السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تحية طيبة..
وبعد، كنت في أحد المجالس الحسينية وسمعت الشيخ على المنبر يقول: مكتوب على ساق العرش إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة.
وسمعت الكثير من هذه الروايات التي تتكلّم عن ساق العرش، ولكن سؤالي: هل الله له عرش مثل ما يقول الوهابية؟ وإن لم يكن له عرش ما تفسير هذه الروايات التي تذكر على المنابر من غير شرح ولا تفسير للعوام، وتكون وسيلة للطعن في الشيعة من قبل أعدائهم.
وجزاكم الله كلّ خير
الاخ عبد الله المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد ورد ذكر العرش في الآيات القرآنية وفي كثير من الأدعية والروايات عن المعصومين(عليهم السلام)، والذي نختلف فيه عمّا يقوله الوهابيون، أنّهم يصوّرون العرش بالمعنى الظاهري، أي: كرسي كبير له أربعة قوائم مثلاً، وهكذا ويصوّرون أنّ الله جالس عليه، ونحن لا نقول بذلك، لأنّه يستلزم الكثير من المحاذر، منها: أنّ كلامهم سيستلزم الجسمية والمحدودية والمكان والحدوث، وما إلى ذلك.
وما نقوله نحن في العرش تبعاً لأهل البيت(عليهم السلام): انّه هو العلم.
فعن حنان، قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن العرش والكرسي؟ فقال(عليه السلام): (إنّ للعرش صفات كثيرة مختلفة له في كلّ سبب وصنع في القرآن صفه على حدة، فقوله: ربّ العرش العظيم يقول: ربّ الملك العظيم، وقوله الرحمن على العرش استوى، يقول على الملك احتوى، وهذا علم الكيفوفية في الأشياء، ثمّ العرش في الوصل مفرد عن الكرسي، لأنّهما بابان من أكبر أبواب الغيوب، وهما جميعاً غيبان، وهما في الغيب مقرونان، لأنّ الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع، ومنه الأشياء كلّها، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحدّ والمشيه، وصفة الإرادة، وعلم الألفاظ، والحركات، والترك وعلم العود والبدء، فهما في العلم بابان مقرونان، لأنّ ملك العرش سوى ملك الكرسي، وعلم الغيب من علم الكرسي، فمن ذلك قال ربّ العرش العظيم، أي صفته أعظم من صفة الكرسي ... المزید فعلى هذا فالعرش هو العلم الذي لا يقدر قدره أحد)(انظر تفسير الميزان 2: 339).
وتكون الرواية التي فيها مكتوب على ساق العرش الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة، جاءت على الرمز، ويجب أن نفهمها على ضوء ما تقدم من معنى العرش والكرسي، فلا تكون (ساق العرش) قد جاءت على الحقيقة، ولا لفظة (مكتوب) قد جاء على الحقيقة أيضاً، وإنّما إذا كان العرش هو العلم فإنّ من ضمن هذا العلم الغيبي الإلهي أنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة، وعبّر عن هذه الضمنية بأنّه مكتوب على ساق العرش والله اعلم.
ودمتم في رعاية الله