logo-img
السیاسات و الشروط
( 26 سنة ) - السعودية
منذ 4 سنوات

ضريبة القيمة المضافة

ما المقصود بضريبة القيمة المضافة في البيع والشراءوهل لها أصل في الاسلام؟


ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة تُفرض بتزايد بناءً على الزيادة في قيمة المنتج أو الخدمة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج أو التوزيع. في الإسلام ـ كما تعلمون ـ عبادات ماليّة، فكما أنّ المسلم يصلّي للّه أو يصوم له ويعبده، فإنّه أيضاً يدفع الزكاة من أجل اللّه، فيعبده عن طريق دفع الزكاة وإنفاق الأموال في سبيله، فالذي ينفق ماله في سبيل اللّه يعتبر مجاهداً كالذي يبذل نفسه في سبيله (الْمُجَاهِدُون فِي سَبِيلِ للّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ). وحين تؤمّن نفقات الجهاد والحرب مع العدو فإنّ دفع هذه النفقات مشاركة في الجهاد هو من العبادات أيضاً. وهناك تصنيف فقهيّ بهذا الشأن يخصّص فصلاً للعبادات الماليّة إضافة إلى العبادات الجسديّة، والخمس والزكاة شكلان من أشكال الإنفاق المحدّد، يجب دفعهما من قِبل كّل مسلم تتوفّر فيه الشروط اللازمة بشأنهما، وقد نُصَّ على الزكاة في تسع حالات .وفُرض الخمس في حالات منصوص عليها وفي حالات اُخرى أيضاً، وتتّسع دائرة الخمس لتشمل حالات اُخرى غير الحالات المحدّدة التي منها الغنائم الحربيّة، كالصيد، والمعادن، والكنوز، والأراضي التي اشتراها الكافر الذمّي، وأمثال ذلك، ويتّسع مجال الخمس ليشمل الدخل السنوي، أي فيما يزيد على مصاريفه خلال السنة، وهي حالة تشمل الجميع، وكذلك الحال في المال المختلط بالحرام وهي حالة واسعة أيضاً. تلك هي الضرائب الإسلاميّة المقدّرة أي الضرائب التي حدّدت حالاتها ومقاديرها، فمقدار الزكاة يتراوح في جميع الحالات بين (٥ / ٢ %) إلى (١٠ %) ويبلغ مقدار الخمس (٢٠ %). وهناك ضريبة اُخرى هي الخراج التي تعني في أصلها الضريبة، فما هي الحالات التي يفرض فيها الخراج ؟ هل أنّ الخراج مجرّد ضريبة تتعلّق بالأراضي الخراجية؟وهناك ضريبة اُخرى هي الجزية وهنا يطرح سؤال يقول: هل أنّ ما يدّعى بالضرائب الإسلاميّة ينحصر في هذه الأنواع التي ذكرت هنا؟ وهل تنحصر بها الإنفاقات الواجبة على كلّ مسلم، أو غير المسلم ممّن يعيش ضمن المجتمع الإسلامي؟ يرى كثير من الفقهاء أنّ الضرائب الإسلامية هي تلك الضرائب المنصوص عليها في الكتاب والسنّة، ولو دفعها في نظام اجتماعي معيّن كلّ الذين وجبت عليهم، فإنّ ذلك يكفي ولن تبقى بعدئذٍ أيّة منطقة فراغ، أي أنّه لو دفع كلّ الذين يحصلون على دخول تزيد على مصاريفهم، والذين يستخرجون المعادن، والذين يصطادون اللؤلؤ والمرجان وأمثال ذلك، والذين اختلطت أموالهم بالحرام، والذين يعثرون على الكنوز، ولو دفع الذين وجبت عليهم الزكاة حتى لو كان فقط في الحالات التسع المعيّنة ،ووفقاً لشروطها وللحدود المعيّنة في الإسلام ما وجب عليهم من هذه الضريبة، فإنّ جميع النواقص سوف تسدّ. ويعتقد فريق آخر من الفقهاء أنّه قد تبرز في المجتمع الإسلامي بعض الحاجات والمصاريف الماليّة التي لا يمكن تأمينها بهذه الضرائب، وفي هذه الحالة يجب على الناس جميعاً الاشتراك في تأمين هذه المصاريف في حدود إمكانياتهم. نتحدّث عن كيفيّة فرض الضرائب حيث تقتضي الموازين الإسلاميّة أنْ يدفع هذه الضرائب الذين يملكون أكثر حصةً أكثر منها، فهذا ما تقتضيه العدالة الإسلاميّة. ويشمل هذا الأمر كّلاً من الضرائب