Ali Ali ( 28 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

المرتد وحكم قتله في الاسلام

في الآونة الاخيرة نلاحظ ارتداد عدد من الشباب المسلم عن الاسلام ويحتج بعضهم علينا بكون القوانين الاسلامية لا انسانية وتعسفية وينقل لي احدهم كلام للسيد صباح شبر يقول فيه ان المرتد الفطري حكمه القتل وإن تاب الى الله .. سؤالي : إن لم يتلق الابن من ابويه المسلمين ( الاسلام الصحيح ) وتعرف على الاسلام كما يقال عنه في مواقع التواصل ، هل تعتبر هذه الحالة استثنائية ام يشمله الحكم اعلاه .. بماذا ينصحنا حضراتكم كجواب لهكذا اشخاص ، ونسألكم الدعاء


بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهلا بكم في برنامجكم المجيب الجواب اولا : لابد ان يسير الانسان في ايمانه التوحيدي مسيرا علمياً في اثبات الخالق ووحدانيته وصفاته بادلة عقلية رصينة فاذا ثبت عنده هذا واعتقد بوجود خالق لهذا الكون العظيم واعتقد بصفاته والتي هي الكمالات الوجودية بأعلى مستوياتها وبنا عقيدته بناء صحيحا ومتينا وشديدا فلا يمكن ان يؤثر على هذا البناء الرصين وجود قضية أو بعض المسائل في الأمور الفرعية من الشريعة لم يستطع ان يفهمها ويفهم الحكمة منها وكلما فكر بها يجدها تنسجم مع تفكيره ان هدم البناء العظيم لاجل هذا شيء لا يمكن ان يقبله عاقل ويمكن تقريب الفكرة اكثر بمثال كما لو بنى الانسان بناء عظيما ووجد في نظره القاصر ثغرة في هذا البناء كأن وجد بابا من أبواب البناء ليست في مكانها او كانت في نظره تالفة فهل يعقل انه يهدم كل البناء لاجل خلل في باب لم يستطع فكره ان يفهمها واعتقد انها مخلة في البناء. فالانسان الذي يبني عقيدته بناء متينا ورصينا لا تؤثر عليه عدم فهمه لقضية المرتد في الإسلام مع اننا سنبين لكم شيئا من الحكمة في هذا الحكم . ثانيا : إذا ثبت بمرتبة سابقة ان الخالق خالق حكيم وكل ما يشرعه فانما يشره لاجل مصلحة الانسان ومنفعة الانسان فان الله تعالى غني عن العالمين ونحن الفقراء اليه بكل معنى الكلمة فاذا كانت المصلحة جزما هي للإنسان فكل ما يشرعه الله تعالى لابد ان يكون لمصالح ومنافع الناس ومن هذه الاحكام هي قضية المرتد فاذا كان حكمه القتل فان هذا الحكم لا يكون الا في مصلحة الناس وهذا الجواب هو جواب شامل وعام لكل الاحكام الشرعية والانسان الذي يبني عقيدته بالتسليم الى الله تعالى وانه تعالى لا يعمل القبيح وكل ما يريده الله من الناس انما هو لحكمة ومصلحة فانه يعيش في راحة من امره ولا يعيش أي ازمة مع المسائل الفرعية. ثالثا : اذا اتضح ما تقدم نقول ان القتل في الشريعة ليس هو خاصا بالمرتد بل هناك موارد اخرى في الاسلام يحكم بلزوم قتله فان الزاني في بعض حالاته يقتل ويقتل بطريقة مؤلمة واللائط والملوط به يقتلان في بعض الحالات بل كل جريمة يقام عليه الحد مرتين فانه يقتل بالثالثة والمفسد في الارض احد عقوباته القتل فاذا راجعنا هذه الأمور التي فيها حكم القتل نعرف ان القتل يكون عندما لا ينفع علاج مع صاحب الجناية والجرم وان هذا الجرم الذي صدر منهم جرم عظيم يؤدي الى ضياع المجتمع فان انتشار الزنا في المجتمع يعني موت كل القيم والأخلاق واختلاك الانساب وضياع العوائل وغير ذلك من المآسي والضياع المجتمعي والعائلي والفردي ولذا كانت طريقة تنفيذ العقوبة في بعض الحالات بالرجم كي يردع المجتمع عن السير في هذه الهاوية ومن هنا فاننا نطمئن ان كل ما اوجب القتل على صاحبه فيه من الضرر والضياع الكبير واليأس من العلاج معه ومن هذا القبيل المرتد فلاجل مفسدة عظيمة كان حكمه القتل حتى وان لم نكن قد اطلعنا على هذه المفسدة الا ان حالها حال بقية الجرائم التي يتضح منها نوع المفسدة . رابعا : ان الدين الاسلامي ليس سفاكا للدماء بل الدين الاسلامي اعتمد الحوار وقال : ((ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إ))(النحل:125) فليست سياسة الإسلام هو قتل الاخر واقصاء الاخر ابدا بل تجد الإسلام يتعامل مع اهل الكتاب الذين يعيشون في بلاد المسلمين بانهم آمنون ما داموا مسالمين مع المسلمين وهم المسمّون باهل الذمة بخلاف الحربي فان الاسلام تعامل معه تعامل المعتدي حفاظا على الامن الاجتماعي لانهم يعتدون على الناس ويزعزعون امن الناس ولعل المرتد من هذا القبيل اذ المرتد يعلن براءته من المسلمين وبالتالي يتربص بهم المكائد وهذا يشكل عنصرا ولونا من الخطر بحيث يتعامل معه الاسلام بطريقة يامن من خطره وشره على الناس. خامسا : ان الحياة نعمة من نعم الخالق وليست هي شيء يكتسبه الانسان ويشتريه بل اعطيت للانسان من قبل خالقه فصاحب النعمة هو الذي يقرر ماذا يفعل بنعمه فلو اراد ان يسلب النعمة فالامر له ولو من دون سبب كمن يعطي لانسان فقير كل شهر مبلغا من المال وصار رايه ان يقطع هذا المبلغ عنه فان هذا شانه والامر له فإذا كان هذا له حتى من دون ان يكون هناك سبب مسوغ اما لو كان عنده سبب مسوغ لقطع هذا المبلغ عنه كأن يكون هذا الشخص قد اعتدى على جيرانه فعندها يكون سلب النعمة من جهته شيء اكثر مقبولية فمن كان يعطي لولده المال والثياب والبيت والسيارة وكل ما يحتاجه الابن وفجأة جحد الولد ابوة ابيه فان الاب اذا اخذ ما اعطا ابنه من النعم فان هذا شيء راجع للاب وهو صاحب الراي الفصل فيه ولا يمكن ان نلوم الاب انت لماذا سلبت النعمة عن ولدك وكل العقلاء يحكمون بهذا بل قد يلومن الاب إذا استمر في إعطاء النعمة لهذا الجاحد لأبوته والمرتد يمكن تصويره كهذا الابن فان الله تعالى هو صاحب نعمة الحياة اعطانا هذ النعمة تفضلا منه لا اننا نستحقها عليه فاذا الانسان انكر ربه والذي خلقه فان شاء الله ان يأخذ نعمته التي انعمها عليه لا يكون ظالما لعبده . حفظكم الله ورعاكم ويسر للجميع كل خير

2