logo-img
السیاسات و الشروط
نور الزهراء علي ( 14 سنة ) - الكويت
منذ سنة

إنكسر ظهري

هل حقاً إنكسر ظهر الإمام الحسين (عليه السلام) عندما قال: الآن إنكسر ظهري، عند مصرع أخيه أبي الفضل العباس (عليه السلام)؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب واضح أن الإمام الحسين (عليه السلام) قال هذه الكلمة تأبيناً ورثاءً، وهي كناية عن انكسار الإمام عسكرياً بفقد حامل لواءه وقائد عسكره، وقد أبن سيد الشهداء (عليه السلام) عشرةً من أصحابه، والملحوظ أن تسعة من هذه التأبينات كانت يرجع الوصف فيها والدعاء إلى المؤبَّن، إلا تأبين العباس(عليه السلام)، كان الوصف فيه راجعاً إلى الإمام الحسين (عليه السلام) بقوله (انكسر ظهري)! ينبغي لحفظ معنى التأبين وغرضه أن تُفهم هذه الكلمة بإرجاع كل خصلة قابلة لأن تكون مورداً للتأبين في العباس (عليه السلام) إلى الحسين (عليه السلام) مآلاً وأثراً، فيكون وجود العباس الممتدح مربوطاً بأخيه بنحو التمام. بهذا الفهم نعمم دلالة الكلمة إلى ما يتجاوز الحسابات العسكرية في موقع العباس (عليه السلام) ليكون واقعياً أيضاً، لا اعتبارياً في جهة معينة فقط، فكونه ظهراً للحسين له باطن ملكوتي عظيم كشف عنه هذا التأبين. لهذا الفهم عدد من المؤيدات والشواهد النقلية، منها: 1) أصل انعقاد خلقته (عليه السلام)، كان إعدادا لنصرته أخيه (عليه السلام). جاء في عمدة الطالب لإبن عنبة: (انظر إلى امرأةٍ قد ولدتها الفحولة من العرب؛ لأتزوجها، فتلد لي غلاماً فارساً). 2) في “الإرشاد”: (اركب بنفسي أنت)، وهذه لها جانب عاطفي كنائي لا يُقبل مع تجريده من التسامح، لأن المعصوم لا ينبغي أن يفتدي غير المعصوم، ولانسجام المعنى مع ذلك ينبغي تأويلها بأن الوجود الفعلي للحسين (عليه السلام) في الحياة كان في ذلك الظرف مرتهنا بوجود العباس (عليه السلام)، وذهاب العباس يساوق ذهاب الحسين، فصح افتداؤه بهذا اللحاظ الذي يعني بقاء الحسين (عليه السلام) نفسه مع التجرد عن لحاظ نفسه في التفدية. 3) العباس حامل اللواء الأعظم، ولم يكن مجرد لواء عسكري في معركة آنية، بل هو لواء سيد الشهداء بما فيه من رمزية إعلاء كلمة الله الممتدة، ولهذا حافظ عليه العباس حتى آخر نفس لمعرفته قيمته الملكوتية. 4) (يا أخي كنت العلامة من عسكري، ومجمع عددنا، إذا غدوت يؤول جمعنا إلى الشتات، وعمارتنا تنبعث إلى الخراب)، وهذا شاهد آخر على ارتباط الوجود الحسيني (عليه السلام) بوجود أبي الفضل. 5) ورد في “أمالي الصدوق” أن السجاد (عليه السلام) استعبر حين رأى عبيد الله بن العباس (عليه السلام) وقال: إن أشد يوم على النبي (صلى الله عليه وآله) هو يوم الحمزة، ثم يوم جعفر. ثم ذكر أنه لا يوم كعاشوراء، فهو الأشد مطلقاً، وسبب هذا البيان هو ذكر العباس (عليه السلام)، وفيه دلالة على أن أشدية يوم عاشوراء كانت من جهة فقد الحسين (عليه السلام) العباس. 6) التناغم التكويني الوجداني في ارتباط مصيبته (عليه السلام) بمصيبة أخيه بكاءً وزيارةً، وقد ذكر غير واحد من العلماء أن إبقاء العباس (عليه السلام) في موضع مصرعه كان سراً من الأسرار الملكوتية. دمتم في رعاية الله.

1