سؤالي فيما يتعلق باهل الكتاب
لقد قرات في احدى المنتديات المسيحية في وجهة نظرهم عن كلمة "المعزى" او الفاراقليط ويقولون انها لا تشير على النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم.
واليك هذا الكلام الذي سحبته من منتدى المسيحية وفعلا انا بامس الحاجة للرد عن هذا الكلام واليك هذا: ************************* (احمد) في القران
نوجز الواقع القرآني في هذه الاعتبارات.
اسم النبي العربي في القران هو (محمد)، كما يرد في أربع آيات:
(( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ )) (ال عمران:144).
(( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ )) (الأحزاب:40).
(( وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ )) (محمد:2).
(( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ )) (الفتح:29).
لذلك فوروده بلفظ (احمد) مرة يتيمة مشبوه، ولا يعرفه الواقع التاريخي.
1- ان تغير اسم (محمد) المتواتر إلى (احمد) في لفظة يتيمة في القران كله، تغيير مقصود، لكي ينطبق على قراءة شاذة، لا اصلها في المخطوطات الإنجيلية كلها، في كلمة (الفارقليط)، بحسب الإنجيل. فالتحريف ظاهر في القران، كما سنرى.
2- في القران كله، في النصوص كلها التي يرد فيها ذكر المسيح، ظاهرتان:
الأولى: يقفي القران على كل الرسل بالمسيح، ولا يقفي على المسيح بأحد (البقرة 87؛ المائدة 44؛ الحديد 27).
الثانية: المسيح نفسه في ما ذكر القران عنه، لا يبشر بأحد من بعده على الإطلاق، إلا في بعض تلك الآية اليتيمة.
وهذا يجعل تعارضا ما بين الموقف المتواتر، والموقف الشاذ اليتيم فيه.
والعقيدة في كتاب منزل تؤخذ من المحكم فيه، لا من المتشابه.
3- وفي محكم نظم القران، اذا اسقط بعض الآية المشبوه، لا يختل النظم ولا البيان ولا التبيان ولا السياق اللفظي او المعنوي:
(( يَا بَنِي إِسرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُم مُصَدِّقًا لِمَا بَينَ يَدَيَّ مِنَ التَّورَاةِ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحرٌ مُبِينٌ )) .
ويؤكد ذلك المعنى نفسه المتواتر في (ال عمران 49؛ المائدة 44؛ الزخرف 63: ففيها جميعا لا يبشر المسيح برسول من بعده.
فهذا الواقع المتواتر يشير إلى إقحام مكشوف في آية الصف 6.
4- سورة الصف كلها حملة على اليهود الذين كفروا بموسى (5)
وبعيسى (7 ويكفرون بمحمد (8-9). ويختتم السورة بإعلان تأييد الدعوة القرآنية للنصرانية على اليهودية، حتى)اصبحوا ظاهرين (14). فلا إشارة في السورة، ولا دليل، يقضي بهذه الإضافة: (( وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأتِي مِن بَعدِي اسمُهُ أَحمَدُ )) .
فتأمل موقف اليهود من المسيح وهو يبشرهم برسول يأتيهم من العرب الوثنيين ! فلو فعل لكفروه مرتين، ولقتلوه مرتين !.
5- ليست قراءة اسمه احمد ثابتة. فهي غير موجودة في قراءة أبي.
وهذا دليل اثري على تطور الإقحام قبل التدوين الأخير. راجع: blachère: le coran T II p 909
فيحق لنا إسقاط قراءة (اسمه احمد). حينئذ يأتي التبشير (برسول يأتي من بعدي) متطابقا في القران والإنجيل على الروح القدس.
6- الإنجيل يعتبر المسيح خاتمة النبوة والكتاب. والقران يصدق الإنجيل في ذلك، إذ انه لا يقفي، في تسلسل الرسل على المسيح بأحد. والرسول الذي يبشر به الإنجيل، هو الروح القدس؛ وهو ليس ببشر؛ ولا يظهر لبشر حتى يكون (رسولا بشرا)، اسمه (احمد).
فكل تلك القرائن والدلائل تشير إلى إقحام (اسم احمد) على آية الصف؛ وقد أسقطت الإقحام قراءة أبي. (الفارقليط) في الإنجيل
في الإنجيل بحسب يوحنا، الذي تقودنا إليه السيرة النبوية لابن هشام، لا كلمة (الفارقليط) تعني (احمد)؛ ولا اوصاف (الفارقليط) فيه يمكن ان تعني (محمدا) أو بشرا على الإطلاق.
وفي توحيد السيرة، نقلا عن الإنجيل، بين الفارقليط والروح القدس ما كان يغنيهم عن ورطتهم. فالإنجيل يقول (الروح القدس) على العلمية، وسنرى معناه في الإنجيل. والقران يجعل (روح القدس)، جبريل،(النحل 103؛ البقرة 92). فكيف يكون الفارقليط، روح القدس جبريل النبي (احمد)؟ وكيف خفي هذا عن أهل السيرة وأهل التفسير؟. وكيف يمكن لعاقل اليوم ان يدعي بان (احمد) هو الفارقليط، روح القدس؟ أكان ذلك بحسب قراءة القران، أم بحسب قراءة الإنجيل.
والواقع الإنجيلي فيه مسألة أثرية، ومسألة موضوعية.
1- المسالة الأثرية. ان المخطوطات الكبرى التي ينقلون عنها الإنجيل، والموجودة في المتاحف الشهيرة، هي من القرن الرابع ميلادي، قبل القران بمئتي سنة ونيف.
وكل المخطوطات قرأت الفارقليط، البارقليطس (paracletos)
أي المعين - وبعضهم ترجم: المعزي، المحامي، المدافع - ولم يقرأ مخطوط على الإطلاق (Periklutos) أي محمود الصفات، احمد الأفعال، كثير الحمد.
لكن في نقل الكلمة اليونانية بحرفها إلى العربية (برقليطس) ضاعت القراءة اليونانية الصحيحة؛ وجاز تحريف المعنى إلى (احمد). فقولوا الإنجيل ما لم يقل.
وقد حاول تقويم التحريف الذين قرأوا (فارقليط) القريب في مخرجه من مطلع الحرف اليوناني.
فليس في الحرف اليوناني الصحيح، الثابت في جميع المخطوطات، من اثر لقراءة تعني (احمد).
2- المسِألة الموضوعية.
كذلك ليس في أوصاف الفارقليط في الإنجيل، ما يصح ان ينطبق على مخلوق: فكيف يطبقونه على بشر رسول؟.
في حديث أول، قال يسوع: (وأنا أسأل الآب فيعطيكم فارقليط آخر، ليقيم معكم إلى الأبد، روح الحق، الذي لا يستطيع العالم ان يراه، ولا يعرفه. أما انتم فتعرفونه، لأنه يقيم معكم) يوحنا 14: 16-17. تلك الأوصاف تدل على إلهية الفارقليط:
الفارقليط يقيم مع تلاميذ المسيح إلى الأبد - وليس هذا في قدرة مخلوق.
الفارقليك هو (روح الحق)، أي روح الله. وهو أيضا روح المسيح لأن المسيح وصف نفسه: (الحق) يوحنا 4: 6 - فهو روح الله وروح الحق. ومن الكفر نسبة هذه المصدرية إلى مخلوق.
