الدليل على صحة التدين بدين
السلام ورحمة الله وبركاته.. 1ــ يقول اللا ديني: ما هو الدليل على صحّة الدين والتديّن؟ بعبارة أخرى: الرجل يقول أنّه لا يوجد دليل يوجب علينا التمسك بأيّ دين من الأديان, فيستطيع أن يعيش الإنسان بلا دين, فما هو دليل صحّة التمسك بالدين؟ 2ــ يقول اللا ديني: لو سلّمنا جدلاً بأنّ التديّن هو الحقّ, فأيّ الأديان هو الحقّ، ولماذا؟ بعبارة أوضح: الرجل يقول ما هو الدليل على صحّة الإسلام دون الديانات الأخرى؟ ملاحظة: قرأت إجابتكم حول الدليل العقلي على صحّة الإسلام، حيث قلتم: ((إنّ الدليل العقلي على لزوم التمسّك بالدين الإسلامي دون بقيّة الأديان هو بالكمال، بمعنى أنّ العقل يقدّم الشيء الكامل والفاضل على الشيء الناقص والمفضول، باعتبار تقديم الكامل عدل والعدل حسن عقلاً، كما أنّه يقبح عقلاً تقديم الناقص على الكامل مع وجود الكامل، باعتبار تقديم الناقص حينئذ ظلم والظلم قبيح عقلاً فتقديم الكامل من الحسن العقلي. ومن المعلوم أنّ الدين الإسلامي هو خاتم الأديان وآخرها، فلا بدّ وأن يكون أكملها وأجمعها لجميع جوانب حياة الإنسان وأبعاده. وممّا يدلّ على كماله الروايات الشريفة والآيات المباركة، منها قوله تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً))(المائدة (5): 3). إذن العقل يلزمنا أن نختار الدين الإسلامي باعتباره الدين الكامل، كما يحكم أنّ المتأخر ينسخ المتقدّم، وأنّ في الثاني ما في الأوّل وزيادة ولا عكس، فإنّ الاثنين يضمّ الواحد ولا عكس كما هو واضح، وبمثل هذه الملاكات العقليّة يقدّم الدين الإسلامي على غيره عقلاً كما يقدّم نقلاً، فإنّ الشرايع السماوية الأخرى أخبرت بظهور الدين الإسلامي، وأنّه خاتم الشرايع، كما أنّ نبيّه خاتم الأنبياء(عليهم السلام))).(الأسئلة العقائدية/ الإسلام/ الدليل العقلي على صحّة الإسلام). أقول: ولكن قد يورد عليكم: أنّه لا يسلّم بأنّ الإسلام هو آخر الأديان, ولا يسلّم بأنّ الإسلام هو أكملها, وهو أيضاً لا يسلّم بأنّ الشرائع الأخرى السابقة أخبرت بظهور الدين الإسلامي وهو خاتم الشرائع, ولايسلم...إلخ. فالدليل العقلي على صحّة الإسلام غير مقبول عنده, فالرجل يريد دليل قطعي مقبول عند كلّ العقلائيين على صحّة الإسلام دون غيره, والرجل يرفض الطريقة النقضيّة للتدليل على صحّة الإسلام, ونعني بالطريقة النقضيّة هي: أنّنا نقول بأنّ الدين الفلاني باطل، والدين الفلاني باطل، إذن الإسلام هو الحقّ, فهي طريقة تنقض الآخرين لتصحّح الطريقة وهي مرفوضة. ولكم جزيل الشكر.
الأخ أبا محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أوّلاً: الدين والتديّن من الأمور الفطرية، والأمور الفطرية لها علائم أربع، وهي: 1ــ الأمور الفطرية ذات جذور غريزية في باطن الإنسان وطبيعته البشرية، لذلك فهي تتّصف بالشمولية والعمومية، فليس هناك أحد من أبناء البشر من يفتقدها ويخلو منها. 2ــ الأمور الفطرية لا تحتاج إلى التعليم والمعلّم وإن كان نموها ورشدها يحتاج إلى ذلك. 3ــ الأمور الفطرية لا تخضع لتأثير العوامل السياسية والجغرافية والإقتصادية، بل هي تعمل وتتحقّق بعيدة عن نطاق وضغط هذه العوامل. 4ــ الدعايات المكثفة والمستمرة عند الأمور الفطرية يمكن أن تضعفها وتحد من نموها، ولكنّها لا تتمكن من استئصالها والقضاء عليها بالمرّة. وهذه العلائم الأربع تنطبق على مسألة التدين والإيمان بوجود الله وتجري عليه، فالإيمان بإله قضية عالمية لا تختصّ بقوم دون قوم، ولا تقتصر على عصر دون عصر، فلو تعمقنا في التاريخ البشري وجدنا لدى البشر على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ما يدلّ على أنّهم كانوا يعتقدون بوجود إله لهذا الكون يرتبط بحياتهم وسائر شؤونهم, وهم وإن كانوا يختلفون في تصوير الإله، إلاّ أنّ نفس إتفاقهم على أصل هذا الأمر ينبئ عن أنّ هذا الميل إلى الإعتقاد بوجود إله كان متفقاً عليه بين أبناء البشر، ويدلّ على أصالة الإعتقاد بالله وفطرية الإيمان به. وإنّ كلمات العلماء تصرّح بفطرية الإيمان الديني: فمثلاً يقول (يونج): ((الرجال والنساء في وقتنا الحاضر متديّنون فطرياً بقدر ما كانوا في السابق))( ). ويقول (ويل دورانت): ((الإيمان أمر طبيعي، وهي وليدة حاجاتنا الغريزية ومشاعرنا))( ). ويقول (أرنست رنان) الكاتب الفرنسي: ((يمكن أن يذهب وينمحي كلّ ما تحبّه من اللذائذ والنعم الحياتية، ولكن من المستحيل أن يذهب الدين وينمحي من بين البشر))( ). ثمّ إنّ التديّن يظهر لدى الإنسان ظهوراً تلقائياً من دون تعليم معلّم، ففي فترة البلوغ يفكر الشاب في خالق الكون ويفتش عنه ويكثر في الأسئلة حول ما وراء الطبيعة بوحي من فطرته وذاته لا بدافع من تعليم معلّم أو تلقين ملقّن، فعلى سبيل المثال كتب (استانل هال): ((كأن جميع علماء النفس اتّفقوا على هذه النقطة وهي: أنّ بين ظاهرة البلوغ والقفزة الفجائية في المشاعر الدينية إرتباطا وصلة))( ). ثمّ إنّ وجود التديّن في جميع البلاد والمناطق على إختلاف مناخاتها وطقوسها الجوية وإختلاف أحوالها الطبيعية خير دليل على فطرية هذا الظاهرة، وإلاّ لزام أن يكون التديّن موجوداً في بلد دون آخر تبعاً للجو والطقس وغيره من العوامل المحيطية. ثمّ إنّ بقاء ظاهرة التديّن في البلاد التي تكثر فيها الدعاية المركزة ضدّ العقيدة الدينية والإيمان بالله كالاتحاد السوفييتي خير شاهد على أنّ هذه الظاهرة نابعة من فطرة الناس ومن أعماق جبلتهم. ثانياً: لقد جاء الإسلام بكتاب سماوي أخبر أنّ الدين الإسلامي خاتم الأديان، وهذا الكتاب السماوي تحدّى الجميع بمعجزة الإتيان بمثله أو بعشر سور أو بسورة من مثله، وهذا التحدّي يشير إلى صحّة المدّعى، وهذا يكفي لصحّة الدين الإسلامي. ودمتم برعاية الله