بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلاً وسهلاً بكم في شؤون الأسرة
كل شخص في هذه الدنيا تصدر منه افعال يمكن ان تتصف بالخير او تتصف بالشر ونحن المؤمنون مأمورون ان نبغض الشر ونبغض اهله فلا نحب اعمالهم الشريرة والمؤذية والوالدين ليس بمنأى عن ذلك ، الا ان الله تعالى امرنا ان نبر الوالدين ونحسن اليهما وان نصاحبهما في الدنيا معروفاً رغم السوء الذي قد يبدر منهما فعلى الأولاد مراعاة المعاشرة بالمعروف مع الوالدين، فإنّ حقّهما من آكد الحقوق بشهادة الضمير الإنساني والفطرة السليمة، وقد أكّد الله تعالى على ذلك حيث ذكر الإحسان إلى الوالدين بعد عبادته تعالى، وحينها لابد ان يكون موقفنا في التعامل مع الوالدين منسجماً مع مايريد الله تعالى منا فهو سبحانه يقول ( وَ قَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً * وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ) الاسراء ٢٣–٢٤
وأثبت الله تعالى حقّهما حتّى وإن كانا كافرين رغم عظم هذه المعصية، وكما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ( من أحزن والديه فقد عقهما ) وروي عنه صلى الله عليه واله وسلم ( ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة : عقوق الوالدين ، والبغي على الناس ، وكفر الاحسان)
و قال الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام ( ثلاث لم يجعل الله عزوجل لاحد فيهن رخصة : أداء الامانة إلى البر والفاجر ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين )
وروي عن الامام الصادق عليه السلام ( من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له، لم يقبل الله له صلاة ) واعلمي أنّ للمعاشرة الحسنة مع الوالدين بركات وآثاراً في الدنيا والآخرة من حيث يحتسب المرء ومن حيث لا يحتسب، كما أنّ للمعاشرة السيّئة آثاراً سلبيّة سحيقة فيهما، فعلى المرء أن يحسن إليهما ويحذر عقوقهما ، وتجب مصاحبتهما بالمعروف وعدم إيذائهم
ويجوز للولد أن يناقش والديه فيما لا يعتقد بصحّته من آرائهما، ولكن عليه أن يراعي الهدوء والأدب في مناقشتهما، فلا يحدّ النظر إليهما ولا يرفع صوته فوق صوتهما فضلاً عن استخدام الكلمات الخشنة معهما وفي الرواية عنهم عليهم السلام ( وان ضرباك فلا تنهرهما وقل غفر الله لكما )
ونصيحتي لكِ ان تقرأي دعاء الامام زين العابدين عليه السلام المروي في الصحيفة السجادية تحت عنوان دعاؤه لوالديه والذي جاء فيه ( ( اللَّهُمَّ خَفِّضْ لَهُمَا صَوْتِي ، وَ أَطِبْ لَهُمَا كَلَامِي ، وَ أَلِنْ لَهُمَا عَرِيكَتِي ، وَ اعْطِفْ عَلَيْهِمَا قَلْبِي ، وَ صَيِّرْنِي بِهِمَا رَفِيقاً ، وَ عَلَيْهِمَا شَفِيقاً .
اللَّهُمَّ اشْكُرْ لَهُمَا تَرْبِيَتِي ، وَ أَثِبْهُمَا عَلَى تَكْرِمَتِي ، وَ احْفَظْ لَهُمَا مَا حَفِظَاهُ مِنِّي فِي صِغَرِي .) وتمعني جيداً بكلامه عليه السلام في رسالة الحقوق حيث يقول ( أما حق أبيك، فتعلم أنه أصلك وأنك فرعه، وأنك لولاه لم تكن. فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك، فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، واحمد الله واشكره على قدر ذلك)
ابنتي العزيزة حاولي ان تتقربي الى ابيكِ وان تعبري دوماً عن احترامكِ وتوقيرك له وحاولي ان لا تخالفيه في شيء وان تستقبليه بالابتسامة والكلمات المعبرة عن حبكِ واحترامكِ له وان كان مهموماً او لا يعجبه شيء من احوال البيت فحاولي ان تخففي عنه وتساعديه واحذري من تنمية شعور الحقد والكراهية في داخلك تجاهه وبدل ذلك حاولي ان تساعدي في تخليصه من تلك الحال التي تجعله يتصرف مع اسرته بهذا الشكل ومن المؤكد ان لسلوكه هذا اسباب تنمي عنده تلك الحالة او قد تكون سبباً في ايجادها فحاولي مع افراد اسرتك ان تعالجوا تلك الاسباب حتى تتخلصوا ويتخلص هو معكم من هذا السلوك . واسألي الله تعالى دوماً في صلاتكِ وخلاواتكِ ان تدعي له بالصلاح والاستقامة وحسن العاقبة وان يكون بكم رحيما عطوفاً وان تكونوا به بارين وعليه مشفقين ولا ينقطع هذا الدعاء من لسانكِ دوماً والذي ورد في الاية المباركة ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ ) ابراهيم ٤١
دمتم في رعاية الله وحفظه