الفارقليط يتمتع بطريقة وجود الله في كونه وعالمه: الوجود الخفي، لذلك (لا يستطيع العالم ان يراه) - ومن الكفر نسبة تلك الصفات إلى البشر.
الفارقليط يتمتع بسعة الله، وروحانيته، في إقامته بنفوس المؤمنين. (يكون معكم ويكون فيكم) - ومن الكفر اسند هذه الصفة لمخلوق.
فكيف يكوت الروح القدس، الفارقليط، النبي (احمد)؟ او أي بشر رسول؟ او أي مخلوق؟.
ومن ناحية أخرى، فان الفارقليط، الروح القدس، يبعث إلى الحواريين الذين يخاطبهم المسيح، مسليا لهم في رفعه عنهم إلى السماء. فكيف يكون الفارقليط (احمد) آلاتي بعد ستمائة سنة للعرب؟.!.
فكل القرائن اللفظية والمعنوية تدل على ان الفارقليط لا يمكن ان يكون بشرا ولا مخلوقا.
وصفاته الإلهية وخلوده وعمله في المسيحيين (إلى الأبد)، براهين ساطعة على ألهيته.
في حديث ثان، يقول المسيح: (قلت لكم هذه الأشياء وأنا مقيم معكم. والفارقليط، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي، فهو الذي يعلّمكم كل شيء، ويذكركم بجميع ما قلت لكم) يوحن 14: 25-26.
هنا يسمي الفارقليط باسمه المتواتر: (الروح القدس). لاحظ التعبير المطلق، على العلمية: فهو (الروح) على الإطلاق - وهذه صفة إلهية؛ وصفه (القدس) تنزيه له عن المخلوق، لان (القدس) في لغة التوراة والإنجيل والقران كناية عن اله، بصفة التجريد والتنزيه. ولاحظ الفرق العظيم مع التعبير القرآني، (روح القدس) مرادفا لجبريل، فهنا إضافة للتشريف، لا للمصدرية. انها تسمية، ما بين الإنجيل والقران،على طريقة المشاكل، لا على طريقة المقابلة. وبما ان (روح القدس) هو جبريل في القران، فقد كفر بمحمد نفسه من جعل محمدا الملاك جبريل، روح القدس، الفارقليط.
هذا في ذات الفارقليط. وفي صفاته قول:
ان الفارقليط يرسله الله باسم المسيح - فهل أرسل (احمد) باسم المسيح؟.
ان الفارقليط يعلم الحواريين كل شيء - فهل تخطى (احمد) الزمن وظهر للحواريين (يذكرهم جميع ما قاله المسيح لهم)؟.
والفارقليط يعلم رسل المسيح (كل شيء): هذا هو العلم الرباني وسعته الإلهية - فهل ينطبق هذا على بشر؟ ام على مخلوق؟.
فذات الفارقليط وصفاته تمنع من ان يكون (احمد)، الرسول البشر.
ان مصدرية الفالقليط الإلهي، وعمله الإلهي، أسمى من المخلوق؛ ورسالته تتمة لرسالة المسيح، وهي مخصوصة برسل المسيح والمسيحية.
في حديث ثالث قال: (ومتى جاء الفارقليط الذي أرسله إليكم من لدن الآب، روح الحق الذي ينبثق من الآب، فهو يشهد لي، انتم أيضا تشهدون بما أنكم معي منذ الابتداء) يوحنا 15: 26.
هذه الآية تعلن مباشرة إلهية الفارقليط: انه (ينبثق من الآب) أي من ذات الآب. والتعبير (ينبثق) ينفي الصدور بالخلق.
فهو (روح الحق) يصدر من ذات الآب، في ذات الآب، لذات الآب.
وبما ان (الحق) هو أيضا (المسيح نفسه) فصفته (روح الحق) تدل على صدوره أيضا من المسيح، بصفة كونه (الحق) مع الله، أي كلمة الله. ودليل صلته المصدرية بالمسيح، لمة الله، كون المسيح هو الذي يرسله من لدن الآب: (أرسله إليكم من لدن الآب).
فالفارقليط، (روح الحق، الذي ينبثق من الآب) هو روح الله الآب، والمسيح الكلمة في آن واحد فمن الكفر نسبته إلى مخلوق.
ورسالته هي الشهادة، مع الحواريين، للمسيح:فهل كان (احمد) يشهد مع الحواريين في زمانهم للمسيح؟.
في حديث رابع يقول: (إني أقول لكم الحق: ان في انطلاقي لخيرا لكم، فان لا انطلق لا يأتكم الفارقليط؛ واما متى انطلقت، فإني أرسله إليكم. ومتى جاء فهو يفحم العالم على الخطيئة، وعلى البر وعلى الدينونة. فعلى لخطيئة لأنهم لم يؤمنوا بي. وعلى البر، لأني منطلق إلى الآب ولا تروني من بعد. وعلى الدينونة، لأن زعيم هذا العالم قد ين) ب يوحنا 16: 7-11.
يسلي المسيح حوارييه ببعثة الفارقليط إليهم، ويربط بين رفعه إلى السماء، وبين بعثة الروح الفارقليط. فهل من رابط شخصي او زماني او مكاني او حياتي او رسولي بين رفع المسيح وبعثة محمد؟ وهل يصح ان ينطبق ذلك على (احمد) بعد مئات السنين؟.
ورسالة الفارقليط، (الذي لا يستطيع العالم ان يراه)، هي رسالة روحية فلا يصح بحال ان تنسب إلى (احمد). ورسالة الفارقليط هي تتمة متلاصقة لرسالة المسيح؛ وليست هكذا بعثة (احمد).
ورسالة الفارقليط هي الشهادة للمسيح وحده: فهو يفحم العالم على خطيئته لنه لم يؤمن بالمسيح؛ ويفحم العالم بصحة الايمان بالمسيح، وان رفع إلى السماء؛ ويفحم العالم بنصر المسيح على إبليس، زعيم هذا العالم، الذي رفع المسيح سلطان إبليس عنه. وهذه رسالة لا يمكن ان يقوم بها (احمد) ولا أي رسول بشر.
في حديث خامس يقول أخيرا: (وعندي أيضا أشياء كثيرة أقولها لكم غير انكم لا تطيقون حملها الآن. ولكن متى جاء هو، روح الحق فإنه يرشدكم الى الحقيقة كلها. فإنه لا يتكلم من عند نفسه، بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بما يأتي. إنه سيمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. جميع ما هو للآب هو لي. من اجل هذا قلت لكم إنه يأخذ مما لي ويخبركم). يوحنا 16: 12-15.
عالم الفارقليط الهي: فهو يرشد رسل المسيح (إلى الحقيقة كلها) ويخبرهم بما يأتي (- فهل يستطيع هذا (احمد) مع حواريي المسيح؟ وهو لا يعلم الغيب؟.
عالم الفارقليط الهي أيضا في مصدره: ومصدره هو العلم الإلهي الواحد بين الله الآب والمسيح كلمته، (فجميع ما للآب هو لي؛ من اجل هذا قلت لكم إنه يأخذ مما لي ويخبركم) - فهل يستمد (احمد) علمه كما يستمد ذاته، من الله الآب نفسه، ومن كلمته ذاته؟.
وعمل الفارقليط الإلهي يتم مع صحابة المسيح أنفسهم: فهل كان (احمد) فوق الزمان والمكان مع صحابة المسيح؟.
