باسل أبو علي ( 45 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

الاسراء والمعراج ضرورة دينية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي بعض الذين يدعون بأنهم باحثين فقد طرح أحدهم موضوع بأن الإسراء والمعراج قصه ليست حقيقيه وأنها خرافه ماهو رأي السيد السيستاني بهذا الموضوع


بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلا بكم في برنامجكم المجيب الجواب الإجمالي: ان المتسالم عليه عند جميع المسلمين ثبوت الاسراء والمعراج وانه صلى الله عليه واله عرج به الى السماء والايات الشريفة واضحة في اثبات هذه الحقيقة والروايات اكدت اسراء النبي ومعراجه وبينت تفاصيل عظيمة في هذه الواقعة العظيمة وما يذكر من امتناعه في حد نفسه انما هو كلام لا دليل عليه وعجز العلم عن التوصل الى طريقة الانتقال في هذا الكون الفسيح لا يعني انه لا يمكن وانما هذا يرجع الى قصور قدرة الانسان. الجواب التفصيلي: المعراج لا يُعدّ أمراً غير ممكن من جهة الدليل العقلي، ولا من جهة معطيات وموازين العلوم المعاصرة، وهو بالإضافة إلى ذلك أمر إعجازي خارق للعادة، لذلك قام الدليل النقلي عليه، فينبغي قبوله والإيمان به. ولقد دلّت الآيات والروايات المتواترة من طريق العامّة والخاصّة على وقوع المعراج بالجسد الشريف، ومنكر ذلك منكر لضروري الدين الثابت بالكتاب والسُنّة والإجماع.. فعن الرضا(عليه السلام): (مَن كذّب بالمعراج فقد كذّب رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم))(1). وعن الصادق(عليه السلام): (ليس من شيعتنا مَن أنكر أربعة أشياء)، وعدّ منها المعراج(2). والذي يدلّ على أنّه تعالى عُرج بالنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بروحه وجسده إلى السماوات أُمور، نشير إليها على نحو الإجمال: منها: ما استدلّ به الطبرسي في (مجمع البيان) ممّا روي أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طاف في السماوات ورأى الأنبياء والعرش وسدرة المنتهى والجنّة والنار ونحو ذلك(3). ومنها: ما رواه المجلسي في (البحار) من أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخبر عن دخوله الجنّة في المعراج: وقال: فإذا أنا برطب ألين من الزبد، وأطيب من المسك، وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها فتحوّلت الرطبة نطفة في صلبي، فلمّا أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة(عليها السلام)، ففاطمة حوراء إنسية(4). وما رواه أيضاً: ثمّ قال: يا محمّد! مد يدك فيتلقّاك ما يسيل من ساق عرشي الأيمن، فنزل الماء، فتلقّيته باليمين... يا محمّد! خذ ذلك فاغسل وجهك... ثمّ اغسل ذراعيك اليمين واليسار... وامسح بفضل ما في يدك من الماء رأسك ورجليك... فأمّا المسح على رجليك فإنّي أُريد أن أوطئك موطئاً لم يطأه أحد قبلك ولا يطأه أحد غيرك... الخ(5). والذي يدلّ عليه: أنّ ظاهر الآيات القرآنية الواردة في أوائل سورة الإسراء، وكذلك سورة النجم تدلّ على وقوع المعراج في اليقظة، ولازمه: أن يكون العروج بالروح والجسد، كما يؤكّد هذا الأمر كبار علماء الإسلام من الشيعة والسُنّة؛ وعدم ذكر كلمة (معراج) في القرآن لا يعني أنّ صفته غير مذكورة، بل قد ذكرت صفة معراجه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا سيّما في الآيات (5 - 18 من سورة النجم)، قال تعالى: (( عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاستَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوسَينِ أَو أَدنَى * فَأَوحَى إِلَى عَبدِهِ مَا أَوحَى * مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخرَى * عِندَ سِدرَةِ المُنتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ المَأوَى * إِذ يَغشَى السِّدرَةَ مَا يَغشَى * مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَد رَأَى مِن آيَاتِ رَبِّهِ الكُبرَى )) (النجم:5-18). وتفسير هذه الآيات يرجع فيه إلى التفاسير المعتبرة. ومن المفيد أيضاً أن نذكر أنّ عقيدة المعراج لا تقتصر على المسلمين، بل هناك ما يشابهها في الأديان الأُخرى، بل إنّنا نرى في المسيحية أكثر ممّا