ذو الفقار ( 16 سنة ) - العراق
منذ سنة

الفرق بين عظم وأعظم

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما هو الفرق بين قول: (عظم الله أجركم) و بين (أعظم الله أجركم)؟وأيهما الأصح من حيث اللغة والاصطلاح والدين؟ وأرجو من جنابكم الكريم الجواب بالتفصيل وجزاكم الله خيراً وحفظكم الله بحق محمد وآل محمد وشكراً جزيلاً لكم


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ولدي العزيز، ننقل لكم مقالة من أحد الفضلاء بتصرف وفيها تمام مرادكم إن شاء الله تعالى وهي: أولاً: معنى أعظمَ وعظّم في اللغة، المفردتان (عظّم) بتشديد الظاء و (أعظَم) بالهمزة تأتيان من حيث اللغة بمعنى ( فخَّمَ ) و ( بَجَّلَ ) فيُقال (عظّم الأمرَ وأعظَمه) بمعنى فخّمه أو بجّله وكبّره وكثّره، وكِلا اللفظين ذُكرا في القرآن الكريم بهذا المعنى فأمّا كلمة (عظّم) بالتشديد فقد قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [سورة الحج / 32]، بمعنى تعظيم الشعائر واحترامها، وأمّا كلمة (أعظَمَ) فقد وردت في قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾، فكلمة (يُعظم) المستعملة في الآية تصريف الرباعي (أعظَمَ) بلا تشديد وإعظام الأجر بمعنى تكثيره وإجزاله أي يجعله كثيراً وعظيماً، ولعلّ هذه الآية تصلح شاهداً على ترجيح كلمة (أعظم) في باب التعزية لأنها جاءت في الآية الكريمة مرتبطة بالثواب. ثانياً: النصوص المأثورة في استعمال كلمة (أعظَمَ) في التعزية، وأيضاً يدلّ على ترجيح استعمال كلمة (أعظم) في التعزية دون (عظّم) ورود روايات كثيرة بها، منها: ١) روى الشهيد العاملي الثاني في كتاب مُسكّن الفؤاد ص 96 : " توفيّ لمعاذ ولد، فاشتدّ وجده عليه، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى معاذ، سلامٌ عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو، أمّا بعد!.. أعظم الله لك الأجر ، وألهمك الصّبر ... المزید " ٢) روى الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد ص 772 في كيفيّة العزاء في يوم عاشوراء رواية مطولة عن الإمام الباقر (عليه السلام) من ضمنها أنّ الراوي سأله: "كيف يعزي بعضنا بعضاً؟" قال (عليه السلام): " تقولون : أعظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين وجعلنا وإياكم من الطالبين بثاره ... " . ٣) جاء في التوقيع الأخير الصادر عن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) إلى السفير الرابع علي بن محمد السمري (رحمه الله): " بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة ... " (ظ: بحار الأنوار ، العلامة المجلسي: 51/ 361) . ثالثاً: آراء النحاة واللغوين في عظّم وأعظم قيل أنّ صيغة (فعّلَ) تدل على التكثير دون صيغة (أفعل)، ذكر ذلك في كتاب تيسير الصرف، وعليه يكون الأبلغ استعمال كلمة (عظّم) وليس (أعظم)، وأيضاً مما يساعد على ترجيح استعمال (عظّم) عند بعضهم أنّ التعدية بالهمزة ليست قياسية خلافاً لما عليه مجمع اللغة العربية في القاهرة. ولكنّ الصحيح أنّ (عظّم) و(أعظم) ههنا بمعنى واحد عند أهل اللغة قال أبو العباس ثعلب ( المتوفى سنة 291هـ) في كتاب (الفصيح) ص 305 ، في باب المشدد: "وعظم الله أجرك" انتهى ، وعقّب عليها ابن درستويه ( المتوفى سنة 347) في كتابه (تصحيح الفصيح وشرحه) ص 390 بقوله: "وأما قوله: عظَّم الله أجرك، يعني: بتشديد الظاء، فإن العامة تقوله بتخفيفها، وهو خطأ، وذلكَ إنما يقال في تعزية المصاب بمصيبته، وهو من تعظيم الأجر وتكثيره. ويقال أيضاً: أعظمَ الله أجرك، بالألف على أفعل، تعظمه إعظاماً، أي: جعله عظيماً". وقال النحوي أبو جعفر النحاس (المتوفى سنة 338هـ) في كتاب (إعراب القرآن) ج4 ، ص 66: "وربما وقع الغلط من بعض أهل اللغة فيما يذكرون من فصيح الكلام. فأما المحققون فلا يفعلون ذلك فمما ذكر بعضهم في الفصيح من الكلام، ..." إلى أن قال : " وذكر بعضهم أنّ الفصيح: عظّم الله أجرك، وإجماع الحجّة في قراءة القراء: {وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً}، في حروف كثيرة ..." وقال أيضاً في ج4 ص 298 : " {وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً}، أي: يجزل له الثواب. قال أبو جعفر: ولا نعلمُ أحداً قرأ إلا هكذا، على خلافِ قول: عظّم الله أجرك". انتهى أي أنّ الأفصح عنده استعمال (أعظم) وليس (عظّم) وإن كان فصيحاً هو الآخر. وفقكم الله لكل خير

4