logo-img
السیاسات و الشروط
ريحانة المهدي313 ( 13 سنة ) - العراق
منذ سنتين

البكاء على مصائب أهل البيت

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا أستطيع البكاء على مصائب أهل البيت(عليهم السلام)،علماً أنّي لا أستمع إلى الأغاني وليس لدي ذنوب، وأنا قريبة من أهل البيت خاصة الإمام المهدي(عج)، والذي يحدث عندي عند سماع الناعي ألم في قلبي دون نزول الدمع من عيني فماهو السبب؟ عندي سؤال ثان بالنسبة لزيارة الأربعين عند المسير ألبس حذاء هل فيه إشكال؟


و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ابنتي العزيزة اعلمي أنّ سبب جفاف العين عن البكاء أو التأثر غالباً هو لقساوة القلب و غلظته عن التفاعل مع الأحداث الجسيمة، وقد يحصل ذلك بسبب كثرة الذنوب أو استصغارها وعدم التوبة منها، فإنّها تتكاثر وتغرق القلب وتحجبه عن التفاعل والتأثر . كما هو الوارد عن أمير المؤمنين(عليه السلام) فقد قال: "ما جفت الدموع ، إلاّ لقسوة القلوب , وما قست القلوب ، إلاّ لكثرة الذنوب".(الريشهري،ميزان الحكمة:ج١،ص٢٨٥). وأرجو الله أن لا تكونوا من هذه الطائفة ، وخاصة إذا رأيت أنّ الحالة متكررة في أكثر من مجلس ، ومع أكثر من خطيب. فإنّ هذا قد ينذر بشيء غير صحيح . ولكن اعلمي أنّ الذي لا يبكي لا يخرج من الإيمان بآل البيت (عليه السلام)، فإنّ بعض الناس يتأثرون ولكن من دون جريان الدمع، وما احتراق القلب و وجعه لذكر مصائبهم (عليهم السلام) إلاّ من باب الولاء لهم وحبهم، فإذا كان الأمر كذلك ، فيكفيك هذا المقدار من التفاعل؛ إذ مَن لا يمكنه البكاء فإنّ عليه التباكي. ولكن عليكم التعرّف والتأمل في سيرة أهل البيت (عليهم السلام) والمظلومية التي وقعت عليهم وخصوصاً المظلومية التي وقعت على الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه في كربلاء وبعدها، فهل شهد التاريخ جريمة كالتي حدثت في كربلاء؟ ففي يوم عاشوراء وقعت فاجعة ومصيبة، فقد عومل الإمام الحسين (عليه السلام) معاملة شنيعة و قُتل مظلوماً وهو سبط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإمام زمانه وحجة الله في الأرضين وخليفة الله في العالمين وصاحب المعرفة الكبرى برب العالمين، ووارث الأنبياء والمرسلين. فلم يشهد التاريخ جريمة كتلك التي وقعت في كربلاء، فهل هناك نبي أو وصي أو صالح في التاريخ تعرّض إلى الحصار والعطش والخوف وقتل الأولاد حتى الرضيع وقتل الأصحاب حتى لم يسلم منه الشيخ الكبير كأمثال حبيب بن مظاهر الأسدي. فالبكاء على الحسين (عليه السلام) صورة من صور التأسي برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب: آية ٢١)، فقد رُوي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ، فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا لِعَيْنَيْكَ تَفِيضَانِ أَغْضَبَكَ أَحَدٌ ؟ قَالَ لاَ بَلْ كَانَ عِنْدِي جَبْرَئِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اَلْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَاطِئِ اَلْفُرَاتِ. وَقَالَ هَلْ لَكَ أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ. قُلْتُ نَعَمْ. فَمَدَّ يَدَهُ فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنِي أَنْ فَاضَتَا".(البحراني، العوالم:ص١١٧). وعن ابن عباس قال: "كُنْتُ مَعَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي خَرْجَتِهِ إِلَى صِفِّينَ فَلَمَّا نَزَلَ بِنَيْنَوَى وَهُوَ بِشَطِّ اَلْفُرَاتِ، قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا اِبْنَ عَبَّاسٍ أَ تَعْرِفُ هَذَا اَلْمَوْضِعَ؟ قُلْتُ لَهُ مَا أَعْرِفُهُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لَوْ عَرَفْتَهُ كَمَعْرِفَتِي لَمْ تَكُنْ تَجُوزُهُ حَتَّى تَبْكِيَ كَبُكَائِي. قَالَ: فَبَكَى طَوِيلاً حَتَّى اِخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ وَسَالَتِ اَلدُّمُوعُ عَلَى صَدْرِهِ وَبَكَيْنَا مَعاً وَهُوَ يَقُولُ أَوْهِ أَوْهِ مَا لِي وَلِآلِ أَبِي سُفْيَانَ مَا لِي وَلآِلِ حَرْبٍ حِزْبِ اَلشَّيْطَانِ وَ أَوْلِيَاءِ اَلْكُفْرِ ، صَبْراً يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ فَقَدْ لَقِيَ أَبُوكَ مِثْلَ اَلَّذِي تَلْقَى مِنْهُمْ".( الصدوق،الأمالي:ص٦٩٤) ولقد كان يعيش أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد رحيل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كل يوم حالة عاشوراء. أوليس التأسي بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في البكاء على الحسين (عليه السلام) من أعظم القربات إلى الله (عزّ وجلّ)؟ واعلمي أنّ للبكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) ثماراً كثيرةً، فقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: "مَنْ ذُكِّرَ بِمُصَابِنَا فَبَكَى وَ أَبْكَى لَمْ تَبْكِ عَيْنُهُ يَوْمَ تَبْكِي اَلْعُيُونُ وَ مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً يُحْيَا فِيهِ أَمْرُنَا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ اَلْقُلُوبُ".( المجلسي، بحار الأنوار:ج٤٤،ص٢٧٨). وهذه الثمرة من أعظم الثمار التي يستحصلها المؤمن في بكاءه على سيد الشهداء، وهو أن يصبح القلب الذي هو عرش الرحمن ومصدر الفكر والعاطفة والالتزام والسلوك حيّاً يوم تموت القلوب. وأمّا بالنسبة للسؤال الثاني، فجوابه: لامانع ولا إشكال فيه. و دمتم موفقين

5