وفصل الخطاب: ان ذات الفارقليط، الروح القدس، إلهية وصفاته إلهية؛ وأفعاله إلهية. تلك هي شهادة النصوص الخمسة في الفارقليط. اليس من الكفر القول بان الفارقليط في الإنجيل هو (احمد)؟. ولا تصح هنا أيضا فرية تحريف الإنجيل، لان تلك النصوص الخمسة، مكتوبة على الرق، محفوظة إلى اليوم، من قبل القران بمئتي سنة ونيف. فهي شهادة تاريخية - ان لم نقل منزلة - على الهية الفارقليط، الروح القدس. فمن الكفر تطبيقها على (احمد) الرسول البشر. فإن ذكر (احمد) لا اصل له لفظا ولا معنى في الإنجيل ************************* وشكرا
وبارك الله فيكم ورعاكم الله تعالى
الاخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية نعترف بأننا قليلوا خبرة في هذا المجال وغير مختصين بالاديان ولكن سنتعاون في هذه المسألة ونبذل قصارى جهدنا بما نستطيع للرد على هذه المزاعم لاننا في خدمتكم وخدمة إخواننا في كل مكان وفي أيَّ موضوع عقائدي نتمكن من المساعدة فيه قدر الامكان ونلتمس العذر عن التقصير في أي جانب هنا أو هناك.
ينبغي أن نعلم بأن الكتب السماوية السابقة قد حرفت وغيرت لأن الله تعالى أخبرنا بذلك والواقع قد صدق هذه المقولة الإلهية, خصوصاً إذا علمنا بأن ما ينسب إلى الانبياء الآن وفيما مضى من هذه الكتب الموجودة بين أيدينا غير متصلة السند بالأنبياء(عليهم السلام), وإنما كتبت بعدهم بعشرات السنين بل ومئات السنين في بعض النسخ المعتدة أو الأجزاء المضافة وهكذا.
وكذلك الأمر الذي يدل على أن هذه الكتب محرفة ومغيرة, اختلاف النصوص باختلاف النسخ بشكل كبير واحتوائها على أمور منكرة منسوبة إلى الأنبياء, وكذلك اختلافهم بعدد اسفار العهد القديم هل هي 39 أم (43 ـ 44) سفراً, وبالنسبة للعهد الجديد ففيه الأنجيل (بالروايات الاربعة) وهي مختلفة فيما بينها لا سيما إنجيل يوحنا عن الروايات الأخرى مع احتواء كل رواية على قصص واشياء ليست في الاناجيل الاخرى. بالاضافة إلى التشكيك في نسبتها إلى كتبتها ومن سميت باسمائهم, بالإضافة إلى أن بعضها تنسب لغير رسل عيسى وتلاميذه كمرقص. أما اعمال الرسل وكذلك الرسائل فقد أبرزت شخصية بولس حتى اشتهر وفاق على الرسل الاثني عشر!
ثم يختم العهد الجديد برؤيا يوحنا المثير للجدل حتى اقر به وادخل في ضمن العهد الجديد بعد نقاش وجدال في الشرق والغرب.
والخلاصة فإن هذه الاناجيل وهذا الكتاب (العهد الجديد) يعترف المسيحيون والتاريخ بأنها لم تكتب دفعة واحدة بل في فترات متلاحقة ومتتابعة وخلال نصف قرن تقريباً! وكذلك يعترف المسيحيون أيضاً بأن المسيح (عليه السلام) لم يكتب أي شيء منها ولم يأمر تلاميذه بالكتابة والتدوين لأقواله وأعماله! فالكنيسة تعترف بأن الاناجيل قد كتبت بالوحي والالهام للرسل وبعد قرون من وفاة ورفع المسيح (عليه السلام).
وبعد تعدد الكتب في القرنين الاول والثاني شكلت الكنيسة مجامعاً محلية لاختيار الكتب المعترف بها وكانت اكثر من مائة كتاب, فانتختب 27 سفراً فقط وأعطتها اللوائح الرسمية على أنها مكتوبة بالوحي والإلهام الإلهي وألغت الكتب الأخرى ولم تعترف بها.
والملفت بأن هذه الكتب وهذه الاناجيل لم تمنح صفة الإلهام الإلهي ولم يعترف بأنها إلهام ووحي إلاّ بعد عام 325م بأمر الملك وبحكم الكنيسة!
وعلى كل حال فالتغيير والاختلاف والاضافة والنقصان واردة على الانجيل من خلال ما قدمناه وغيره.
وبالتالي فيمكن لأي أحد منا أن يشكك في بعض العبارات أو بعض الترجمات أو بعض النسخ. فيمكننا أختيار كلمة ما ولا نلزم بكل ما حولها أو من ترجمها أو نقلها أو بدلها بكلمة اخرى.
بعد هذه المقدمة عن وثاقة الكتاب المقدس والتعامل معه وتاريخ كتابته واختلاف نسخه بل اختلاف أناجيله فيما بينها نعود للإجابة عن الاسئلة سؤالاً بعد سؤال فنقول وبالله التوفيق: أولاً: إن ذكر إسم (أحمد) في آية واحدة من القرآن الكريم وذكر إسم (محمد) (صلى الله عليه وآله) أربع مرات لا يعني التناقض أبداً لأن أسم محمد (صلى الله عليه وآله) هو المعروف المتداول عنه في مجتمعه وبين الناس أما إسم (أحمد) فهو نفس معنى محمد (صلى الله عليه وآله) وهو غير معروف ولا متداول إلا عند خواص النبي (صلى الله عليه وآله) كأمه التي سمته به حين أنجبته من خلال رؤيا رأتها في المنام ولكن غير اسم النبي (صلى الله عليه وآله) جده بعد أسبوع من ولادته إلى (محمد) (صلى الله عليه وآله) مع أن الاسمين مترادفين في اللغة وهو المحمود أو كثير الحمد.
وكذلك وردت الاحاديث الكثيرة التي تثبت بأن للنبي (صلى الله عليه وآله) عدة أسماء فقال (صلى الله عليه وآله) في أحدها: أنا محمد وأنا أحمد وأنا العاقب وأنا الحاشر فمع الاخذ بنظر الأعتبار بأن كلمة الفارقليط تعني ذلك المعنى وهو متوفر في الاسمين مع قربه إلى أسم (أحمد) أكثر ولذلك ذكر أسم (احمد) في القرآن حين الأشارة الى تلك البشارة فقط!! مع العلم بأن وجود اسمين لشخص واحد قد وقع لخمسة من أنبياء الله تعالى بضمنهم عيسى (عليه السلام) وهم محمد وهو أحمد وإسرائيل وهو يعقوب وذو النون وهو يونس وعيسى أو يسوع وهو المسيح ويوشع بن نون وهو ذو الكفل والخضر وهو تاليا. أما ادعاء الشذوذ أو التشابه لهذا الاسم فهو غريب جداً لأن القرآن عندنا وحدة واحدة منقول في وقت واحد وبنفس الواسطة بالتواتر والاستفاضة بين المسلمين جيلاً عن جيل فكل من نقل اسم محمد نقل معه اسم احمد في هذه الآية فلا شذوذ ولا تشابه.