على الدخل الصافي والتي هي أفضلها، والضرائب على الدخل الإجمالي، فهناك نوعان من الضرائب الإسلاميّة المحدّدة وهما: الزكاة: التي هي ضريبة على الدخل الإجمالي، أي أنّها ليست ضريبة على الربح، فكلّ مزارع يبلغ محصوله من القمح الحدّ المقرّر تشمله هذه الضريبة. الخمس على فائض المؤونة: وهي ضريبة على الدخل الصافي. إذن هناك في الاسم كلا هذين النوعين من الضرائب، ولكن كلاهما ضريبة مباشرة، ونستنبط من ذلك أنّ أساس نظام الضرائب في الإسلام يعتمد على الضرائب المباشرة، فالضرائب غير المباشرة لا تتناسب مع الخطّ العامّ للفكر الإسلامي إلاّ في حالات معدودة جدّاً وبشكل محدود، ففي الحالات التي تكلّف بها بضاعة معيّنة بعض المصاريف للدولة، يمكن للدولة أنْ تضيف كميّة هذه المصاريف إلى ثمن تلك البضاعة ثم تبيعها للناس، فتكون الضريبة غير مباشرة في هذه الحالة. وكمثال على ذلك: يكلّف انتاج السجائر الدولة بعض المصاريف، فتحسب الدولة هنا جميع المصاريف المتعلّقة بزراعة التبغ وشرائه، ثم تحويله إلى سجائر، ومصاريف جميع الدوائر التي تعمل في إعداد السجائر وانتاجها وتوزيعها، بما في ذلك وزارة الاقتصاد والماليّة، ثم تقسّم ذلك على السجائر المنتجة. وهذا أمر لا إشكال فيه، وربما لو دقّقنا في هذا الأمر جيّداً لوجدنا أنّه ليس ضريبة في أساسه، بل هو في الحقيقة عمليّة بيع بضاعة بسعر الكلفة، ولكنّها لو أرادت ـ إضافة إلى هذه المصاريف التي تؤلّف سعر الكلفة للسجائر ـ أنْ تضيف لكلّ سيجارة أو لكلّ عليه سجائر خمسة دينار مثلاً من أجل تأمين المصاريف الحكوميّة، العامّة، فهذه ضريبة غير مباشرة، وهذا النوع من الضرائب لا يتطابق مع قواعد التفكير الإسلامي، لأنّ دفع الضريبة سوف يتحمّله هنا من يملكون ومن لا يملكون سوية، ونحن لا نفهم مثل هذا الأمر من النظام العامّ للضرائب في الإسلام، بل الذي نفهمه أنّه ينبغي على من يملك أكثر أنْ يدفع قدراً أكبر. وعليه يجب الانتباه إلى أنّ ما يطلق عليه ضرائب غير مباشرة فيما يخصّ أسعار السجائر والسكر والنفط والبنزين وأمثال ذلك على نوعين، فبعضها ليس ضريبة في حقيقته ولكنّهم أسموه بذلك، فلو تمّ حسابها وفقاً للنظام المتّبع في خطوط الانتاج بحيث تحسب مصاريف البضاعة وفقاً للمحاسبة الصناعيّة التي تطبقها الدولة على البنزين، والنفط الأبيض، وزيت الغاز، وزيت المحركات، وأمثالها، ثم يؤخذ ما يساوي هذه المصاريف، فلن تعتبر ضرائب على الإطلاق ولكن لو تقرّر حساب ذلك ضمن سعر الكلفة ثم باعت الدولة البنزين الذي يكلّفها اللتر الواحد منه ثلاثة دنانير بخمسة دنانير من أجل تأمين مصاريفها العامّة، فهذه ضريبة غير مباشرة. إنّ هذا النوع من الضرائب لا يتوافق كثيراً مع المقاييس الإسلاميّة، فأساس الضرائب في الإسلام يتمثّل في الضرائب المباشرة، وعليه فإنّ هذه الضرائب سوف تكون بالنتيجة تصاعديّة بالنسبة إلى الدخل، إذ انّه لو اُخذ ألف دينار ممّن يحصل على دخل مقداره خمسة آلاف دينار، وعشرين ألفاً ممّن يحصل على مائة ألف فالقضيّة غير منسجمة حسب الظاهر، وعليه ينبغي للضرائب أنْ تكون مباشرة وتصاعديّة، وهذا أمر يتوافق تماماً مع روح تعاليم الإسلام الاقتصاديّة. من هذا المنطلق جاء موقفنا الفقهي الحاسم يعتمد في إدارة المجتمع الإسلامي وتأمين مصاريفه الضروريّة على الضرائب التصاعديّة المباشرة التي تفرضها الدولة الإسلاميّة ووليّ أمر المسلمين، ويأخذانها ويصرفانها وفقاً للظروف الزمانيّة والمكانية.

1