وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
الظاهر من المقطع المذكور في زيارة الناحية الإشارة إلى كون بني أسد قد ساعدوا الإمام زين العابدين (عليه السلام) في دفن جسد أبيه الإمام الحسين (عليه السلام)، وأجساد أهل بيته (عليهم السلام) وأصحابه (رضوان الله عليهم).
والمشهور أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قد قام في دفن جسد أبيه الإمام الحسين (عليه السلام)، وأجساد أهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) ،لوجود النصوص والشواهد.
ويؤيّد ذلك ما رواه الكشّي في رجاله عن الإمام الرضا (عليه السلام) المتضمّن تقرير الواقعة، وأن علي بن الحسين (عليه السلام) هوالذي دفن أباه (عليه السلام) صراحة، فقد ذكر ذلك في ترجمة ابن السراج وابن البطائني وابن المكاري في حديث طويل، وفيه : فقال له علي ـ يعني ابن أبي حمزة البطائني ـ : إنّا روينا عن آبائك أن الإمام لا يلي أمره إلاّ إمام مثله.. فقال له أبو الحسن (عليه السلام) : فأخبرني عن الحسين بن علي (عليه السلام) كان إماماً أو كان غير إمام؟ قال: كان إماماً.. قال: فمن وَلِيَ أمرَه؟ فقال : علي بن الحسين .. قال : وأين كان عليُّ بن الحسين؟ قال : كان مـحبوساً في يد عبيد الله بن زياد في الكوفة، خرج وهم كانوا لا يعلمون حتى وَلِيَ أمر أبيه، ثم انصرف.
فقال له أبو الحسن (عليه السلام) : إن هذا الذي أمكن عليّ بن الحسين أن يأتي من كربلاء فيَلي أمر أبيه فهو أمكن صاحب هذا الأمر أن يأتي بغداد فيلي أمر أبيه ثم ينصرف، وليس هو في حبس ولا في إساءة . ( راجع رجال الكشي ص (289)، وقد نصّت روايات أخرى على أنّ الإمام لا يلي أمره إلا إمام ، إما ظاهراً وإما بطريق الخفاء ، كما في بحار الأنوار (27/288 - 291) و (45/169) وفيها أخبار تدل نصاً وتقريراً على ذلك).
والقول المقابل لهذا هو القول بدفن بني أسد للإمام الحسين (عليه السلام) ، وهو قول بعض القدماء، إلاّ أنّه يمكننا الجمع بين القولين، فيمكن حمل القول الثاني على معاونتهم للإمام السجاد (عليه السلام) في دفن أبيه (عليه السلام)، ومثل ذلك ما جاء في زيارة الّناحية المقدّسة: " السّلام على من دفنه أهل القرى ". ( جزءٌ من زيارة عاشوراء المعروفة بالناحية المقدسة، ذكرها الشيخ المفيد في كتاب المزار ص (165 - 171)، ونقلها عنه في البحار (98/317 - 328) )
وما يرد في كتب الحديث من هذا القبيل مـحمول على معاونة الإمام السّجاد (عليه السلام) في دفن أبيه (عليه السلام) ، كرواية بحار الأنوار المنقولة عن مصباح الشيخ أبي منصور أنه دخل النبي (صلى الله عليه وآله) يوماً إلى فاطمة - حتّى قال: - وأما الحسين (عليه السلام) فإنه يُظلم، ويُمنع حقّه، وتُقتل عترته، وتطؤه الخيل، ويُنهب رحلة، وتُسبى نساؤه وذراريه، ويُدفن مرمّلاً بدمه، ويدفنه الغرباء. قال علي (عليه السلام): فبكيت، وقلت هل يزوره أحد ؟ فقال: يزوره الغرباء. ( راجع بحار الأنوار (98/44) )
وكذلك رواية الشيخ المفيد في الإرشاد، وفيها: ولما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية إلى الحسين وأصحابه فصلّوا عليهم، ودفنوا الحسين (عليه السلام) حيث قبره الآن. ( راجع الإرشاد ص (2/113)، ومثله في اللهوف ص (127) )
والحجّة في المقام هي الرواية المعتبرة التي رواها الكشي ، وقد أورد العلاّمة الفاضل الدّربندي في أسرار الشهادات خبراً يؤدّي إلى دفن السجاد (عليه السلام) جسد أبيه (عليه السلام) كما تقدّم.
دمتم في رعاية الله.