logo-img
السیاسات و الشروط
.. ( 20 سنة ) - العراق
منذ سنة

السقيفة

قال أبوجعفر: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبوذر والمقداد، قال: قلت فعمار؟ قال: قد كان حاص حيصة ثم رجع ثم قال :.....، ثم أناب الناس بعد، وكان أول من أناب أبو ساسان الأنصاري وأبو عمرة وشتيرة وكانوا سبعة فلم يكن يعرف حق أمير المؤمنين إلا هؤلاء السبعة. وفي رواية اربعة. هل هذا يأتي بالتدريج حسب إيمانهم؟ وأين ذهب بن عباس مثلاً؟ وهل هو من ضمن الـ ٧ أو لا يحسب كونه من بني هاشم؟ هل بقي على ولائه؟ وأين ذهب بلال المؤذن؟ وماذا كان موقفه؟ يرجى أن تذكروا من بقي على ولائهم حتى نعرف الصالح من الطالح. شكراً


السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب إنّ عمار بن ياسر من أصحاب أمير المؤمنين الأجلاء كما دلت عليه الأخبار المادحة له، ومن كان كذلك لا تصدر منه هزات وهنات وإرهاصات من الريبة والشك بأفعال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) حتى لو كانت بمستوى ضئيل لا يعتد به عرفاً وعقلاً وشرعاً ... المزید! لأن كل ما يوجب التشويش الإيماني على عمار لا يتوافق مع الآية التي نزلت بحق عمار وهي قوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ (النحل: ١٠٦). فقد جاء في تفسيرها الكثير من الأخبار المادحة لعمار وأن قلبه مليء بالإيمان إلى يوم شهادته، ولو لم يكن إلا الإطلاق في الآية الشريفة لكفى به دليلاً على صدق إيمان عمار إلى يوم شهادته وينبغي لكلِّ باحث أن يضع أمامه الإطلاق الإيماني والإعتقاد الرباني الموجود في الآية بحق عمار، وأن يكون هذا الإطلاق هو الميزان الفصل في عرض الأخبار عليه بمقتضى ما دلت عليه الاخبار الكثيرة من وجوب عرض كل خبر منسوب إليهم على كتاب الله تعالى فما وافقه يؤخذ به وإلا فيعرض على أخبار العامة أو يضرب به عرض الجدار أو يرد إلى أهله بحسب تفاوت النصوص الكاشفة عن كيفية قواعد الترجيح الروائي المعمول بها في الوسط الفقهي العلمي. والأخبار متعارضة مع بعض الأخبار الأخرى الدالة على أن عماراً كان من الأربعة الثابتين على نصرة أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما أشار إلى ذلك خبر الحارث النضري التي رواها صاحب الكشي بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس ابن عامر، وجعفر بن محمد بن حكيم عن أبان بن عثمان، عن الحارث النضري قال: سمعت عبد الملك بن أعين يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) قال: فلم يزل يسأله حتى قال له: فهلك الناس إذاً؟ قال: "إي والله يا ابن أعين، هلك الناس أجمعون، قلت: من في المشرق ومن في المغرب؟ قال: فقال: إنها فتحت على الضلال، إي والله هلكوا إلا ثلاثة، ثم لحق أبو ساسان وعمار وشتيرة وأبو عمرة، فصاروا سبعة". إن التعبير بـ(ثم لحق أبو ساسان وعمار..." دلالة واضحة على أنه لم يتخاذل عن النصرة بل تأخر عنها قليلاً لإعتبارات لم نطلع عليها، ولعلّه من الخوف أو شيء آخر لا ندري حقيقته فلا يستلزم الخدش بإيمانه المطلق بأهل البيت (سلام اللّٰه عليهم) لا سيما أن الرجل كان معروفاً بولائه لأمير المؤمنين وسيّدة نساء العالمين (سلام اللّٰه عليهما) وأنه من السبعة الذين زكَّاهم الإمام أبو جعفر (عليه السلام) كما في رجال الكشي في صحيحة زرارة بإسناده عن جبريل بن أحمد الفاريابي البرناني، قال حدثني الحسن بن خرزاد قال حدثني ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أبيه عن جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: "ضاقت الأرض بسبعة بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون، منهم سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة (رحمة اللّٰه عليهم) وكان علي (عليه السلام) يقول: وأنا إمامهم، وهم الذين صلوا على فاطمة (عليها السلام)". فعمار ممن صلى على سيِّدة نساء العالمين وكان عمار من الابدال الخواص عند أمير المؤمنين علي (سلام الله عليهما)، فمن البعيد جداً أن يدخل قلبه المبارك ردة عن أمير المؤمنين وزوجته سيّدة نساء العالمين وتجاوز عن نصرتهما..! نعم تحمل الحيصة على معان سوف نذكرها وهي ليست علّة تامة لإخراجه من الدين أو التشكيك بمقامه الرفيع عند الله ورسوله وأهل بيته الطيبين (سلام الله عليهم)، وعلى فرض التسليم برواية الحيصة فإن فيها من حاص حيصة أيضاً وهما: سلمان وأبو ذر، ولم يسلم منها أو من الشك سوى المقداد كما أشارت رواية أبي بكر الحضرمي وهي التالي: "عن الكشي بإسناده عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): ارتد الناس إلا ثلاثة نفر سلمان وأبو ذر والمقداد قال: قلت فعمار؟ قال: قد كان جاض جيضة ثم رجع، ثم قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد، فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض أن عند أمير المؤمنين (عليه السلام) إسم الله الأعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض وهو هكذا، فلبب ووجئت عنقه حتى تركت كالسلقة[ كالسلعة]، فمر به أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا أبا عبد الله هذا من ذاك بايع، فبايع، وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسكوت ولم يكن يأخذه في الله لومة لائم فأبي إلا أن يتكلم فمر به عثمان فأمر به، ثم أناب الناس بعد فكان أول من أناب أبو سنان الأنصاري وأبو عمرة وشتيرة وكانوا سبعة، فلم يكن يعرف حق أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا هؤلاء السبعة". والرواية ضعيفة سنداً بسيف بناءً على حجية الخبر الثقة عند المتأخرين، وأما بناءً على حجية الخبر الموثوق الصدور فلا ريب في ضعفها حتى لو كان سيف ثقةً. إذن؛ لم ينفرد عمار بالحيصة التي تعني الإنزعاج والوقوف على الحياد لفترة قليلة، والحيص يختلف بطبيعته عن الإرتداد والكفر كما جاء في الأخبار الأُخرى، كما أن هناك أخباراً تشير بوضوح بأن عماراً التحق بسلمان والمقداد وأبي ذر، ما يعني أنه تأخر قليلاً كما تأخر غيره حسبما أشار إلى ذلك الخبر الخامس في مرفوعة محمد بن عيسى عن الإمام الصادق (عليه السلام) التي رواها الشيخ المفيد في الإختصاص. وبعبارة أُخرى: إن روايات التفاضل بين الثلاثة "سلمان والمقداد وأبي ذر" وبين عمار ليس من باب أن عماراً حاص حيصة، وإنما من باب التفاوت في مراتب الإيمان والإعتقاد بين الجميع، وهو خارج عن موضوع البحث، لأن النزاع قائم حول حيصة عمار وارتداده عن النصرة، وهو أمر اختلطت فيه الأخبار ولم تقتصر الحيصة على عمار فحسب بل شملت حتى سلمان وأبا ذر واستثنت المقداد كما أشار إلى ذلك موثقة أبي بكر الحضرمي المتقدمة، فقد دلت عدة أخبار على أن سلمان وأبا ذر نالهما شيء من التردد والتأخر عن النصرة كما كشفت عن ذلك مرفوعة محمد بن أحمد بن عيسى فعاقب الله سلمان أن وجئ في عنقه حتى صيّرت كهيئة السلعة حمراء، وأن الله تعالى عاقب أبا ذر بأن سلط عليه عثمان حتى حمله على قتب وأكل لحم إليتيه وطرده عن جوار رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولم يفلت من العقاب الإلهي إلا المقداد بن الأسود الحمصي (رضي الله عنه). وبالجملة: إن عدد الأخبار التي دلت على أن سلمان وأبا ذر وعمار دخلهم الشك وجالوا جولة لم يتجاوز الثلاثة، هي الآتي: موثقة أبي بكر الحضرمي ومرفوعة أحمد بن محمد بن عيسى ومرسلة النضر بن سويد المروية في رجال الكشي بإسناده عن حمدويه بن نصير، قال حدثني محمد بن عيسى ومحمد بن مسعود، قالا حدثنا جبريل بن أحمد، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن محمد ابن بشير، عمن حدثه، قال ما بقي أحد إلا وقد جال جولة إلا المقداد بن الأسود فإن قلبه كان مثل زبر الحديد. وروى المجلسي خبراً مرسلاً في البحار بإسناده عن رجال الكشي: علي بن محمد القتيبي، عن جعفر بن محمد الرازي، عن أبي الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن رجل، عن أبي جمزة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لما مروا بأمير المؤمنين (عليه السلام) في رقبته حبل إلى زريق ضرب أبو ذر بيده على الأخرى ثم قال: ليت السيوف عادت بأيدينا ثانية، وقال مقداد: لو شاء لدعا عليه ربه (عزَّ وجلَّ)، وقال سلمان: مولاي أعلم بما هو فيه. وروى المفيد في الإختصاص فقال:حدثني محمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن النضر بن سويد عمن حدثه من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما بقي أحد بعد ما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا وقد جال جولة إلا المقداد فإن قلبه كان مثل زبر الحديد. وهنا لابد لنا من تفسير معنى الشك أو الحيصة أو الجولة، فنقول: إن معنى جال جولة هو الإنزعاج في سره إنزعاجة ما وحاد قلبه عن سبيله حيدة ما، ومعنى الحيصة: الإنهزام من العدو... ومعنى الشك: التردد في مقابل اليقين أو ما يعرض على القلب. لا ريب في أن الأقطاب الثلاثة: سلمان وأبو ذر وعمار قد عرض عليهم عارضٌ من التعجب والإستغراب والإنزعاج وهو ما دلت عليه الرواية بأنه جال جولة: أي، استغربوا كيف يجر الكافرون المستبدون أميرَ المؤمنين (عليه السلام) بحمائل سيفة مع ما يعلمه القوم من شدة بطشه وقوته، وهو أمر يدعو للإستغراب للوهلة الأولى، وقد دلت عليه الأخبار كما في رواية الشيخ المفيد في هذا المضمون، فقد روى بإسناده عن جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن كرام، [و] عن إسماعيل بن جابر، عن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لما بايع الناس أبا بكر أتى بأمير المؤمنين (عليه السلام) ملبباً "ليبايع قال سلمان أتضع ذا بهذا؟ والله لو أقسم على الله لانطبقت ذه على ذه قال: وقال أبو ذر وقال المقداد [والله] هكذا أراد الله أن يكون، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): كان المقداد أعظم الناس إيمانا " تلك الساعة". لو سلّمنا جدلاً بصحة صدور هذه الأخبار عن أهل بيت العصمة والطهارة (سلام الله عليهم)، فلابدّ لنا من حملها على الأمر الآتي وهو: إن المقداد هو الوحيد الذي لم يعرض على قلبه تساؤل، لذا كان أفضلهم في تلك الساعة، بخلاف البقية حيث حصل لهم هذا العارض الطبيعي، ولا يعتبر عيباً فيهم ولا مخالفة شرعية ارتكبوها، ولعله خلاف التسليم المطلق على القاعدة الإبراهيمية على صاحبها آلاف السلام والتحية (رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي). أو لعلّ ما أصابهم من باب ترك الأولى أي: كان الأولى لهم التسليم المطلق من دون أي تردد مهما كان نوعه وحقيقته؛ ولعلّ من هذا القبيل ما ورد في تفاوت إدراكاتهم المعرفية وتفاوتهم الإيماني حسبما دلت عليه الأخبار منها ما ورد عن إمامنا المعظم الصادق (عليه السلام) قال: "الايمان عشر درجات، فالمقداد في الثامنة وأبو ذر في التاسعة وسلمان في العاشرة". وفي خبر آخر عن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "ذكرت التقية يوماً عند علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله ولقد آخا رسول الله (صلى الله عليه وآله بينهما)، فما ظنكم بسائر الخلق، إن علم العلماء صعب مستصعب، لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، فقال: وإنما صار سلمان من العلماء لأنه امرؤٌ منا أهل البيت، فلذلك نسبته إلى العلماء". وأما معنى حاص حيصة أو جاض جيضة -كما في رواية الكشي- فكلاهما بمعنى واحد وهو طلب الفرار، وكأن عماراً أراد التخلص من المجابهة مع القوم ولكنه عدل واستقام، وهو أمر طبيعي عند ملاقاة الأعداء واستقبال الموت بالأسنة والرماح، ولا عجب في ذلك بعد أن لم يكن معصوماً فعرض عليه هذا العارض ولكنه نفاه بالصبر والتسليم والإسراع إلى نصرة أمير المؤمنين وزوجته السيدة الزهراء (سلام الله عليها) وهذا ما أكدته بعض الأخبار بأنه ورفقاؤه من الأوتاد الأربعة بل والسبعة الذين بهم يرزق العباد وبهم تمطر السماء كانوا من السابقين لنصرة أهل بيت العصمة والطهارة (سلام الله عليهم)، وهو ما أكده مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) لما سأله أبو بصير قائلاً: ارتد الناس إلا ثلاثة أبو ذر وسلمان والمقداد؟ قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فأين أبو ساسان وأبو عمرة الأنصاري! وكأنه استفهام إنكاري على من أخرج من النصرة عماراً وساسان وشتيرة وأبا عمرة الوارد ذكرهم في رواية الحارث بن المغيرة النصري المتقدمة... ولعل تساؤلهم حول ما جرى على إمامهم الأعظم مع ما له من القوة والبطش والقرب من الله تعالى يرجع إلى تساؤلهم عن عدم استعمال أمير المؤمنين لولايته التكوينية، وعلى فرض صحة رواية التأخير عن النصرة فإنه يرجع إلى الخوف أو شيء آخر.. لا يضر بإخلاصهم أو بتوبتهم من التأخر، فإن لكل فارس كبوة....! (منقول بتصرف) دمتم في رعاية اللّٰه

1