Rasul Sardar ( 25 سنة ) - العراق
منذ 4 سنوات

التوفيق بين الايات

سلامٌ عليكم كيف نوفق بين الأيتين قوله تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) وبين وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته إن الاية المباركة (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )هي تعبير مشابه للتعبير الإستدلالي الوارد في الآية السابقة في السورة وهي في صدد نفي الضلالة والغواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن أساس الضلال غالبا ما يكون من اتباع الهوى. ونقرأ في سورة ص الآية (26) منها: ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله. كما ورد في حديث معروف عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن أمير المؤمنين: " أما اتباع الهوى فيصد عن الحق " . ثم تأتي الآية التالية لتصرح: إن هو إلا وحي يوحى. فهو لا يقول شيئا من نفسه، وليس القرآن من نسج فكره! بل كل ما يقوله فمن الله، والدليل على هذا الادعاء كامن في نفسه. وينبغي الالتفات - ضمنا - إلى أن هذا القول ليس خاصا بآيات القرآن، بل بقرينة الآيات السابقة يشمل سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا وأنها وفق الوحي، لأن هذه الآية تقول بصراحة " وما ينطق عن الهوى ". وإما قوله تعالى: " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم " فهو خطاب مشوب بعتاب لتحريمه صلى الله عليه وآله وسلم لنفسه بعض ما أحل الله له، ولم يصرح تعالى به ولم يبين أنه ما هو؟ وماذا كان؟ غير أن قوله: " تبتغي مرضاة أزواجك " يومي أنه كان عملا من الأعمال المحللة التي يقترفها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ترتضيه أزواجه فضيقن عليه وآذينه حتى أرضاهن بالحلف على أن يتركه ولا يأتي به بعد. وقوله: " لم تحرم ما أحل الله لك " المراد بالتحريم التسبب إلى الحرمة بالحلف على ما تدل عليه الآية التالية فإن ظاهر قوله: " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " الخ، أنه صلى الله عليه وآله وسلم حلف على ذلك ومن شأن اليمين أن يوجب عروض الوجوب إن كان الحلف على الفعل والحرمة وإن كان الحلف على الترك، وإذ كان صلى الله عليه وآله وسلم حلف على ترك ما أحل الله له فقد حرم ما أحل الله له بالحلف. وليس المراد بالتحريم تشريعه صلى الله عليه وآله وسلم على نفسه الحرمة فيما شرع الله له فيه الحلية فليس له ذلك. وقوله: " تبتغي مرضاة أزواجك " أي تطلب بالتحريم رضاهن بدل من " تحرم " الخ، أو حال من فاعله، والجملة قرينة على أن العتاب بالحقيقة متوجه إليهن، ويؤيده قوله خطابا لهما: " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " الخ، مع قوله فيه: والله غفور رحيم ".