قيل في معراج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)! إذ يقول هؤلاء، كما في إنجيل (مرقس)، و(لوقا)، و(يوحنا): إنّ عيسى بعد أن صُلب وقُتل ودُفن، نهض من مدفنه وعاش بين الناس أربعين يوماً قبل أن يعرج إلى السماء، ليبقى هناك في عروج دائم(6). وللاسراء والمعراج اهداف عظيمة نذكر منها: أهداف الإسراء والمعراج، فقد أورد بعضها السيّد جعفر مرتضى العاملي في (الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم))، قال: فهي: أوّلاً: إنّ حادثة الإسراء والمعراج معجزة كبرى خالدة، ولسوف يبقى البشر إلى الأبد عاجزين عن مجاراتها وإدراك أسرارها، ولعلّ إعجازها هذا أصبح أكثر وضوحاً في القرن العشرين وهذا القرن، بعد أن تعرّف هذا الإنسان على بعض أسرار الكون وعجائبه، وما يعترض سبيل النفوذ إلى السماوات من عقبات ومصاعب. وثانياً: يلاحظ أنّ هذه القضية قد حصلت بعد البعثة بقليل، وقد بيّن الله سبحانه الهدف من هذه الجولة الكونية؛ فقال في سورة الإسراء: (( لِنُرِيَهُ مِن آيَاتِنَا )) (الاسراء:1)، وإذا كان الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو الأُسوة والقُدوة للإنسانية جمعاء، وإذا كانت مهمّته هي: حمل أعباء الرسالة إلى العالم بأسره، فإنّ من الطبيعي: أن يعدّه الله سبحانه إعداداً جيّداً لذلك، وليكن المقصود من قصّة الإسراء والمعراج هو: أن يشاهد الرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعض آثار عظمة الله تعالى، في عملية تربوية رائعة، وتعميق وترسيخ للطاقة الإيمانية فيه، وليعدّه لمواجهة التحدّيات الكبرى التي تنتظره، وتحمّل المشاق والمصاعب والأذايا التي لم يواجهها أحد قبله، ولا بعده. وثالثاً: لقد كان الإنسان - ولا سيّما العربي آنئذ - يعيش في نطاق ضيّق، وذهنية محدودة، ولا يستطيع أن يتصوّر أكثر من الأُمور الحسّية، أو القريبة من الحسّ، التي كانت تحيط به، أو يلتمس آثارها عن قرب. فكان - والحالة هذه - لا بدّ من فتح عيني هذا الإنسان على الكون الأرحب، الذي استخلفه الله فيه، ليطرح على نفسه كثير من التساؤلات عنه، ويبعث الطموح فيه للتعرّف عليه، واستكشاف أسراره، وبعد ذلك إحياء الأمل وبثّ روح جديدة فيه، ليبذل المحاولة للخروج من هذا الجوّ الضيّق الذي يرى نفسه فيه، ومن ذلك الواقع المزري، الذي يعاني منه، وهذا بالطبع ينسحب على كلّ أُمّة، وكلّ جيل، وإلى الأبد. ورابعاً: والأهمّ من ذلك: أن يلمس هذا الإنسان عظمة الله سبحانه، ويدرك بديع صنعه، وعظيم قدرته، من أجل أن يثق بنفسه ودينه، ويطمئن إلى أنّه بإيمانه بالله، إنّما يكون قد التجأ إلى ركن وثيق لا يختار له إلاّ الأصلح، ولا يريد له إلاّ الخير، قادر على كلّ شيء، ومحيط بكلّ الموجودات. وخامساً وأخيراً: إنّه يريد أن يتحدّى الأجيال الآتية ويخبر عمّا سيؤول إليه البحث العلمي من التغلّب على المصاعب الكونية، وغزو الفضاء، فكان هذا الغزو بما له من طابع إعجازي خالد هو الأسبق والأكثر غرابة وإبداعاً، وليطمئن المؤمنون، وليربط الله على قلوبهم، ويزيدهم إيماناً(7). وهناك كتب كثيرة كتبت في الاسراء والمعراج وذكرت في ضمن التفاسير وبامكانكم مراجعة: يمكنكم مراجعة الكتب التالية للاطلاع على مسئلة الاسراء والمعراج : علم اليقين / المولى محسن الكاشاني 1 / 489 حق اليقين / عبد الله شبر 1 / 126 نوادر الاخبار / الفيض الكاشاني 162 عقائد الامامية / الزنجاني 1 / 60 كتاب جنة المأوى / كاشف الغطاء 284 تفسير الميزان / محمد حسين الطباطبائي 13 / 4 ، 5 ؛ 19 / 27 ـ 32 الصحيح من سيرة النبي الاعظم / السيد جعفر مرتضى العاملي 3/5ـ50 (جواب مركز الابحاث العقائدية بتصرف) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) صفات الشيعة: 50. (2) صفات الشيعة: 50. (3) مجمع البيان 6: 215 سورة الإسراء. (4) بحار الأنوار 18: 351 الباب (3) إثبات المعراج ومعناه. (5) بحار الأنوار 18: 357. (6) العهد الجديد: إنجيل مرقس الإصحاح (16)، إنجيل لوقا الإصحاح (24)، إنجيل يوحنّا الإصحاح (21). (7) راجع: الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) 3: 5 - 50 الفصل (3) الإسراء والمعراج.

1