه السلام)، يرتفع به الحديث إلى درجة الصحّة، وإن ضعّفوا رواته لتشيّعهم..
وفي (الكنى والأسماء) للدولابي: ((حدّثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: ثنا الحسن بن عطية، قال: ثنا أبو الأرقم، عن أبي الجارود، عن أبي ربيع الكندي، عن هند بن عمرو، قال: سمعت عمّاراً يقول: أمرني رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) أن أُقاتل مع عليّ الناكثين والقاسطين والمارقين)) (61) . وممّا روي عن أبي سعيد الخدري:
ما أخرجه ابن عساكر؛ قال: ((أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح وأبو منصور أحمد بن علي بن محمّد، قالا: أنا أحمد بن علي بن عبد الله، أنا محمّد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو جعفر محمّد بن علي بن دحيم الشيباني، نا الحسن بن الحكم الحبري، نا إسماعيل بن أبان، نا إسحاق بن إبراهيم الأزدي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: أمرنا رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. فقلنا: يا رسول الله! أمرتنا بقتال هؤلاء، فمع من؟ قال: (مع عليّ بن أبي طالب، معه يقتل عمّار بن ياسر) )) (62) .
وفيه: أبو هارون العبدي؛ ضعّفوه، بل كذّبوه.. ولكنّك إن عرفت أنّه شيعي، وعرفت بعض مروياته، تعرف سبب ذلك!
فعن شعبة، قال: كنت أتلقّى الركبان أيام الجراح، وأسأل عن أبي هارون العبدي؟ فلمّا قدم أتيته، فرأيت عنده كتاباً فيه أشياء منكرة في عليّ، فقلت: ما هذا الكتاب؟ فقال: هذا الكتاب حقّ.
وعن يحيى بن معين، قيل له: ما تقول في أبي هارون العبدي؟ فقال: كانت عنده صحيفة، يقول: هذه صحيفة الوصي..
وعن بهز، قال: قابلت أبا هارون، فقلت: أخرج إلَيَّ ما سمعت من أبي سعيد. فأخرج إلَيَّ كتاباً فإذا فيه: حدّثنا أبو سعيد: أنّ عثمان دخل حفرته وإنّه لكافر. قال: قلت: تؤمن بهذا؟ تقرّ بهذا؟ قال: هو على ما ترى. قال: فدفعت الكتاب في يده وقمت (63) .
قال ابن حبّان في (المجروحين): ((عمارة بن جوين: أبو هارون العبدي، يروي عن أبي سعيد... كان رافضياً)) (64) .
وقال ابن عبد البرّ: ((وكان فيه تشيّع، وأهل البصرة يفرطون في من يتشيّع بين أظهرهم؛ لأنّهم عثمانيون))، وعلّق ابن حجر عليه بقوله: ((كيف لا ينسبونه إلى الكذب وقد روى ابن عدي...))، ثمّ أورد ما ذكرناه عن بهز بن أسد، وقال: ((فهذا كذب ظاهر على أبي سعيد)) (65) . ولا نعلم لماذا هو كذب على أبي سعيد الخدري، وقد رأى صحابة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأهل المدينة، وبقية المسلمين يحلّون دم عثمان، وحرّض على قتله طلحة والزبير وعائشة؟!! ثمّ إنّ بهز بن أسد ناصبي، ومن هنا بان لك: لماذا ضعّفوا أبو هارون، بل كذّبوه! وممّا روي عن أبي أيوب الأنصاري:
ما أخرجه الحاكم بطريقين؛ قال: ((حدّثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ثنا محمّد بن حميد، ثنا سلمة بن الفضل، حدّثني أبو زيد الأحول، عن عقاب (عتاب) بن ثعلبة، حدّثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب، قال: أمر رسول الله(صلّى الله عليه وآله) عليّ بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
حدّثنا أبو بكر بن بالويه، ثنا محمّد بن يونس القرشي، ثنا عبد العزيز بن الخطّاب، ثنا علي بن غراب بن أبي فاطمة، عن الأصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب الأنصاري(رضي الله عنه)، قال: سمعت النبيّ(صلّى الله عليه وآله) يقول لعليّ بن أبي طالب: (تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات وبالشعفات). قال أبو أيوب: قلت: يا رسول الله! مع من نقاتل هؤلاء الأقوام؟ قال: (مع عليّ بن أبي طالب) )) (66) .
