logo-img
السیاسات و الشروط
...... ( 16 سنة ) - العراق
منذ 4 سنوات

التعبير القرآني بالجمع أو المفرد عن الله تعالى

لاشك بأن الله واحد أحد لاشريك له، لكن لديّ سؤال وهو: لماذا الآيات في القرآن الكريم التي يتحدث بها الله تعالى عن نفسه، تارة تكون بصيغه الجمع مثلاً ((أنا جعلنا.. ))، وتارة أخرى بصيغه المفرد مثلاً ((الذي خلق الموت...))؟


لاشكَّ أن القرآن العظيم نزل بلغة العرب، ومن ثم كانت أساليبه في التعبير على نمط أساليبهم في الكلام؛ لأنه نزل كما قال تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء/195) وإذا تقرّر هذا؛ فإنه من المعلوم عند من له دراية بلغة العرب أن الرجل إذا أراد أن يعظّم نفسه، ينزلها منزلة الجمع، فبدلًا من أن يقول: أنا فعلت كذا، يقول: نحن فعلنا كذا، قال صاحب المعجم الوسيط: نحن: ضمير يعبر به الاثنان، أو الجمع المُخْبِرون عن أنفسهم، وقد يعبِر به الواحد عند إرادة التعظيم. ومما لا ريب فيه أن الله تعالى متصف بصفة العظمة، فإذا ما أخبر سبحانه عن نفسه بهذه الصفة، فهي صفة وافقت موصوفها. فإذا قال العظيم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }(الحجر/9)، إلى غيرها من الآيات الدالة على هذا المعنى، فلا يظن السائل أن في هذا تعارضاً مع وحدانية الله سبحانه، كلا، وإنما هو من باب التعظيم الذي درج العرب على استعماله في خطابهم. والفرق بين الموارد التي يذكر الله سبحانه فيها نفسه بصيغة الجمع, والموارد التي يأتي فيها بصيغة المفرد يختلف من مقام إلى مقام، فإنه تعالى حين ذكر العبادة, أو التحدث عن إثبات مقام الألوهية ونفي التأثير لغيره سبحانه، وعن الوحدانية، ونفي الشرك والشريك، والصاحبة، والولد، نلاحظ أنه في مثل هذه الموارد قد جاء بصيغة المفرد، لأن المقام مقام تحديد، كما في الآيات التاليه حيث يقول سبحانه وتعالى: ١- {لاَ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً}(الحج/٢٦) ٢- {مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَ لِيَعْبُدُونِ}(الذاريات/٦٥) ٣- { وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}(يس/٦١) ٤- {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي} (طه/١٤) ٥- { وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء/ ٩٢) ٦- {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ}(طه/٨٢) ٧- {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَ لِيَعْبُدُونِ}(الذاريات/٦٥) ولكنه تعالى حينما يريد أن يثبت مقام القدرة والاختيار، والعطاء، والفيض الإلهي في موارد الرحمة، والنعمة، والرزق والتدبير، وجميع الموارد التي يريد أن يخاطب الإنسان فيها من موقع الكبرياء، والعظمة.. والعزة، والقدرة، والربوبية وشؤونها، التي تتجلى في العناية والرعاية، والتدبير، فإنه تعالى في جميع تلك الموارد يتكلم عن نفسه بكلا الصيغتين، نذكر منها: ١- {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(الحجر/٩) ٢- {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً}(عبس/٢٥) ٣- {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ}(المؤمنون/١٢) ٤- ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا﴾(المؤمنون/٢٧)

4