logo-img
السیاسات و الشروط
ali ( 20 سنة ) - السعودية
منذ سنة

مقام الإمام المهدي (عليه السلام) في وادي السلام

هنالك مقام في وادي السلام بأسم مقام الإمام المهدي (عليه السلام).. فما أصل وجوده هناك؟ وهل هنالك رواية عنه أو أي شيء يخصه؟ وما رأي المرجعية به؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته مرحباً بك أيها السائل الكريم.. جاء في كتاب تأريخ مقام الإمام المهدي عليه السلام في وادي السلام،لجنة التأليف في مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله فرجه: قد سعى الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام في إظهار شريعة جدّه المصطفى وتبيانها، وكان هو ووالده الإمام الباقر عليهما السلام يجدّان ويجتهدان في إظهار مآثر تلك الشريعة السمحاء وآثارها، ومن تلك الآثار التي أظهرها الإمام الصادق عليه السلام هو موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام، لا كما يظن البعض أن هارون الرشيد هو من أظهره، فقد كتب الكثير في تحقيق هذا المطلب، وكان الإمام الصادق عليه السلام كثيراً ما يجيء إلى النجف إلى زيارة جدّه ومعه جمع من الأصحاب أو أحدهم، وكان أثناء زيارته عليه السلام يُظهر لأصحابه بعض الأثار الاُخر، كموضع رأس الحسين عليه السلام وموضع منبر القائم عليه السلام، لتصبح تلك المواضع علماً للقاصي والداني، وحتّى لا تدرس تلك المعالم كما درس الكثير من آثار المعالم الماضية، فأصبحت النجف _ بهذه المواضع المقدسة وغيرها كمسجدي الكوفة والسهلة _ معقلاً للطالبين وملجأ للهاربين وملاذاً للساكنين ومنهلاً للمتعلمين، ولمّا كان بحثنا هذا هو حول تأريخ مقام الإمام المهدي عليه السلام في وادي السلام، والذي هو موضع منبر القائم بعينه _ كما صرح بذلك عدّة من علمائنا.. ١ _ ذكر الحديث بطرق أسانيده المختلفة : أ) الرواية الأولى: رواها الشيخ محمّد بن جرير الطبري (الشيعي)، ذكر الحديث بطرق أسانيده المختلفة (ت في أوائل القرن الرابع الهجري) في كتابه (دلائل الإمامة)، قال ما نصه: وحدّثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي، قال: حدّثني أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همام، قال: حدّثنا حبيب بن الحسين، قال: حدّثنا أبو هاشم عبيد بن خارجة، عن عليّ بن عثمان، عن فرات بن الأحنف،قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام ونحن نريد زيارة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فلما صرنا إلى الثوية نزل فصلّى ركعتين، فقلت: يا سيدي، ما هذه الصلاة؟ قال: (هذا موضع منبر القائم، أحببت أن أشكر الله في هذا الموضع)، ثمّ مضى ومضيت معه حتّى انتهى إلى القائم الذي على الطريق، فنزل فصلّى ركعتين، فقلت: ما هذه الصلاة؟ قال: (هاهنا نزل القوم الذين كان معهم رأس الحسين عليه السلام ... المزید فنزلت وصلّيت هاهنا شكراً لله)، ثمّ مضى ومضيت معه حتّى إنتهى إلى موضع، فنزل وصلّى ركعتين، وقال: (هاهنا قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه). ب) الرواية الثانية: رواها الشيخ جعفر بن محمّد بن قولويه (ت ٣٦٨ هـ) في كتابه (كامل الزيارات) في باب الدلالة على قبر أمير المؤمنين عليه السلام، قال ما نصه: حدّثني أبي ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن الحسن بن متيل، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عقبة، عن الحسن الخزاز الوشاء، عن أبي الفرج،عن أبان بن تغلب، قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فمرّ بظهر الكوفة، فنزل وصلّى ركعتين، ثمّ تقدم قليلاً، فصلّى ركعتين ثمّ سار قليلاً، فنزل فصلّى ركعتين، ثمّ قال: (هذا موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام)، قلت: جعلت فداك فما الموضعين الذين صليت فيهما؟ قال: (موضع رأس الحسين عليه السلام وموضع منبر القائم عليه السلام). إن وجود هذا المقام وبقائه من زمن بعيد إلى الآن جاء من شدّة اعتناء الشيعة به وبالخصوص من قِبل علمائهم ورواتهم المحدّثين، فبعض أولئك رافق الإمام الصادق عليه السلام عند زيارته لأرض النجف أو أثناء نزوله فيها، فحفظوا منه إشارته إلى عدّة مواضع صلّى فيها الإمام وذلك لقدسيتها، ومن تلك المواضع المقدسة هذا المقام الذي هو موضع منبر القائم عليه السلام إذا ظهر، ولاشتهار هذه المواضع التي أشار إليها الإمام الصادق عليه السلام كقبر أمير المؤمنين عليه السلام وموضع رأس الحسين عليه السلام، ولكثرة من صحبه من هؤلاء المحدّثين إلى النجف، ولقرب مدينة الكوفة العلوية والمخصوصة بالتشيع، إضافة إلى صلاة الإمام في تلك المواضع لا يمكن أن يضيع علينا ذكر مثل هذا الموضع مع أنها وصلت إلينا بالتلقّي المتسالم عليه يداً عن يد إلى أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، وممّا يصحّح نسبة هذا المقام إلى الإمامين الصادق والمهدي عليهما السلام عدّة أمور رغبت أن اُثبتها للتعرّف عليها عن كثب، فما نثبته من صحة انتساب المقام للإمام الصادق عليه السلام هو بعينه يشمل الإمام المهدي عليه السلام، وذلك لوحدة المكان المشتهر بنسبته إليهما، فمما يصحح نسبته للإمام الصادق عليه السلام هو: ١ _ إشتهار هذا الموضع باشتهار الموضعين الآخرين اللذين أشار لهما الإمام الصادق عليه السلام وهما موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام وموضع رأس الحسين عليه السلام في مسجد الحنانة في النجف الأشرف، فلا يحتمل ضياعه باشتهار البقية. ٢ _ ما ذكرهُ الشيخ كاظم الحلفي في كتابه (أضواء على تأريخ النجف)، حيث قال: وفي عام (١٣٧ هـ) جاء الإمام الصادق عليه السلام إلى الحيرة، حيث طلبهُ المنصور، فسكن النجف في وادي السلام، (وقال بهامش كتابه هذا: ولا يزال الموضع الذي سكنهُ معلوماً حتّى الآن يُزار ويتبرك به) وطلب من الشيعة الهجرة إلى جوار مشهد جده أمير المؤمنين عليه السلام فلم تمضِ إلا سنوات قليلة، حتّى أصبحت حولهُ قرية يُشار إليها بالبنان كما جاء في تأريخ الطبري في حوادث (١٤٤هـ)، كما شاهدها عبد الله بن الحسن ومن معهُ عندما جيء بهم إلى سجن المنصور في الهاشميات عام (١٤٥ هـ)، وقد طلب عبد الله من أهلها نصرته وتخليصه من المنصور كما نص على ذلك الطبري وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين. ٣ _ أننا لا نعرف مقاماً مشهوراً للإمام الصادق عليه السلام في بلدتنا النجف الأشرف غير مقامه هذا سوى مقامه عند جده أمير المؤمنين، وقد هدم أخيراً _ كما أسلفنا _ وذلك لتوسعة الحرم العلوي، ومقامه الثالث في مسجد الحنانة كما ذكرناه آنفاً. ٤ _ عمارة المقام الماثلة الآن، وهي من سنة (١٣٠٨ هـ) _ هذا التاريخ على ما وجدناه مكتوباً على القبة _ إلى عامنا هذا باقية، احتوت هذه العمارة على مقامين، مقام للإمام الصادق عليه السلام وبجواره وبنفس البقعة مقام الإمام المهدي عليه السلام، وبالتأكيد أن طريقة بنائهما على هذا النحو (أعني مقامين في بقعة واحدة) هو إمتداد لشكل