فلا يمكن بعد ذلك التشكيك بهذا الاسم أبداً بالاضافة إلى كونه منقولاً بنفس الفترة التاريخية التي نقل فيها اسم (محمد) وبنفس الاشخاص وليس في زمن متأخر عنه أبداً.
مع أنه قد ورد عن مقاتل بن سليمان الذي توفي عام 150هـ في تفسيره عند هذه الآية الكريمة قال (اسمه احمد) بالسريانية فارقليطاً.
بالاضافة إلى إننا لم نجد هذه الدعوى التي ادعوها هنا بأن القراءات مختلفة في اسم (احمد) (صلى الله عليه وآله) وقولهم ورد عن أبّي غير ذلك فلا ندري ما هذا الغير ولا ندري من اين استقوا هذه المعلومة المكذوبة بحسب علمنا واطلاعنا وبحثنا ليشككوا المسلمين فقط. أما ورود كلمة (الفارقليط) في الانجيل وعدم وجودها في كل المخطوطات الانجيلية فهذا إدعاء زائف لان يوحنا كان قد كتب انجيله باليونانية ومعنى كلمة ((معزي)) في اليونانية هو: باراكليتوس وهذه الكلمة قريبة جداً من كلمة باركلتيوس التي تعني أحمد أو حمود وكان مسيحيوا الجزيرة العربية يستعملون بدل كلمة ((معزي)) الموجودة الآن في الاناجيل كلمة ((فارقليط)) اليونانية وعلى هذا فلا بُدَّ أن المترجمين ـ ولسبب ما ـ غيروا هذه الكلمة إلى كلمة باراكيتوس. وفي هذا المضمار تقول دائرة المعارف الفرنسية الكبيرة في جزئها 23/ص4174 عند شرحها لكلمة محمد (صلى الله عليه وآله):
((محمد (صلى الله عليه وآله) هو مؤسس الدين الإسلامي ومبعوث الله وخاتم الانبياء وجاءت كلمة محمد من الحمد واشتقاقها من حمد يحمد الذي هو معنى التمجيد والتجليل. ومن الصدف العجيبة أن هناك إسماً آخر مشتقاً من الحمد وهو مرادف للفظ (محمد) وهو كلمة (احمد) التي يغلب على الظن أن المسيحيين في الجزيرة العربية كانوا يستعملونها مكان ((فارقليط)).
وأحمد معناه المحمود كثيراً والمحترم جداً وهو ترجمة لكلمة ((بريكلتيوس)) التي أخطأوا فوضعوا مكانها كلمة ((باركليتوس)). أما مسألة التقفية والختم بعيسى (عليه السلام) حين ذكر الرسل فهذا حق خصوصاً إذا علمنا بأن عيسى (عليه السلام) هو آخر أنبياء بني إسرائيل ومقام ذكره بأنه أخرهم كان في سياق الكلام مع بني إسرائيل.
وفي كل مرة تذكر هذه الآية وهذه الصفة نجد ذكر رسالة نبي الإسلام رسالته (صلى الله عليه وآله) تذكر بعدها وكذلك الدين الإسلامي والقرآن الكريم فكيف يُدَّعى بعد ذلك بأن القرآن يقفي بعيسى دائماً ولو صدقتم بالقرآن يجب عليكم أن تصدقوه فيما قبله وبعده حينما يذكر رسالة الإسلام بعد هذه الآيات وحينما يذكر بأن عيسى (عليه السلام) نبي ورسول كغيره من الانبياء والرسل وأنه بشر وليس بإله كما يثبت هذه الصفات إلى كل الانبياء والرسل حتى نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) الذي نعتبره أفضلهم وخاتمهم!! مع وجود آيات صريحة تنص على نبوة ورسالة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) في نفس القرآن بل القرآن كله جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) فكيف تقبلون بعضه وتكفرون باكثره!!؟ فأما آية 87 من سورة البقرة فلقد جاءت بعدها الآيات التالية:
(( وَلَمَّا جَاءَهُم كِتَابٌ مِن عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُم وَكَانُوا مِن قَبلُ يَستَفتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ بِئسَمَا اشتَرَوا بِهِ أَنفُسَهُم أَن يَكفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغياً أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا قِيلَ لَهُم آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَينَا وَيَكفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُم قُل فَلِمَ تَقتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبلُ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ ))
وكذلك آية سورة المائدة 46 فقد قال تعالى بعد آية التقفية بعيسى (عليه السلام): (( وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَينَ يَدَيهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيمِناً عَلَيهِ فَاحكُم بَينَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِع أَهوَاءَهُم عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلنَا مِنكُم شِرعَةً وَمِنهَاجاً وَلَو شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِيَبلُوَكُم فِي مَا آتَاكُم ))
وأما آية الحديد 27 فقد جاء بعدها مباشرة أيضاً قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نُوراً تَمشُونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِئَلَّا يَعلَمَ أَهلُ الكِتَابِ أَلَّا يَقدِرُونَ عَلَى شَيءٍ مِن فَضلِ اللَّهِ وَأَنَّ الفَضلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ )) فكل هذه الآيات الشريفة التي تذكر إتباع أنبياء بني اسرائيل بعيسى (عليه السلام) كما هو حاصل في كل الرسل يتبع بعضهم بعضاً تذكر بأنها خرجت عنهم بعده, فيصح أن يكون المسيح آخر انبياء بني اسرائيل وأن ذلك الفضل والبركة والنبوة إنتقلت بعدهم إلى أبناء عمومهم أبناء اسماعيل (عليه السلام) إلى محمد وآله الطاهرين من الائمة الاثني عشر الذين ذكروا في التوراة ومُدحوا حيث قالت التوراة كما في سفر التكوين (17، 20، 21، 18):
(إن الله وعد إبراهيم وهاجر بأن يبارك إسماعيل ويثمره ويكثره كثيراً جداً ويلد إثني عشر رئيساً ويجعله أمة عظيمة).
وكذلك تنص التوراة بالبشارة بالنبي (صلى الله عليه وآله) من ولد اسماعيل فقالت كما في سفر التثنية الاصحاح (18: الفقرات 15 ـ 22) (وسوف أقيم لهم نبياً مثلك من بين إخوتهم وأجعل كلامي في فمه ويكلمهم بكل شيء آمره به ومن لم يطع كلامه الذي يتكلم به باسمي فأنا أكون المنتقم من ذلك).
وهي عين بشارة انجيل يوحنا (16): (وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية) وغير هذه العبارات كثير. أما الاشكال الآخر على القرآن وأنه يذكر المسيح كثيراً ولا يذكره يبشر بأحد يأتي من بعده على الاطلاق إلا في بعض تلك الآية اليتيمة.
فنقول: وهذه الآية جزء من القران ونقلت كغيرها من الآيات فهل يجوز أن تؤمن ببعض القرآن وتكفر ببعض؟! فهذا الانتقاء المزاجي ليس عملاً علمياً فاما أن تأخذ بكل القرآن وتناقشه واما أن تتركه كله! أما أن تأخذ بجزء الآية الاول وتكفر بالجزء الآخر منها فهذا غير مقبول أبداً خصوصاً أنه بلا دليل, فهل تستطيع أن تثبت لنا بأن هذه الآية بالذات (مضافة) وبالدليل ومن الذي أضافها, ومتى اضيفت للقرآن؟؟ بالاضافة إلى ردنا السابق عن التعقيب بعيسى (عليه السلام) للرسل وذكر رسالة الإسلام والقرآن والنبي (صلى الله عليه وآله) بعدها مباشرة.