والأوّل فيه: عتاب بن ثعلبة، وهو تابعي لا يعرف، والثاني فيه: محمّد بن يونس القرشي، وثّقه بعض، واتّهمه آخرون (67) ، وعلي بن غراب بن أبي فاطمة هو: علي بن الحزور، والأصبغ بن نباتة من الشيعة، ودأبهم في تضعيف الشيعة معروف. وروى الطبراني، قال: ((حدّثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا محمّد بن الصباح الجرجرائي، ثنا محمّد بن كثير، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن مخنف بن سليم، قال: أتينا أبا أيوب الأنصاري وهو يعلف خيلاً له بصعنبي، فَقِلنا عنده، فقلت له: أبا أيوب! قاتلت المشركين مع رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم)، ثمّ جئت تقاتل المسلمين؟!
قال: إنّ رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) أمرني بقتال ثلاثة: الناكثين والقاسطين والمارقين، فقد قاتلت الناكثين وقاتلت القاسطين، وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين بالشعفات بالطرقات بالنهراوات، وما أدري ما هم)) (68) .
وفيه: محمّد بن كثير الكوفي؛ قال فيه ابن معين: ((هو شيعي، ولم يكن به بأس)) (69) ، وخرق أحمد بن حنبل حديثه ولم يرضه (70) ، وضعّفه المديني، وقال: خططت على حديثه، قال البخاري: منكر الحديث (71) ، وقال ابن عدي: الضعف على حديثه بيّن، وقال أبو داود عن أحمد: يحدّث عن أبيه أحاديث كلّها مقلوبة (72) .
وإذا عرفت أنّه يروي حديث: (من لم يقل: عليّ خير الناس، فقد كفر) (73) ، وهو شيعي، عرفت لماذا خرقوا حديثه واتّهموه وضعّفوه.
ومع ذلك، فهناك طريق آخر عن أبي صادق، أورده ابن عساكر، فقال: ((أخبرنا أبو عبد الله البلخي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو علي بن شاذان، أنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب، نا إبراهيم بن الحسن بن علي الكتاني، نا يحيى بن سليمان الجعفي، نا ابن فضيل، نا إبراهيم الهجري، عن أبي صادق، قال: قدم أبو أيوب الأنصاري العراق، فأهدت له الأزد جزراً، فبعثوا بها معي، فدخلت، فسلّمت عليه، وقلت له: يا أبا أيوب! قد كرّمك الله بصحبة نبيّه(صلّى الله عليه وسلّم)، ونزوله عليك، فما لي أراك تستقبل الناس تقاتلهم، تستقبل هؤلاء مرّة وهؤلاء مرّة؟!
فقال: إنّ رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) عهد إلينا أن نقاتل مع عليّ الناكثين، فقد قاتلناهم، وعهد إلينا أن نقاتل معه القاسطين، فهذا وجهنا إليهم - يعني معاوية وأصحابه - وعهد إلينا أن نقاتل مع عليّ المارقين، فلم أرهم بعد)) (74) .
وفيه: إبراهيم الهجري؛ قال عنه ابن عدي: ((وأحاديثه عامتها مستقيمة المتن، وإنّما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبي الأحوص عن عبد الله، وهو عندي ممّن يكتب حديثه)) (75) .. وقال فيه ابن عيينة: كان إبراهيم الهجري يسوق الحديث سياقه جيدة على ما فيه. وقال الفسوي: كان رفّاعاً لا بأس به. وقال الأزدي: هو صدوق، ولكنّه رفّاع كثير الوهم. والبقية ضعّفوه (76) .
وردّ عليهم الحاكم؛ فصحّح عدّة طرق هو فيها، وقال عنه: ((إبراهيم بن مسلم الهجري، لم يُنقَم عليه بحجّة)) (77) .
وعن سفيان: ((أتيت إبراهيم الهجري، فدفع إلَيَّ عامّة كتبه، فرحمت الشيخ وأصلحت له كتابه، قلت: هذا عن عبد الله، وهذا عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهذا عن عمر..
وعلّق ابن حجر: قلت: القصّة المتقدّمة عن ابن عيينة تقتضي أنّ حديثه عنه صحيح؛ لأنّه إنّما عيب عليه رفعه أحاديث موقوفة، وابن عيينة ذكر أنّه ميّز حديث عبد الله من حديث النبيّ(صلّى الله عليه وسلم). والله أعلم)) (78) .
