تفسير قوله تعالى (واتل عليهم نبأ الذي اتيناه…)
السلام عليكم .. في قوله تعالى ( بسم الله الرحمن الرحيم ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ) صدق الله العظيم من هو المقصود في الاية المباركة ؟
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته إن هذة الآية واضحة أنها تحكي قصة رجل كان في البداية في صف المؤمنين، وحاملا للعلوم الإلهية والآيات، إلا أنه انحرف عن هذا النهج، فوسوس له الشيطان، فكانت عاقبة أمره أن انجر إلى الضلال والشقاء!.. كما نلاحظ في الآيات السالفة لم تذكر اسم أحد بعينه. غير أننا نستفيد من أغلب الروايات وأحاديث المفسرين أن هذا الشخص يسمى (بعلم بن باعوراء) الذي عاصر النبي موسى (عليه السلام) وكان من مشاهير علماء بني إسرائيل، حتى أن موسى (عليه السلام) كان يعول عليه على أنه داعية مقتدر، وبلغ أمره أن دعاءه كان مستجابا لدى الباري جل وعلا، لكنه مال نحو فرعون وإغراءاته فانحرف عن الصواب، وفقد مناصبه المعنوية تلك حتى صار بعدئذ في جبهة أعداء موسى (عليه السلام) . إلا أننا نستبعد ما يحتمله بعضهم من أن المقصود هو (أمية بن الصلت) الشاعر المعروف في زمان الجاهلية، الذي كان بادئ أمره ونتيجة لاطلاعه على الكتب السماوية ينتظر نبي آخر الزمان، ثم حصل له هاجس أن النبي قد يكون هو نفسه، ولذلك بعد أن بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أصابه الحسد له وعاداه. وبعيد كذلك ما احتمله بعضهم من أنه كان (أبا عامر) الراهب المعروف في الجاهلية، الذي كان يبشر الناس بظهور رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) لكنه بعد ظهوره صار من أعدائه. لأن جملة (واتل) وكلمة (نبأ) وجملة (فاقصص القصص) تدل على أن تلك الأمور لا تتعلق بأشخاص عاصروا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). بل بأقوام سابقين، مضافا إلى تلك فإن سورة الأعراف من السور المكية وقضيتا [أبي عامر الراهب] و [أمية بن الصلت] تتعلقان بحوادث المدينة. ولكن بما أن أشخاصا على غرار " بلعم " كانوا موجودين في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ك (أبي عامر) و (أمية بن الصلت) فإن الآيات محل البحث تنطبق على هذه الموارد في كل عصر وزمان، وإلا فإن مورد القصة هو " بلعم بن باعوراء " لاغير. وورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: " الأصل من ذلك بلعم، ثم ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هوى الله من أهل القبلة ". ولا يختص الأمر بزمن النبي موسى (عليه السلام) أو غيره من الأنبياء، بل حتى بعد عصر النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى يومنا هذا نجد أمثال بلعم بن باعوراء وأبي عامر الراهب وأمية بن الصلت، يضعون علومهم ومعارفهم ونفوذهم الاجتماعي من أجل الدرهم والدينار، أو المقام، أو لأجل الحسد، تحت اختيار المنافقين وأعداء الحق والفراعنة أمثال بني أمية وبني العباس وسائر الطواغيت.