مع وجود نصوص أخرى في إنجيل يوحنا تشير إلى نبينا (صلى الله عليه وآله) وأنه يأتي بعد عيسى (عليه السلام) فلماذا هذا الانكار غير المبرر علمياً!؟ ولنأخذ مثلاً من تلك الاشارات:
1- قوله (عليه السلام): (لكني أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أرسله إليكم ومتى جاء ذلك يبكت العالم على خطية وعلى برٍ وعلى دينونة ... المزید وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية، هو يمجّدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم) يوحنا (16: 5 ـ 15).
2- قوله (عليه السلام): (وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم). (يوحنا 14: 26).
3- وقوله (عليه السلام): (وأنا أسال الأب فيعطيكم معزياً آخر ليقيم معكم إلى الابد) (يوحنا 14: 16).
فقول عيسى (عليه السلام): إنه خير لكم أن أنطلق لانه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي): ومتى جاء ذلك يبكت العالم! وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية (فيعطيكم معزياً آخر ليقيم معكم إلى الأبد) فكل هذه الاقوال والنعوت تدل على أن المسيح (عليه السلام) يخبر عن نبي يأتي من بعده لا ينطق عن الهوى ويدعو العالم أجمع ورسالته خاتمة وكاملة ويخبر عن غيبيات وأنه نبي آخر يجب أن أذهب أنا ليبعث هو فهو من سخلفني فيكم وهو من سخبركم عني ويشهد لي وووو....!! وهذا كله لا يمكن أن ينطبق على الروح القدس لأنه أصلاً موجود في حياة عيسى ومعه فكيف يقول بأنه (عليه السلام) إن لم يذهب لا يأتيهم المعزي وكذلك كيف يصفه بأنه مُعَزِّ آخر فهل هناك أكثر من روح قدس وكذلك كيف يصف الروح القدس بأنه يبكت العالم وكيف ومتى بَكَّتهُم!؟ وكيف يخبر المسيح (عليه السلام) بأنه سيبقى معهم إلى الأبد مع أن تلاميذه ماتوا وانتهى الإلهام والوحي الانجيلي فكيف يكون باقياً إلى الابد مع التلاميذ الذين ماتوا أو مع أي شخص والاناجيل قد كتبت وانتهى التشريع ولا يثبت أي حكم الآن وإلى قيام الساعة عن طريق الالهام والوحي!!؟
وكيف يصفه (عليه السلام) بأنه يخبرهم بكل شيء ويخبرهم بالغيب أيضاً مع أن الاناجيل ليس فيها كل شيء ولم يعلم أن الروح القدس كأن يخبر التلاميذ بالمغيبات وإنما هي عبارة عن قصص رأوها بأنفسهم وعايشوها أو رووها عن غيرهم مع الاختلاف الشديد في الكثير من هذه الاخبار فيما بين الاناجيل فكيف يصدر المختلف والمتناقض عن الله أو الروح القدس الذي لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به!!!؟ أما العهد القديم ففيه أيضاً ما يوافق ويطابق ما جاء من بشارات الانجيل بالاضافة إلى مطابقتهما لما جاء في القرآن الكريم كقوله تعالى لموسى (عليه السلام):
1- (لهذا أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ويكون أن الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به أنا أطلبه) (سفر التثنية 18:18).
2- وكذلك ورد فيها قوله في سفر التثنية (22: 1ـ2 ):
(وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته فقال جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران). وهذا ينطبق على موسى الذي بعث من سيناء وعيسى من سعير ومحمد (صلى الله عليه وآله) من جبال مكة وهي جبال فاران التي ذكرت في التوارة بأنها بلد إسماعيل وأمه هاجر, حيث ورد في سفر التكوين (21: 17: 21): (ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها مالك يا هاجر، لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو، قومي إحملي الغلام وشدي يدك به، لأني سأجعله أمة عظيمة، وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء، فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام، وكان الله مع الغلام فكبر، وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس، وسكن في برية فاران، وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر). ونقول أيضاً بأن القرآن الكريم قد أكد أكثر هذه البشارات كما قال تعالى:
1- (( وَإِذ قَالَ عِيسَى ابنُ مَريَمَ يَا بَنِي إِسرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُم مُصَدِّقاً لِمَا بَينَ يَدَيَّ مِنَ التَّورَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأتِي مِن بَعدِي اسمُهُ أَحمَدُ )) (الصف:6).
2- (( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكتُوباً عِندَهُم فِي التَّورَاةِ وَالأِنجِيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعرُوفِ وَيَنهَاهُم عَنِ المُنكَرِ )) (الاعراف:157).
3ـ (( وَإِذ يَرفَعُ إِبرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيتِ وَإِسمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّل مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجعَلنَا مُسلِمَينِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُب عَلَينَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ, رَبَّنَا وَابعَث فِيهِم رَسُولاً مِنهُم يَتلُو عَلَيهِم آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَيُزَكِّيهِم إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ )) (البقرة:127-129).
وهذه الآية الكريمة الاخيرة تبين نفس ما ذكر في التوراة والانجيل حول ابراهيم واسماعيل ومباركة ذريتهما.
فقد جاء في الانجيل من قول الله تعالى لابراهيم (عليه السلام): (ويتبارك في نسلك جميع عشائر الارض (اعمال الرسل 3: 25) فقد جاء في التوراة (وإبراهيم سيكون أمة كبيرة مقتدرة ويتبارك به جميع أمم الأرض وقد علمت أنه سيوصي بنيه وأهله من بعده بأن يحفظوا طريق الرب ليعملوا بالبر والعدل حتى ينجز الرب لابراهيم ما وعده) (تكوين 18: 18ـ 19).
وبين الوعد كما في نفس السفر بقوله: (وأما اسماعيل فقد سمعت قولك فيه وها أنذا أباركه وأنميّه وأكثره جداً جداً ويلد اثني عشر رئيساً وأجعله أمة عظيمة) (تكوين 17: 20). وأما في الانجيل فقد ورد فيه قول عيسى (عليه السلام): (فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم حتى تأتي أوقات الراحة من قبل الرب ويرسل يسوع المسيح المبشَّربه من قبل.
الذي ينبغي أن تقبله السماء إلى الازمنة التي يرد فيها كل ما تكلم الله عنه على أفواه أنبيائه القديسين منذ الدهر.
فإن موسى قد قال سيقيم لكم الرب الهكم نبياً من بين إخوتكم مثلي فله تسمعون في جميع ما يكلمكم به.
وكل من لا يسمع لذلك النبي تقطع تلك النفس من بين الشعب. وجميع الانبياء من صموئيل ومن بعده كل من تكلم منهم قد أنبأ بهذه الايام فأنتم أبناء الانبياء والعهد الذي عاهد الله به أبناءنا قائلاً لإبراهيم ويتبارك في نسلك جميع عشائر الأرض.
فإليكم أولاً أرسل الله فتاه (أي عيسى (عليه السلام)) بعد ما أقامه ليبارككم بأن يرد كل واحد منكم عن شرور) (أعمال الرسل 3: 19ـ 26).
