سؤال فقهي
اريد ان اتوب عن الغيبه ولا استطيع فماذا افعل،،،
١-اعلم أن الواجب على المغتاب أن يندم ويتوب ويتأسف على ما فعله ليخرج من حقّ الله تعالى، ثمَّ يستحلّ المغتاب عنه ليُحلَّه فيخرج عن مظلمته، وينبغي أن يستحلّه وهو حزينٌ متأسّف نادم على فعله، إذ المرائي قد يستحلّ ليظهر من نفسه الورع، وفي الباطن لا يكون نادماً، فيكون قد قارن معصية أخرى، وقد ورد في كفَّارتها حديثان: أحدهما: قوله صلى الله عليه وآله : "كفَّارة من استغبته أن تستغفر له الثاني: قوله صلى الله عليه وآله : "من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض ومال فليستحللها منه من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينارٌ ولا درهم يؤخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيّئات صاحبه فيزيد على سيّئاته" ويمكن أن يكون طريق الجمع حمل الاستغفار له على من لم يبلغ غيبته المغتاب فينبغي الاقتصار على الدعاء له والاستغفار لأن في محالَّته إثارة للفتنة وجلباً للضغائن. وفي حكم من لم يبلغه من لم يقدر على الوصول اليه بموت أو غيبة وحمل المحالة على من يمكن التوصّل إليه مع بلوغه الغيبة. ويستحبّ للمستعذر إليه قبول العذر والمحالة استحباباً مؤكداً، قال الله تعالى: ﴿خُذِ العَفْوَ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا جبرائيل ما هذا العفو؟ قال: "إنَّ الله يأمرك أن تعفو عن من ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك" وفي خبر آخر: "إذا جيء الأمم بين يدي الله تعالى يوم القيامة نُودُوا: ليقم من كان أجره على الله فلا يقوم إلاَّ من عفى في الدُّنيا وروي عن بعضهم أنَّ رجلاً قال له: أنَّ فلاناً قد إغتابك، فبعث إليه طبقاً من الرّطب وقال: بلغني أنَّك قد أهديت إليَّ حسناتك، فأردت أن أُكافيك عليها، فاعذرني فإني لا أقدر أن أكافيك على التمام. وسبيل المعتذر أن يُبالغ في الثناء عليه والتودّد ويلازم ذلك حتى يطيب قلبه، فإن لم يطب كان اعتذاره وتودّده حسنة محسوبة له، وقد تقابل سيّئة الغيبة في القيامة. ولا فرق بين غيبة الصغير والكبير، والحيّ والميّت، والذكر والأنثى، وليكن الاستغفار والدُّعاء له على حسب ما يليق بحاله، فيدعو للصّغير بالهداية وللميّت بالرحمة والمغفرة، ونحو ذلك. ولا يسقط الحقّ بإباحة الانسان عرضه للناس، لأنَّه عفو عمَّا لم يجب، وقد صرَّح الفقهاء بأنَّ من أباح قذف نفسه لم يسقط حقَّه من حدّه، وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : "أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من بيته قال: اللهم إنِّي تصدّقت بعرضي على الناس" معناه إنّي لا أطلب مظلمته في القيامة ولا أخاصم عليها لا ان صارت غيبته بذلك حلالاً، وتجب النية لها كباقي الكفَّارات والله الموفّق. ٢- في جامع السعادات للنراقي ج 2ص 242قال: كفارة الغيبة - بعد التوبة والندم للخروج عن حق الله - أن يخرج من حق من اغتابه . وطريق الخروج من حقه، إن كان ميتا أو غائبا لم يمكن الوصول إليه، أن يكثر له من الاستغفار والدعاء، ليحسب ذلك يوم القيامة من حسناته ويقابل بها سيئة الغيبة، وإن كان حيا يمكن الوصول إليه ولم تبلغ إليه الغيبة، وكان في بلوغها إليه مظنة العداوة والفتنة، فليكثر له أيضا من الدعاء والاستغفار، من دون أن يخبره بها، وإن بلغت إليه أو لم تبلغه، ولم يكن في بلوغها ظن الفتنة والعداوة، فليستحله معتذرا متأسفا مبالغا في الثناء عليه والتودد إليه، وليواظب على ذلك حتى يطيب قلبه ويحله فإن لم يطب قلبه من ذلك ولم يحله، كان اعتذاره وتودده حسنة يقابل بها سيئة الغيبة في القيامة . والدليل على هذا التفصيل قول الصادق (عليه السلام) : " وإن اغتبت فبلغ المغتاب، فاستحل منه، فإن لم تبلغه لم تلحقه، فاستغفر الله "، وذلك لأن في الاستحلال مع عدم البلوغ إليه إثارة للفتنة وجلب الضغائن، وفي حكم من لم يبلغه من لم يقدر على الوصول إليه بموت أو غيبة، وعلى هذا فقول النبي (صلى الله عليه وآله) : " كفارة من اغتبته أن تستغفر له "، محمول على صورة عدم إمكان الوصول إليه، أو إمكانه مع إيجاب الأعلام والاستحلال لإثارة الفتنة والعداوة . وقوله (صلى الله عليه وآله) : " من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال، فليتحللها منه من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم، إنما يؤخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فزيدت على سيئاته "، محمول على صورة البلوغ أو عدم البلوغ، مع عدم إيجاب الإعلام والاستحلال فتنة وعداوة .