السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
مرحباً بك أيها السائل الكريم..
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٤ - الصفحة ٣٧٢-٣٧٣:
اختلف المفسرون بشأن الولد الذي أمر إبراهيم بذبحه، هل كان (إسماعيل أم إسحاق) الذي لقب بذبيح الله؟ إذ أن هناك نقاشاً بين المفسرين، فمجموعة تقول:
إن (إسحاق) هو (ذبيح الله) فيما تعتبر مجموعة أخرى (إسماعيل) هو الذبيح، التفسير الأول أكد عليه الكثير من مفسري أهل السنة، فيما أكد مفسرو الشيعة على أن إسماعيل هو الذبيح.
وظاهر آيات القرآن الكريم المختلفة تؤكد على أن إسماعيل هو ذبيح الله، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: في إحدى آيات القرآن الكريم نقرأ وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين.. هذه العبارة توضح بصورة جيدة، أن الله سبحانه وتعالى بشر إبراهيم بولادة إسحاق بعد قضية الذبح، نتيجة تضحياته، ولهذا فإن قضية الذبح لا تخصه أبداً، إضافة إلى أن الباري عز وجل عندما يبشر أحداً بالنبوة، فذلك يعني بقاء ذلك الشخص حياً، وهذا لا يتناسب مع قضية الذبح التي خصت غلاماً.
ثانياً: نقرأ في الآية (71) من سورة هود، قوله تعالى: فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب.. هذه الآية توضح أن إبراهيم كان مطمئناً على بقاء ولده إسحاق، وأن الله سيرزق إسحاق ولداً إسمه يعقوب، وهذا يعني أن الذبح لا يشمله أبداً، فالذين اعتبروا إسحاق هو الذبيح، يبدو أنهم لم يأخذوا بنظر الاعتبار حقيقة هذه الآيات.
ونقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حديث موثوق، جاء فيه: " أنا إبن الذبيحين " والمقصود من الذبيحين، الأول هو والده (عبد الله) الذي كان أبوه عبد المطلب قد نذر بذبحه تقرباً إلى الله تعالى والذي (فداه) بأمر من الله بـ (100) بعير، وقصته معروفة، والثاني هو (إسماعيل) لأن من الأمور الثابتة كون نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو من أبناء إسماعيل وليس من أبناء إسحاق .
وورد في الدعاء الذي رواه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، (يا من فدا إسماعيل من الذبح).
وجاء في روايات أخرى عن الإمامين المعصومين الباقر والصادق (عليهما السلام)، أنهما أجابا على أسئلة تستفسر عن الذبيح، فأجابا أنه إسماعيل.
وجاء في حديث نقل عن الإمام الرضا (عليه السلام) " لو علم الله عز وجل شيئاً أكرم من الضأن لفدى به إسماعيل ".
خلاصة الأمر، هو أن الروايات والأحاديث التي وردت بهذا الشأن كثيرة، وإذا أردنا استعراضها جميعاً، فإن البحث يتسع كثيراً.
وفي مقابل هذه الروايات الكثيرة المتناسبة مع ظاهر الآيات القرآنية، هناك روايات شاذة تدل على أن إسحاق هو المقصود (بذبيح الله) ولا تتطابق مع روايات المجموعة الأولى ولا مع ظاهر الآيات القرآنية.
وبغض النظر عما قيل، فهناك قضية مسلم بها، وهي أن الطفل الذي جاء به إبراهيم مع أمه إلى مكة المكرمة بأمر من الله ثم تركهما هناك، وساعده من بعد في بناء الكعبة المشرفة، وأدى مراسم الطواف والسعي هو إسماعيل، وهذا يدل على أن الذبيح هو إسماعيل، لأن عملية الذبح تكمل الأعمال المذكورة أعلاه.
دمتم في رعاية الله.