فقول عيسى (عليه السلام): (فإن موسى قد قال: سيقيم لكم الرب الهكم نبياً من بين إخوتكم مثلي فله تسمعون في جميع ما يكلمكم به) يثبت بأن الله تعالى سيبعث نبياً فلا ندري هل يؤمن المسيحيون بأن عيسى (عليه السلام) نبي مثل موسى فهم بين نارين إما أن يؤمنوا ببشرية عيسى (عليه السلام) وإنسانية ونبويته كغيره من الانبياء فيخالفوا عقيدتهم وتسقط حجتهم بأنه خاتم للانبياء لان الله تعالى بعد يأسه من بني البشر قام بارسال إبنه هذه المرة فتبطل هذه النظرية وهذا مالا يقولون به وإما أن يقولوا بأن هذا النص فيه بشارة من عيسى وموسى بنبي يأتي من بعدهما يكون من أوسط إخوانهم أي من إسماعيل (عليه السلام) كما نصت التوراة على ذلك أيضاً خصوصاً إذا تذكرنا بأن نقل عيسى (عليه السلام) لكلام موسى (عليه السلام) هنا وختمه بقوله (فإليكم أولاً أرسل الله فتاه) نص صريح على وجود تابع لعيسى (عليه السلام) من بعده لأنه يصرح بأن الله تعالى سيرسله أولاً فلو كان عيسى خاتماً للانبياء فلماذا يسميه (أولاً) فهل من عاقل يجيب!!؟
فلم يثبت بذلك ما ادعيتموه بأن الانجيل والقرآن يثبتان بأن المسيح (عليه السلام) هو خاتمة النبوة بل العكس هو الصحيح كما بيَّنا آنفاً!! ثانياً: أما المسألة الثانية التي ذكروها وهي (الفارقليط) في الانجيل.
فنقول في جواب ما ورد فيها وبالله التوفيق: فأما إدعاؤهم بأن الفارقليط هو روح القدس فهذا قولهم هم وهي مغالطة جعلوها هنا وأشكلوا بهذا الأشكال, من أنه كيف يكون الفارقليط هو محمد (صلى الله عليه وآله) مع أن الفارقليط هو الروح القدس الذي يعتقد المسلمون بأنه جبرائيل (عليه السلام) فهذه مغالطة منهم لأن المسلمين الذين يعتقدون بأن جبريل هو الروح القدس لا يعتقدون بأن الفارقليط هو الروح القدس!!
فأنتم من فسر الفارقليط بذلك وهذه دعوى نحن ننقضها ونبطلها وبالادلة باذن الله تعالى.
وإن ورد في بعض الآيات في الانجيل اتباع الفارقليط أو المعزي بالروح القدس أو روح الحق فإن هذه الاضافات لا نؤمن بها فقد تكون مضافة على النص! وإما أن نقول بأن هذا الوصف يمكن أن ينطبق على انبياء الله تعالى لانهم مؤيدون بروح القدس, فيكون ذلك من باب ذكر السبب وإدارة المسبَّب وهذا جائز في استعمال اللغة, وقد يكون وصفاً انجيلياً للانبياء وللمؤمن الصالح عموماً على وجه الحقيقة كما يطلق الانجيل عليهم بأنهم ابناء الله أو روح الحق الذي يجعلونه وصفاً لعيسى (عليه السلام), فنحن يمكننا أن نعمم هذه الاوصاف التي تجعلونها لعيسى (عليه السلام) على كل انبياء الله ورسله وخصوصاً خاتمهم محمد (صلى الله عليه وآله), فلا يبقى مجال لحصر هذه الاوصاف بعيسى (عليه السلام), ولا مجال بعد ذلك للمبالغة في دلالاتها وجعلها ميزة وخصوصية لعيسى (عليه السلام) ومن ثم تأليهه بواسطتها! وأما بالنسبة لما ذكروه من الواقع الانجيلي فنقول: بالنسبة للمسألة التاريخية فقد ذكرنا آنفاً بحسب دائرة المعارف الفرنسية الكبيرة(ج23/ 4174) عند شرحها لكلمة محمد (صلى الله عليه وآله): ((ومن الصدف العجيبة أن هناك أسماً آخر مشتقاً من الحمد وهو مرادف للفظ (محمد) وهو كلمة (أحمد) التي يغلب على الظن أن المسيحيين في الجزيرة العربية كانوا يستعملونها مكان (فارقليط) وأحمد معناه المحمود كثيراً والمحترم جداً وهو ترجمة لكلمة بركلتيوس التي أخطأوا فوضعوا مكانها كلمة باركليتوس)).
وقال مؤلف كتاب (الكتاب المقدس تحت المجهر) على هامش هذا الكلام: عند مراجعتي لأحد الاناجيل الاسكندنافية المتداولة اليوم والتي طبعت قبل حقبة من الزمن بالنرويجية وجدت بأن كلمة (أحمد) لا زالت موجودة بالشكل التالي (Amat) وهذا الاسم لازال يستعمل إلى يومنا هذا من قبل الامريكيين نرويجيي الاصل ويكتب بالشكل التالي (Amodt) وهذه الكلمة موجودة في نفس الاصحاح المذكور أعلاه بالنرويجية فراجع... أ هـ.
وكذلك ورد إسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إنجيل برنابا الفصل الثاني عشر بعد المائة: (17) (ولكن متى جاء محمد رسول الله المقدس تزال عني هذه الوصمة).
وفي الفصل التاسع والثلاثين منه جاء فيه: (14) (فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس نصها (لا إله إلا الله محمد رسول الله))...
وفي الفصل الواحد والاربعين جاء فيه: (20) (فلما التفت آدم رأى مكتوباً فوق الباب. (لا إله إلا الله محمد رسول الله)).
وجاء في الفصل السادس والتسعين: (11) (حينئذ يرحم الله ويرسل رسوله الذي خلق كل الاشياء لأجله (12) الذي سيأتي من الجنود بقوة وسيبيد الاصنام وعبدة الاصنام(13) وسينتزع من الشيطان سلطته على البشر (14) وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به(15) وسيكون من يؤمن بكلامه مباركاً).
وعلى كل حال فقد أعلنها رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) صريحة وبتحدٍ لكل اليهود والنصارى في زمنه فلم يكذبوه ولم يقولوا أين هذا الاسم وأين هذه البشارات في كتبنا أو هذا إدعاء وهذا كذب وهذا غير موجود في نسخنا أبداً بل سكتوا وصالحوا ومنهم من آمن بعد سؤاله (صلى الله عليه وآله) واختباره ومنهم من أسلم مباشرة!!
فكل هذه القرائن تدل على صدق رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) وصدق القرآن الكريم ووقوع التحريف عندكم وفي إنجيلكم وليس العكس فأنتم من يتلاعب بالترجمة ويغيرها وليس المسلمون من حرف الباركليتوس إلى البركلتيوس! وأما بالنسبة إلى المسألة الموضوعية.
فنقول في الرد على كلامهم واستدلالهم على أن (الفارقليط) لا يمكن أن يكون بشراً أو مخلوقاً:
حديث الأول/(وأنا أسال الاب فيعطيكم فارقليط آخر ليقيم معكم إلى الابد روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يراه ولا يعرفه أما أنتم فتعرفونه لانه مقيم معكم) يوحنا 14: 16 ـ 17
فقالوا: تلك الاوصاف تدل على إلهية الفارقليط فنقول: أما بالنسبة إلى إقامته إلى الأبد فهذا يعني بأن رسالته مستمرة وغير منسوخة بخلاف الحال في رسائل الانبياء السابقين. أما القول: بأنه يقيم مع التلاميذ إلى الأبد وهذا ليس في قدرة مخلوق!
