السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
إن المراد من عروج الملائكة هو العروج الروحي، وليس العروج الجسمي، يعني أنهم يسرعون في التقرب إلى المقام الإلهي وهم مهيئون لاستلام الأوامر في ذلك اليوم الذي يراد به يوم القيامة، وكما ذكر ذلك في سورة الحاقة من أن المراد من الآية والملك على أرجائها هو اليوم الذي يجتمعون فيه في السماء ينتظرون لتنفيذ ما يأمرون .
والمراد بالروح هو (الروح الأمين) وهو أكبر الملائكة، وهذا ما أشير إليه أيضا في سورة القدر حيث يقول تعالى: تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ومن الطبيعي أن الروح لها معان مختلفة بحسب تتناسب مع القرائن الموجودة، فمن الممكن أن يعطي في كل موضوع معنى خاص، والروح يراد به روح الإنسان، وكذا يراد منه القرآن، وبمعنى روح القدس، وبمعنى ملك الوحي، كل ذلك من معاني الروح، وهذا ما يشار إليه في بقية آيات القران.
وأما المراد بكون (خمسين ألف سنة) هو ذلك اليوم الذي بحيث لو وقع في الدنيا كان مقداره خمسين ألف سنة من سني الدنيا، وهذا لا ينافي ما جاء في الآية (5) من سورة السجدة من إن ذلك يوم مقداره ألف سنة، ولأجل ذلك ذكر في الروايات أن ليوم القيامة خمسين موقفا، وكل موقف منه يطول بمقدار ألف سنة. (١)
واحتمل البعض أيضا أن هذا العدد (خمسين ألف سنة) للكثرة لا العدد، أي أن ذلك اليوم طويل جدا.
على أي حال فقد كان هذا ما يخص المجرمين والظلمة والكفار، ولهذا روي في حديث عن أبي سعيد الخدري أنه سأل سائل من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد نزول هذه الآية عن طول ذلك اليوم؟ فقال: " والذي نفس محمد بيده إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا " (٢).
ووردت تفاسير أخرى لعروج الملائكة بأن المراد من الزمان هي الفترة التي بدأت الملائكة بالصعود والنزول منذ بداية الدنيا إلى نهايتها تكون مقدار خمسين ألف سنة، وهذا هو عمر الحياة ولكن الآيات التي تليها تدل على أن الحديث يخص يوم القيامة ولا يخص الدنيا .
١- نقل هذا الحديث في أمالي الشيخ بإسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو مطابق لما نقله الحويزي في كتابه نور الثقلين، ج 5، ص 413.
٢- مجمع البيان، ج 10، ص 353، والقرطبي، ج 10، ص 6761.