logo-img
السیاسات و الشروط
فاطمهَ ( 21 سنة ) - العراق
منذ سنة

تفسير آيات

السلام عليكم ما تفسير الايآت القرآنية الكريمة من سورة النساء: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)} ؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي (- ج ٣ - الصفحة ١٩٨): بعد أن بين الله سبحانه في الآيات السابقة ما هناك من شروط وقيود وأحكام مختلفة في مجال الزواج، يمكن أن ينقدح سؤال في ذهن البعض وهو: ما المقصود من كل هذه القيود ولماذا الحدود القانونية؟ ألم يكن من الأفضل أن تترك للأفراد الحرية الكاملة في هذه المسائل، ليتاح لهم أن يستفيدوا من هذا الأمر وليتعرفوا في هذا المجال كما يفعل عبدة الدنيا حيث يتوسلون بكل وسيلة في طريق اللذة؟ إن الآيات الحاضرة هي في الحقيقة إجابة على هذه التساؤلات إذ يقول سبحانه: يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم أي أن الله يبين لكم الحقائق بواسطة هذه القوانين ويهديكم إلى ما فيه مصالحكم، مع العلم بأن هذه الأحكام لا تختص بكم، فقد سار عليها من سبقكم من أهل الحق من الأمم الصالحة، هذا مضافاً إلى أن الله تعالى يريد أن يغفر لكم ويعيد عليكم نعمه التي قطعت عنكم بسبب انحرافكم عن جادة الحق، وكل هذا إنما يكون إذا عدتم عن طريق الانحراف الذي سلكتموه في عهد الجاهلية وقبل الإسلام. والله عليم حكيم يعلم بأسرار الأحكام، ويشرعها لكم عن حكمة. ثم إن الله سبحانه أكد ما مر بقوله: والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً، أي أن الله يريد بتشريع هذه الأحكام لكم أن يعيد عليكم نعمه التي قطعت ومنعت عنكم بسبب ذنوبكم، وارتكابكم للشهوات، ولكن الذين يريدون الانسياق وراء الشهوات الغارقين في الآثام والذنوب يريدون لكم أن تنحرفوا عن طريق السعادة، إنهم يريدون أن تسايروهم في اتباع الشهوات وأن تنغمسوا في الآثار انغماسا كاملاً، فهل ترون - والحال هذه - إن هذه القيود والحدود الكفيلة بضمان سعادتكم وخيركم ومصلحتكم أفضل لكم، أو الحرية المنفلتة المقرونة بالانحطاط الخلقي، والفساد والسقوط؟ إن هذه الآيات في الحقيقة تجيب على تساؤل أولئك الأفراد الذين يعيشون في عصرنا الحاضر أيضاً والذين يعترضون على القيود والحدود المفروضة في مجال القضايا الجنسية، وتقول لهم: إن الحريات المطلقة المنفلتة ليست أكثر من سراب، وهي لا تنتج سوى الانحراف الكبير عن مسير السعادة والتكامل الإنساني، وكما توجب التورط في المتاهات والمجاهل، وتستلزم العواقب الشريرة التي يتجسد بعضها في ما نراه بأم أعيننا من تبعثر العوائل، ووقوع أنواع الجريمة الجنسية البشعة، وظهور الأمراض التناسلية والآلام الروحية والنفسية المقيتة، ونشوء الأولاد غير الشرعيين حيث يكثر فيهم المجرمون القساة الجناة. ثم إنه سبحانه يقول بعد كل هذا: يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً وهذه الآية إشارة إلى أن النقطة التالية وهي أن الحكم السابق في مجال حرية التزوج بالإماء بشروط معينة ما هو - في الحقيقة - إلا تخفيف وتوسعة، ذلك لأن الإنسان خلق ضعيفاً، فلابد وهو يواجه طوفان الغرائز المتنوعة الجامحة التي تحاصره وتهجم عليه من كل صوب وحدب أن تطرح عليه طرق ووسائل مشروعة لإرضاء غرائزه، ليتمكن من حفظ نفسه من الانحراف والسقوط. دمتم في رعاية الله وحفظه.

1