فنقول: كيف يقيم مع تلاميذ المسيح وقد ماتوا أوصلبوا جميعاً بعد عيسى (عليه السلام) بسنوات معدودة!؟
وأما وصفه بأنه روح الله أو روح الحق أو روح القدس, فيمكن حملها أيضاً على التشريف فتكون النسبة لله تعالى والاضافة إليه عز وجل تشريفية كما نقول: (بيت الله) (وناقة الله) و(نبي الله) فإننا نقول: روح الله! أما الاستدلال بقوله: (لا يستطيع العالم أن يراه) فقد قال بعدها (ولا يعرفه) فهذا أمر طبيعي ويعني به أن أهل الدنيا سوف لا يعرفوه ولا يرونه ولا يشعرون به ولا ينتفعون برسالته لان المؤمنين وحدهم من يرى ويعرف الرسالة والرسول, وهذا المعنى موجود حتى في القرآن كما في قوله تعالى: (( إِنَّكَ لا تُسمِعُ المَوتَى وَلا تُسمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوا مُدبِرِينَ وَمَا أَنتَ بِهَادِي العُميِ عَن ضَلالَتِهِم )) وقوله تعالى: (( وَمَا يَستَوِي الأَحيَاءُ وَلا الأَموَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) , وقوله عز وجل: (( وَمِنهُم مَن يَستَمِعُونَ إِلَيكَ أَفَأَنتَ تُسمِعُ الصُّمَّ وَلَو كَانُوا لا يَعقِلُونَ وَمِنهُم مَن يَنظُرُ إِلَيكَ أَفَأَنتَ تَهدِي العُميَ وَلَو كَانُوا لا يُبصِرُونَ )) , وقوله عز من قائل: (( أَفَأَنتَ تُسمِعُ الصُّمَّ أَو تَهدِي العُميَ وَمَن كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ )) .
فكل هذه الآيات وكذلك قول الانجيل (لا يستطيع العالم أن يراه ولا يعرفه) تصب في نفس المجرى ونفس المعنى وهو أن الكافرين أو أهل الدنيا لا يرون ولا يسمعون ولا يعقلون شيئاً من عالم الرسل والرسالات فهم غافلون عنهم وعن دعوتهم بل يقومون بالاعتداء عليهم أو تكذيبهم أو حتى قتلهم!! أما قوله (يكون معكم ويكون فيكم). فهو أعتقاد المؤمنين به فحسب وليس فيه دلالة أخرى تعني البقاء والخلود, بدليل كونهم غير خالدين وغير باقين, فالتلاميذ ماتوا ولم يخلدوا وكذلك من جاء بعدهم من المؤمنين وإلى يوم الدين كلهم غير خالدين في هذه الدنيا, فلا يمكن أن يكون هذا الفارقليط خالداً وإنما يشير النص هنا إلى الاستمرار وخلود الرسالة وخاتمة الاديان وعدم نسخ الشريعة وعدم إقفاء أحد الانبياء بعد هذا الفارقليط!
أما القول بأن الفارقليط خاص بتلاميذ المسيح يأتيهم ليسليهم أو يعزيهم فهذا يكذبه الواقع إما من ناحية ظهوره لبولص ومرقص وغيرهم ممن جاء بعدهم وكل هؤلاء ليسوا تلاميذاً للمسيح, وإما أن يكون المقصود بأن كل مؤمن به بحق يجب أن يؤمن بالفارقليط أيضاً من بعده لأنه يعرف ذلك ويراه, أما غيرهم من أهل الدنيا أو الكاذبين في إيمانهم فسوف لا يرون ذلك الرسول ولا يصدقوا به ولا يعرفوه!
فان كان الروح القدس مسلياً أو معزياً يبقى الى الابد, فالتلاميذ لم يبقوا إلى الابد!
وإن قلتم بأنه يبقى مع كل المؤمنين. فما الفائدة من ذلك؟
إن قلتم بان الفائدة كتابة الانجيل أو التعاليم. فقد تناقضت الاناجيل فيما بينها واختلفت التعاليم من إنجيل لآخر, وكذلك فأنكم لم تقبلوا إلا هذا الانجيل ورفضتم الكثير من الاناجيل والكتب التي كتبت وانتقيتم دون ضوابط هذا الانجيل فقط مع عدم اتصاله بكل المؤمنين!
وحينئذ يرد عليكم أيضاً: ما الفائدة من بقاء الروح القدس إلى الابد في المؤمنين وقد انتهت مهمته في تعزية أو تسلية التلاميذ أو إستمراره بالاتصال بالمؤمنين إلى الابد, فما الفائدة من هؤلاء الذين يتصل بهم الروح القدس خصوصاً أنكم لم تضيفوا إلى الاناجيل شيئاً ولم تصححوا أو تغيروا فيها شيئاً من خلال اتصال الروح القدس بأي قديس أو مؤمن بعد كتابة الانجيل في القرن الرابع الميلادي!!؟ أما الحديث الثاني/ فيقول المسيح فيه: (قلت لكم هذه الاشياء وانا مقيم معكم والفارقليط الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو الذي يعلمكم كل شيء ويذكركم بجميع ما قلت لكم) يوحنا (14ـ 25ـ 26).
وهذا الحديث ايضاً لا دلالة له على ما يدعون, بل هو ضدهم أيضا! ففيه ما فيه من الدلالات على خلاف قولهم, والجواب هو الجواب لان قوله: (سيرسله الاب باسمي) يدل على أن الفارقليط رسول من الله وليس هو الله تعالى, وقوله: (فهو الذي يعلمكم كل شيء ويذكركم بجميع ما قلت لكم) يدل على أن رسالة محمد (صلى الله عليه وآله) هي الخاتمة وهي الكاملة ومصدقة ايضاً بما جاء به عيسى (عليه السلام) وعارفة بها وكل ذلك قد ذكره القرآن الكريم!
فلا دلالة بعد ذلك على كون هذا الرسول إلهاً لان حمله على الروح القدس في غاية الإشكال، فالأناجيل متناقضة ومختلفة وكذلك لم يكتبها تلاميذ المسيح فقط, وكذلك فليس فيها كل شيء بكل تأكيد!
ثم نقول: لماذا احتاج التلاميذ إلى من يأتيهم بعد عيسى ليذكرهم بأقواله واعماله وتعاليمه وما جرى له مع أنهم كان يمكنهم كتابة ذلك من دون الروح القدس, ثم إن الروح القدس لماذا ذهب إلى تلميذين فقط وترك الآخرين ثم ذهب الى غير تلاميذ المسيح كبولص ومرقص وغيرهم؟.
