logo-img
السیاسات و الشروط
( 21 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الكلام الداخلي على الوالدين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في بعض الأحيان أنزعج من الوالدين وأتكلم عليهم بداخلي أو أقول حسبي الله أو لا الله إلاّ الله، علماً أنّي أحبهم كثيراً ومطيعة لهم أيضاً، هل كلامي هذا يعتبر عصيان لهم ومرتكبة ذنب بذلك؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ابنتي العزيزة قد عظّم الله سبحانه الوالدين عندما قرن في كتابه الكريم بوجوب برّ الوالدين والإحسان إليهما بوجوب عبادته ، وحرّم جميع ألوان الإساءة إليهما صغيرها وكبيرها ، فقال تعالى : {وقَضى ربُّكَ ألاّ تَعبدُوا إلاّ إيّاهُ وبالوالدينِ إحسَانا إمّا يَبلغُنَّ عِندكَ الكِبرَ أحدُهُما أو كِلاهُما فلا تقُل لهُما أُفٍّ ولا تَنهرهُما وقُل لهُما قَولاً كرِيماً}.( الإسراء: آية٢٣). وأمر بالإحسان إليهما والرحمة بهما والاستسلام لهما ، فقال تعالى : { واخفِض لهما جَناحَ الذُلِّ مِن الرحمةِ وقُل ربِّ ارحَمهُما كما ربَّيانِي صَغِيراً}.( الإسراء: آية٢٤)، وقرن اللّه تعالى الشكر لهما بالشكر له ، فقال : {أنِ اشكُر لي وَلِوالِدَيكَ إليَّ المصِيرُ }.( لقمان:آية١٤) واعلمي أنّ الله تعالى أوصى ببر الوالدين وإن كانا مشركين فكيف بمَن كانا مسلمين ، وموالين لأهل البيت (عليه السلام)، إلاّ أنّه لهما هفواتهما وزلاتهما التي لا يخلو منها أحد غير المعصومين (عليهم السلام )، وأمر تعالى بصحبة الوالدين بالمعروف فقال :{ وَصَاحِبهُما في الدُّنيا مَعرُوفاً} .( لقمان:آية١٥) ومعنى المصاحبة بالمعروف هو عدم الإساءة إليها قولاً أو فعلاً وإن كانا ظالمين له ، وفي النص : "وإن ضرباك فلا تنهرهما وقل : غفر الله لكما" .(الكليني،الكافي:ج٢،ص١٥٨). فتركه يعدّ تنكراً لجميله عليه، فعليكم بصلتهما واحترامهما وعدم سبهما أو غيبتهما، بل عليكم الدعاء لهما بالهداية، وعليكم بالصبر فقد رُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : "مَن ابتُليَ مِن المؤمنين ببلاءٍ فصبَر عليه ، كان له أجرُ ألف شهيد ".( المجلسي،بحار الأنوار:ج٦٨،ص٩٣) . فالصبر على المكاره والنوائب هو أعظم أقسام الصبر ، وأجلّ مصاديقه الدالّة على سموّ النفس ، وتفتح الوعي ، ورباطة الجأش ، ومضاء العزيمة فالإنسان عرضةً للمآسي والارزاء ، وهو لا يملك إزائها حولاً ولا قوّة ، وخير ما يفعله المُمتَحَن هو التذرّع بالصبر ، فإنّه بلسم القلوب الجريحة ، وعزاء النفوس المعذّبة . فعليكم بتحملهما قدر الإمكان، فإنّه منتهى البر . لا تدعي الشيطان يضخّم لك الجانب السلبي لتقعي في العقوق من حيث لا تشعر، واحترس دائماً من الانتقاص والاحتقار القلبي للوالدين ، فإنّ ذلك سيعود سلباً عليكم و يشكّل لكم قساوة قلب تؤثر على نفسك وغيرك. و قد رُوي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "مَن نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة".( الريشهري،ميزان الحكمة:ج٤،ص٣٦٧٨). فإنّ هذه الدنيا دَين فما تفعله مع والديك سيُرد إليك في المستقبل. واعلمي أنّ هذا البر قد يكون هو سبب سعادتك في الدنيا والآخرة وهو سبب تفتح الأبواب لك وتحقق الأماني والأحلام . و {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }.(الأنفال:آية٤٦). و دمتم موفقين

4