logo-img
السیاسات و الشروط
انور ( 18 سنة ) - العراق
منذ سنة

شرح عبارة

ما المقصود بالمقطع المذكور في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام): «أشهد أن دمك سكن في الخلد»؟


السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب هذه العبارة الواردة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، في زيارة جده الإمام الحسين ( عليه السلام)، تحتمل معاني ثلاثة: المعنى الأول: خصوصية أجسامهم. إن لأجسام الأئمة الطاهرين خصوصيةً تمتاز عن غيرهم من الأجسام، ولذلك في الزيارة الشريفة: ”السلام عليهم وعلى أرواحهم وعلى أجسادهم“، أي أن أجسادهم لها خصوصية، تستحق السلام، تستحق تحية، أجسادهم موطن البركة، موطن اليمن، موطن الرحمة، أجسادهم مصدرٌ للبركة، كما أن أرواحهم مصدرٌ للبركة، يتحدث القرآن عن عيسى بن مريم: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ [مريم: ٣١]. جسدي أينما يحل تحل معه البركة. أجسادهم لها خصوصية، ومن خصوصياتها الملكوتية أنها لا تفنى ولا تضمحل ولا تتلاشى في التراب، بل هي محفوظة، ولذلك نرى إلى يومنا هذا شعريات من رأس النبي ما زالت باقية، بعد 1400 سنة وأكثر، شعريات من شعر النبي احتفظ بها المسلمون عندما حلق رسول الله في منى في حجة الوداع، شعيرات أجسامهم المباركة، وأنت تقرأ في زيارة الجامعة: ”أجسادكم في الأجساد“، فلأجسادهم خصوصية تتميز على غيرهم. فلأن جسد الإمام لا يضمحل ولا يتلاشى، دمه أيضاً لا يتلاشى، هذا الدم لا يفنى في التراب، هذا الدم لا يذوب ولا يزول في التراب، دمك الطاهر يحتفظ به الله تبارك وتعالى لخصوصية فيه، ليس فقط في التراب، بل في الخلد، ”أشهد أن دمك سكن في الخلد“، أي أن دمك لا يذوب ولا يتلاشى، هو الدم الذي تدفق حفاظاً على الدين، وحفاظاً على المبادئ، تدفق وهو يقطر عزةً وكرامةً وإباءً، تدفق وهو يصرخ: ”ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وجذور طابت، وحجور طهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام“. المعنى الثاني: كربلاء قطعة من الجنة. إن هذه العبارة تشير إلى أن مدفن الحسين وضريح الحسين قطعةٌ من جنة الخلد، هناك بعض البقاع نحن نحسبها من الأرض، لكنها من الجنة، لا مجازاً، بل حقيقةً. هناك بعض البقاع إذا نظرنا إليها بالمنظور المادي فهي أرض كسائر الأراضي، ولكن إذا نظرنا إليها بالمنظور الغيبي الذي سينكشف لنا مستقبلاً فهي قطعة من الجنة، جعلها الله لنا تشريفاً وتكريماً لنا، من دخلها فقد دخل الجنة، كما ورد عن الرسول المصطفى: ”بين قبري ومنبري روضةٌ من رياض الجنة“، أي أن من صلى في الروضة الشريفة فقد صلى في الجنة، لا مجازًا، بل واقعًا هو دخل بقعة من بقاع الجنة، هذه قطعة من الجنة. إذن، بعض البقاع هي قطعة من الجنة، هي قطعة من الخلد، الرواية الشريفة تقول: ”أشهد أن دمك سكن في الخلد“ أي أن دمك الذي استقر في تربة كربلاء هو واقعًا استقر في قطعة من قطع الجنة، هذه البقعة الشريفة التي ضمت دم الحسين هي من جنة الخلد، من دخلها دخل جزءاً من جنة الخلد، ولذلك ورد في الرواية الشريفة: ”إن الله تبارك وتعالى جعل الشفاء في تربته، والإجابة تحت قبته، وجعل الأئمة من ذريته“، ما حصل عليه الحسين لم يحصل عليه أحد، لا نبي ولا ولي ولا رسول. وفيه رسول الله قال وقوله صحيح صريح ليس في ذلكم نكرُ حبي بثلاث ما أحاط بمثلها نبي فمن زيد هناك ومن عمرو له تربة فيها الشفاء وقبة يجاب بها الداعي إذا مسها الضرُ وذرية ذرية منه تسعة أئمة حق لا ثمانٍ ولا عشرُ المعنى الثالث: الإشارة إلى تجسّم العمل. كما يقول العرفاء: العمل يتجسّد يوم القيامة، الصلاة تتجسّد يوم القيامة بشكل نهر في الجنة، الصيام يتجسّد يوم القيامة بشكل شجرة، العمل يتجسّد، المعصية تتجسّد يوم القيامة قطعة من اللهيب والجمر المشتعل، كل عمل يتجسّد يوم القيامة؛ استنادًا إلى قوله عز وجل: ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، أي أن عملكم هو الذي يتجسّد جزاءً لكم يوم القيامة، وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾، ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾. إذن، العمل يتجسد يوم القيامة، فإذا كان العمل يتجسد فما يبذله الشهيد من دمه سوف يتجسد يوم القيامة، الشهيد الذي يبذل دمه في سبيل الله، في سبيل مبادئه وقيمه، ما يبذله من دم يتجسد يوم القيامة، فكيف بأشرف دم؟! فكيف بأطهر دم؟! فكيف بأغلى دم أريق على تراب كربلاء دفاعًا عن الدين والمبادئ؟! كيف لا يتجسّد هذا الدم يوم القيامة؟! ”أشهد أن دمك سكن في الخلد“ أي أن دمك سوف يتجسد في الخلد يوم القيامة، ويراه الأنبياء والأوصياء والأولياء زينةً ونورًا يتلألأ ويشعشع في الجنان، ويبادر الجميع للتطيب به، وللتعطر منه، لأنه مصدر الطيب والعطر والنور والبهاء. المصدر : الدم الثائر بكربلاء، سيد منير الخباز، شبكة المنير . دمتم في رعاية الله

2