الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٣٣٥
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله (عزَّ وجلَّ): وعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي..... إلى آخر الرواية).
سؤالي: هذه الرواية صحيحة؟ هناك شخص أفتى وقال لي بأن عبد الله بن القاسم ضعيف، فهل كلامه صحيح؟
وإذا كانت الرواية ضعيفة فهل متنها صحيح؟
السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
أولاً: وردت الرواية في (الكافي)، جزء (٢)، صفحة (٣٣٥)، (باب اتباع الهوى)، حديث (٢).
ثانياً: متن الحديث هو:
(( … عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله (عزَّ وجلَّ): وعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواه على هواي إلا شتت عليه أمره ولبست عليه دنياه وشغلت قلبه بها ولم أؤته منها إلا ما قدرت له، وعزتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي وكفلت السماوات والأرضين رزقه وكنت له من وراء تجارة كل تاجر وأتته الدنيا وهي راغمة)).
ثالثاً: وقع بهذا العنوان في إسناد كثير من الروايات تبلغ (٣٦٠) مورد:
عبد الله بن القاسم، مشترك بين جماعة، لا توثيق لهم، بل بعضهم ضعيف، مثل: (عبد الله بن القاسم الحضرمي)، و (عبد الله بن القاسم الحارثي)، على ما ذكره النجاشي، و (عبد الله بن القاسم البطل)، المتحد مع الحارثي والحضرمي وكلاهما ضعيف على ما ذكره السيد الخوئي (رحمه الله)، فلا ثمرة في تمييزهم.
رابعاً: شرع في شرح متن هذه الرواية المازندراني في كتابه (شرح أصول الكافي)، جزء (٩)، صفحة (٣٨٩)، ما هو لفظه:
(( الشرح : قوله ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يقول الله (عزّ وجلَّ): وعزَّتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوّي وارتفاع مكاني ) أقسم (عزّ وجلّ) تأكيداً لتحقيق مضمون الخطاب المبين وتثبيتاً لمفهومه في قلوب السامعين أولاً بعزته وهي القوة والغلبة وخلاف الذلة وعدم المثل والنظير، وثانياً بجلاله وهو التنزه من النقائص، والعظمة في القدرة التي تصغر لديها قدرة كل ذي قدرة، وثالثاً بعظمته وهي تنصرف إلى عظمة الشأن والقدر التي يذل عندها شأن كل ذي شأن، ورابعاً بكبريائه وهي العظمة التي تأبى من وقوف الأفهام عليها وبلوغ الأوهام إليها، وخامساً بنوره وهو هدايته التي بها يهتدي
أهل السماوات والأرضين إليه وإلى صالحهم ومراشدهم كما يهتدي بالنور، وسادساً بعلوه وهو كونه فوق الممكنات بالعلية والايجاد أو تعاليه عن الاتصاف بصفات المخلوقين كما يقول من لا يعتد به من فرق الجاهلين، وسابعاً بارتفاع مكانه وهو ارتفاع مرتبته من أن يناله وصف الواصفين، أو يبلغه نعت الناعتين.
(لا يؤثر عبد هواه على هواي) إن كان هوى العبد في الفعل كان هواه تعالى في الترك وبالعكس وقد يكون متعلقهما فعلين.
(إلا شتت عليه أمره) أي فرقت عليه حاله كما تشاهد من أهل الأهواء فإن أحوالهم متفرقة وقلوبهم متشتتة وهم في سبل الضلالة يهيمون وفي طرق الغواية يتيهون.
(ولبست عليه دنياه) أي خلطتها أو أشكلتها عليه حتى يكون مضطرباً في طلب المعيشة متحيراً في طريقها. تقول: لبست الأمر لبساً من باب ضرب: إذا خلطته، وفي التنزيل: ﴿ ... المزید.وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ﴾ (الأنعام: ٩)، والتشديد مبالغة وفي الأمر لبس بالضم ولبسة أيضاً أي إشكال، والتبس الأمر: أشكل.
(وشغلت قلبه بها) فهو دائماً في ذكر منها وفكر لطرق تحصيلها فارغاً عن ذكر الآخرة ولذلك قال الله تعالى: ﴿...وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ....﴾ (ص: ٢٦).
(ولم أوته منها إلاّ ما قدرت له) كما تشهد عليه التجربة فإنك تجد الخلائق كلهم إلاّ من عصمه الله من أهل الأهواء مشغولين بالدنيا ولا يجدونها كما يطلبونها.
(لا يؤثر عبد هواي على هواه إلاّ استحفظته ملائكتي) أي: طلبت منهم أن يحفظونه من الضياع والفساد والانحراف عن طريق السداد.
(وكفلت السماوات والأرضين رزقه) أي: جعلتها متحملة لرزقه فيأتيه رزقه بوعد العليم القادر الكريم بلا تعب من حيث لا يحتسب فلابُدّ لك أيها الأخ في الله إذا ورد عليك أمران في أحدهما رضاك وفي الآخر رضاه تعالى أن تختار ما فيه رضاه فإن فعلت ذلك فالله كفيلك وولي أمورك في الدنيا والآخرة. نعم، من كان لله كان الله له.
(وكنت له ما وراء تجارة كل تاجر) كل أحد في الدنيا تاجر يطلب نفعاً في تجارة، والله (عزَّ وجلَّ) هو النفع والمقصد لهذا العبد من وراء تجارته.
(وأتته الدنيا وهي راغمة) أي: أتته على كره منه. أو أتته وهي ذليلة عنده من رغم أنفه من باب (قتل وعلم) إذ ذل كأنه لصق بالرغام وهو بالفتح التراب)).
ودمتم في رعاية اللّٰه وحفظه