العمارة السابقة، وهي عمارة السيد بحر العلوم، وبالتأكيد أن السيد بحر العلوم بنى عمارته للمقام على نحو ما وجدهُ في العمارة السابقة لعمارته، والتي وصفها العلامة المجلسي في بحاره (بأنّ للمقام بيتاً _ ومحراباً _ وصحناً) والتي هي أشبه بالعمارة الحالية، وهكذا وصلت إلينا عمارة المقام بنحو مقامين في بقعة واحدة، يداً عن يد. ٥ _ قول السيد المتتبع الخبير محمّد مهدي القزويني (ت ١٣٠٠ هـ) في كتابه (المزار)، بعد إيراد فضائل الدفن في وادي السلام: (وفيه... قبر هود وصالح ومنبر الصاحب _ موضع منبر القائم _). ٦ _ قول المتتبع الخبير الشيخ محمّد حرز الدين (ت ١٣٦٥هـ) في كتابه (معارف الرجال)، في ترجمة السيد صالح الحلي، ما نصه: (ودفن في النجف الأشرف في وادي السلام في مقام موضع منبر المهدي عجل الله فرجه بالقرب من مقام الصادق عليه السلام). ٧ _ ذكر السيد جعفر بحر العلوم في كتابه (تحفة العالم: ٢٥٦): (وفيه _ أي وادي السلام _ موضع منبر القائم يعبر بمقام المهدي، يتبعه قبر هود وصالح كما هو صريح جملة من الأخبار، وهي مشاهد معروفة تزورها الناس). وقال في (ص ٣١٩)، ما نصه: (موضع منبر القائم: هو موضع في خارج النجف يعرف بمقام المهدي عليه السلام وعليه قبة من الكاشي الأخضر). ٨ _ قول المتتبع الخبير السيد جواد شبر في كتابه (الضرائح والمزارات): (أن موضع منبر القائم في وادي السلام مشهور). ٩ _ قول المتتبع الخبير الشيخ جعفر محبوبة في كتابه (ماضي النجف: ٩٥)، ما نصه: (والذي نعلمه أن في النجف موضع منبر القائم _ وقال بعد إيراد حديث موضع منبر القائم _ فهذا الحديث يزيدنا بياناً بأن لصاحب الأمر عجل الله فرجه مقاماً في النجف، وأما أن الموضع الذي صلّى فيه الإمام هو هذا المقام المعروف الآن، فليس لدينا ما يثبته ويصحّح الاعتماد عليه، سوى أن الإمام العلاّمة الحجة الخبير المتتبع السيد محمّد مهدي بحر العلوم قدس سره شاد في المحل نفسه عمارة فخمة، وأقام عليها قبّة من الجص والحجارة، ولم تزل تلك القبة إلى سنة (١٣١٠ هـ) قائمة، ثمّ ان السيد النبيل محمّد خان هدم تلك البنية وبناها على شكلها الحاضر وبنى القبة بالحجر القاشي الأزرق، ويوجد في المكان نفسه حجر منقوش عليه زيارة الإمام الحجة عجل الله فرجه مؤرّخة سنة (١٢٠٠هـ) وفيه ما نصه: (... حرره الآثم الجاني قاسم بن المرحوم السيد أحمد الفحام الحسيني في ٩ شهر شعبان سنة ١٢٠٠هـ)، ولا شك أن هذه الكتابة مع عمارة العلامة السيد بحر العلوم قدس سره هي من الأمارات القوية التي يصلح للمؤرّخ أن يركن إليها ويعتمد عليها. ١٠ _ ما ذكر في كتاب (الأماكن المقدسة في العالم) حول هذا المقام، ما نصه: (وفي داخل المقام هذا مقام يعرف بمقام الصادق عليه السلام... ومنشأ وجود هذا المقام هو ما روي مأثوراً عن الإمام الصادق عليه السلام، أنه حينما جاء زائراً مرقد جدّه أمير المؤمنين عليه السلام نزل فصلّى... الحديث). ١١ _ أن موضع منبر القائم عليه السلام الذي صلّى فيه الإمام الصادق عليه السلام هو غير مقامه عليه السلام الموجود في مسجد السهلة، ولقد اشتبه هذا الأمر على الشيخ يونس الجبعي العاملي في مزاره، إذ أن الوارد عن الإمام الصادق عليه السلام في مسجد السهلة وإتيانه وفضل الصلاة فيه أنه منزل الإمام عجل الله فرجه وبيت ماله لا موضع منبره، فمما قاله عليه السلام لأبي بصير: (كأني أرى نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله)، قلت: يكون منزله؟ قال: (نعم). دمتم في رعاية الله.

1