فهذا الطريق يقوي الطريق السابق، وقد خرج محمّد بن كثير عن عهدته. وأخرج الخطيب البغدادي: ((أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن يوسف، أخبرنا محمّد بن جعفر المطيري، حدّثنا أحمد بن عبد الله المؤدّب، بسرّ من رأى، حدّثنا المعلّى بن عبد الرحمن، ببغداد، حدّثنا شريك، عن سليمان بن مهران الأعمش، قال: حدّثنا إبراهيم، عن علقمة والأسود، قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفّين، فقلنا له: يا أبا أيوب! إنّ الله أكرمك بنزول محمّد(صلّى الله عليه وسلّم)، وبمجيء ناقته تفضّلاً من الله وإكراماً لك حتّى أناخت ببابك دون الناس، ثمّ جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلاّ الله؟
فقال: يا هذا! إنّ الرائد لا يكذب أهله، وإنّ رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) أمرنا بقتال ثلاثة مع عليّ: بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين.. فأمّا الناكثون، فقد قابلناهم، أهل الجمل: طلحة والزبير، وأمّا القاسطون، فهذا منصرفنا من عندهم - يعني معاوية، وعمراً ــ، وأمّا المارقون فهم أهل الطرفاوات، وأهل السعيفات، وأهل النخيلات، وأهل النهروانات، والله ما أدري أين هم، ولكن لا بدّ من قتالهم إن شاء الله)) (79) .
وفيه: المعلّى بن عبد الرحمن؛ أثنى عليه الدقيقي، وقال عنه ابن عدي: ((أرجو أنّه لا بأس به)) (80) ، واتّهمه البقية بالكذب والوضع (81) .
وإذا عرفت أنّه رمي بالرفض (82) ، وأنّه يروي حديث: (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما خير منهما)، عرفت لماذا كذّبوه واتّهموه بالوضع! وممّا روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري:
قال السيوطي في (الدرّ المنثور): ((وأخرج ابن مردويه من طريق محمّد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن جابر بن عبد الله، عن النبيّ(صلّى الله عليه وسلّم) في قوله: (( فَإِمَّا نَذهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنهُم مُنتَقِمُونَ )) (83) : نزلت في عليّ بن أبي طالب، أنّه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي)) (84) . وممّا روي عن ابن عبّاس:
ما أخرجه البيهقي في (المحاسن والمساوئ)؛ قال: ((أبو عثمان قاضي الري، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، قال: كان عبد الله بن عباس بمكّة يحدّث على شفير زمزم ونحن عنده. فلمّا قضى حديثه، قام إليه رجل، فقال: يا ابن عبّاس! إنّي امرؤ من أهل الشام من أهل حمص، إنّهم يتبرؤون من عليّ بن أبي طالب(رضوان الله عليه) ويلعنونه!
فقال: بل لعنهم الله في الدنيا والآخرة، وأعدّ لهم عذاباً مهيناً..
وأورد خبراً طويلاً فيه حديث عبد الله بن مسعود، عن أُمّ سلمة.. إلى أن قال: اشهدي يا أُمّ سلمة! إنّ عليّاً يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
قال ابن عباس: وقتلهم لله رضاً، وللأُمّة صلاح، ولأهل الضلالة سخط.
قال الشامي: يا بن عباس! من الناكثون؟
قال: الذين بايعوا عليّاً بالمدينة، ثمّ نكثوا، فقاتلهم بالبصرة، أصحاب الجمل. والقاسطون معاوية وأصحابه. والمارقون أهل النهروان ومن معهم.
فقال الشامي: يا بن عباس! ملأت صدري نوراً وحكمة، وفرّجت عنّي فرّج الله عنك؛ أشهد أنّ عليّاً(رضي الله عنه) مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة)) (85) . فالحديث له طرق كثيرة، ضعّفوا أكثرها لتشيّع بعض رجال أسانيدها، وفيها طرق حسنة ترقى إلى الصحيح؛ لكثرة المتابعات والشواهد، وفيها طريق صحيح عن عليّ(عليه السلام)، وهو طريق الفقيمي الوارد في علل الدارقطني.
فأقلّه: الحديث صحيح مستفيض، بل متواتر.
وقد شهد بشهرته التي تكاد تبلغ درجة التواتر (86) ، وبأنّه متّفق عليه بين الناس كافّة ابن أبي الحديد في شرحه (87) .
ودمتم في رعاية الله