anyone ( 17 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

الذنب والتوبة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في الحديث الشريف : "مَن قارف ذنباً فارقه عقل لا يعود إليه أبداً " أَلا يختلف عن الحديث : "التائب من الذنب كمَن لا ذنب له" ثمّ إن كان هذا الذنب نتيجة مشاكل نفسية هل ينطبق عليه الشيء نفسه؟


نوضح لكم معنى التوبة من الذنوب صغيرها وكبيرها والندم عليها في القرآن و السنة حتى يرتفع الاختلاف عندكم بين الروايتين: و ممّا يؤيد الحديث الثاني الذي ذكر في سؤالكم هو : قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.(التحريم:آية٨). وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.(النور:آية١٣). وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.(البقرة:آية٢٢٢). وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }.(الشورى:آية٢٥). وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }.(الزمر:آية٥٣). وعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال لمحمد بن مسلم: "يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة أَما والله إنّها ليست إلاّ لأهل الإيمان. قلت: فإنّه يفعل ذلك مراراً يذنب ثمّ يتوب ويستغفر الله، فقال: كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة".(الكليني،الكافي: ج٢،ص٤٣٤). وعنه (عليه السلام) أنّه قال: "التائب من الذنب كمَن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ".(المجلسي، بحار الأنوار:ج١٦،ص٧٤). وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "ما من عبدٍ أذنب ذنباً فندم عليه إلاّ غفر الله له قبل أن يستغفر".( الكليني،الكافي:ج٢،ص٤٢٧). وعنه (عليه السلام) أنّه قال: "إنّ الله يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها".(الكليني،الكافي:ج٢،ص٤٣٦). وأمّا الحديث الأول الذي ذكر في السؤال: "مَن أذنب ذنباً فارقه عقل لا يعود إليه أبداً".(الريشهري،ميزان الحكمة: ج٢،ص٩٨٧). لم يرد هذا الحديث في المجاميع الروائية عند الفريقين مثل الكتب الأربعة والبحار والصحاح الستّة والمسانيد والسنن، بل جاء في بعض الكتب الأخلاقية والعرفانية بصورة مرسلة بعبارة (مَن قارف (قارن) ذنباً فارقه عقل لا يعود (لم يعد) إليه أبداً) ( المبدأ والمعاد لصدر الدين الشيرازي / 368 ـ علم اليقين للفيض الكاشاني ـ إحياء علوم الدين للغزالي 3/23 و 4/77، 583 ـ المحجّة البيضاء في إحياء الأحياء للفيض الكاشاني 5/24 و 7/95 و 8/160 ) وقد نقل في هامش (علم اليقين) أنّ العراقي في (في تخريج أحاديث الأحياء) يقول إنّه لم يرَ لهذا الحديث أصلاً . وأمّا مع غضّ النظر عن سند هذا الحديث فالمعنى لابدّ وأن ينصب في مدى تأثير الذنوب على روح الإيمان في المؤمن، وهذا ممّا استفاضت الروايات والأحاديث حوله بالنسبة لمطلق الذنوب أو ذنوب خاصّة، ويستقل العقل به إذ إنّ كل فعل لابدّ وأن يكون له تأثير في نفس الفاعل وفي الخارج، فالذنب من المذنب له تأثير سلبي في وجوده التكويني . نعم، وفي الوقت نفسه وردت أحاديث كثيرة تدلّ على فاعليّة التوبة والاستغفار وإتيان الأعمال الصالحة لإحباط الذنوب أو آثارها التكوينيّة والتشريعيّة ؛ فعلى ضوء هذا المطلب ينبغي أن لا ييأس المذنب من روح الله وعفوه ورحمته، بل ويسعى أكثر فأكثر في الجانب الإيجابي بعد ما مسّه الشر قليلاً في الجانب السلبي . فعلى هذا لا يبقى أي اختلاف أو إشكال بين الجمع بين الروايتين .