فهل المعزي او المسلي للتلاميذ يذهب لبعضهم ويترك الآخرين؟! لماذا؟
ولماذا يذهب أيضاً لغير التلاميذ ليتصل بهم ويخبرهم بأمور لم يعروفها أصلاً؟! فكيف يصح ان يقول عن ذلك بأنه (يذكرهم بجميع ما قاله لهم), فكيف يذكرهم بجميع ما قاله المسيح اليهم وهم لم يروه ولم يسمعوه!!؟
وكذلك بالنسبة للتلاميذ كيف ينتظرون من يذكرهم بكلام المسيح مع أنه (عليه السلام) قد قال لهم (الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي)؟! وما حاجتهم لهذا المعزي أو المسلي والمسيح يقول لهم (لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الأب لان ابي اعظم مني). الحديث الثالث/ قال: (ومتى جاء الفارقليط الذي ارسله اليكم من لدن الاب روح الحق الذي ينبثق من الاب فهو يشهد لي أنتم أيضاً تشهدون بما أنكم معي منذ الابتداء) يوحنا (15: 26) فقال (هذه الآية تعلن مباشرة إلهية الفارقليط إنه (ينبثق من الآب) أي من ذات الآب والتعبير (ينبثق) ينفي الصدور بالخلق أ هـ
فنقول: يوجد هنا بعض التحريف كما في قوله (ينبثق من الاب) فهي موجودة ومطبوعة في نسخة الكنيسة وغيرها وباصدار دار الكتاب المقدس بقوله (ينبثق من عند الاب) وهذا ينافي كل ما قاله وذكره واستدل به! فلماذا هذا التحريف وهذا التلاعب!! ومن ينبثق من عند الاب غير من ينبثق من الآب!
وأما استدلاله بقوله (ينبثق) فهي كلمة تعني يأتي أو يرسل أيضاً, فلماذا جعلها بمعنى الوحدة في الذات مع الله (تعالى عما يقولون) وترك المعنى المتبادر, ثم رفع كلمة (عند) وقال (من الاب) ولم يقل (من عند الاب) ليتم له ما يريد من تلاعب وتحريف للمعنى!! وأما الحديث الرابع/ وهو قوله: (إني أقول لكم الحق: إن انطلاقي لخيراً لكم فإن لا أنطلق لايأتكم الفارقليط، واما متى انطلقت فإني أرسله إليكم ومتى جاء فهو يفحم العالم على الخطيئة وعلى البر وعلى الدينوينة...) يوحنا (16ـ 7ـ 11).
وهذا الحديث ايضاً كسابقاته لا ينفعه في شيء اصلاً بل هو ضده تماماً لانه يستدل به على تسلية الفارقليط لحواريي المسيح وأن ذلك يتم بعد رفع عيسى الى السماء!!
فنقول: إن قول المسيح (عليه السلام): (إن في انطلاقي لخيراً لكم) يدل بوضوح على عكس هذا الكلام تماماً لأن كلام السيد المسيح يدل على اهمية من يأتي بعده وتوقف بعثته على انطلاقه وأن انطلاقه افضل من بقائه لكي يأتيهم ذلك الفارقليط الذي سيفحم العالم كل العالم وهذا لا ينطبق على بعث وارسال معزي أو مسلي يسليهم بعد المسيح ويقلل من ألمهم وحزنهم على فراقه فكيف بَكَّتَ العالم وكيف أفحمهم بنفسه كما هو ظاهر النص!!
وهذا في الواقع ينطبق على كون رسول الله (صلى الله عليه وآله) محمد لا يبعث إلا بعد عيسى وهو من سيدافع عنه ويشهد له بالصدق والواقع الذي حصل ويرد على كل من خالف ذلك من اليهود والنصارى.
وهذا الامر ليس مختصاً بتلاميذ المسيح أبداً خصوصاً وإن المسيح نفسه قد قال لهم كما ذكرنا (لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الأب لأن أبي أعظم مني)!! فكيف يحتاج تلاميذه المخلصون إلى مسلي لهم أو معزي وكيف يتألمون على ذهاب المسيح وهو يقول لهم عكس ذلك ويطلب منهم الفرح له وليس الحزن عليه ليبعث لهم معزياً فهل المسيح متناقض ام التلاميذ ليسوا مخلصين ولا مؤمنين وأحلاهما مُرٌّ!!؟ وأما الحديث الخامس/ قول المسيح: (وعندي أيضاً أشياء كثيرة أقولها لكم غير أنكم لا تطيقون حملها الآن ولكن متى جاء هو الحق فانه يرشدكم إلى الحقيقة كلها فإنه لا يتكلم من عند نفسه بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بما يأتي, إنه سيمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم جميع ما هو للاب هو لي من اجل هذا قلت لكم إنه يأخذ مما لي ويخبركم) يوحنا (16: 12ـ 15).
وقوله: علم الفارقليط إلهي فهو يرشد رسل المسيح (أي الحقيقة كلها) ويخبرهم بما يأتي (فهل يستطيع (أحمد) هذا مع حواريي المسيح؟ وهو لا يعلم الغيب؟
نقول: الكلام ليس خاصاً بحواريي عيسى قطعاً فدينه وتعاليمه عامة لكل المؤمنين فلا يمكن تخصيص حوارييه بدينه وتعاليمه ولكنه يكلم الحاضرين عنده ويقصد هو العموم لجميع المؤمنين بكل تأكيد!
وأما ارشاد المؤمنين (إلى الحقيقة كلها) فإشارة للدين الكامل الخاتم الذي سيأتي به الفارقليط (أحمد) من بعده.
وأما اخبارهم بالغيب فهو امر طبيعي فالنبي (صلى الله عليه وآله) أخبر الناس بالمغيبات الى يوم القيامة ولكن بتعليم الله تعالى له وليس بذاته هو ولا غيره غير الله تعالى يعلم الغيب وإنما يظهر الله على غيبه من يشاء من رسله وقد قال تعالى بوصفه لرسول الله (صلى الله عليه وآله): (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى). وأما قوله (فجميع ما للأب هو لي، من أجل هذا قلت لكم إنه يأخذ مما لي ويخبركم) وهذا ايضاً واضح الدلالة على أن النبي الذي يأتي من بعد المسيح يأخذ من مشكاة واحدة هو والمسيح فهما في خط واحد في الطريق الى الله والانتهال من علمه وغيبه وقصد المسيح هنا بأن من يأتي بعده سوف لن يغير أو يخالف ما جاء به المسيح من تعاليم ولكنه يكملها فقط لانه سوف (يرشدكم الى الحقيقة كلها) بدليل قول المسيح بأنه عنده اشياء كثيرة ليقولها لهم ولكن ليس الان وقتها لأنهم لا يطيقونها ولا يتحملونها الآن أما اذا بُعث محمد (صلى الله عليه وآله) بالدين الكامل والرسالة الخاتمة فأنه سيخبرهم بكل الحقيقة وسيطيقها حينئذٍ المؤمنون! وإلا لو لم يكن ذلك هو المراد فما الذي جاء به الروح القدس من بعد عيسى (عليه السلام) من حقيقة وأشياء لم يستطيعوا حملها أو تحملها في زمان عيسى (عليه السلام)!!؟؟
وفي الختام نقول: بأن هذه النصوص الخمسة تؤكد ما قلناه وما جاء به القرآن من أن الفارقليط الذي بشر به عيسى (عليه السلام) هو أحمد وهو محمد (صلى الله عليه وآله) نبي الإسلام برسالته الخاتمة وصفاته الكاملة وأنه هو من سيدافع عن المسيح ويشهد له بين قولين متطرفين لليهود والنصارى.
ودمتم في رعاية الله