١-السؤال خاطئ وينطوي على مغالطة , فالإمام الحسن (صلوات الله وسلامه عليه وعلى ابيه) قد حارب مع اخيه الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه بالإضافة إلى بعض الافاضل مثل محمد بن ابي بكر وعمر بن ام سلمة ومالك الأشتر
لذلك قضية ان الإمام الحسن لم يحارب فهي كذب لأن الإمام الحسن قد حارب عدوه وعدو ابيه وعدو الله ورسوله
في صفين والجمل والنهروان
وإنما كانت الضروف السياسية في ذلك الوقت لا تسمح للإمام الحسن عليه السلام ان يقوم بالحرب على معاوية بسبب الحالة من التمرد التي وصل اليها جيشه
اذ كانت حرباً خاسرة عسكريا وسياسيا بسبب ان كل من خرج إلى فتنة في ذلك الوقت , يجد من يقف معه
مثل فتنة عائشة وفتنة معاوية إذ اصطَفّ مئات الآف من المنافقين لهم وتجيشوا لهم وكانوا على اهبة الاستعداد
للحرب على الله والرسول واهل البيت عليهم السلام كما حصل في حربي صفين والجمل ولم يكونوا مهتمين ابداً
لمسألة انها حرب ضد دينهم وضد الخليفة الشرعي وانهم يسفكون دماء المسلمين
ولأنه منذ رزية الخميس حيث امر النبي صلى الله عليه واله بالدواة والكتف لكتابة الوصية فوقف الصحابة ضد الرسول واتبعوا عمر عند قال النبي يهجر !
وهكذا كان الأمر بالنسبة للإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليهم
قلة الناصر هي التي جعلت الإمام علي صلوات الله وسلامه عليه لا يحارب غاصبي الخلافه و المعتدين على بيت النبوه مثل ابوبكر وعمر وعثمان …
وعندما حصل على من يحارب معه واصبح لديه جيش , تمكن من الحرب على اتباع الجمل وكذلك الحرب على معاوية في صفين…
غير ان الإمام الحسن عليه السلام كان مخيراً بين الخسارة العسكرية للمعركة دون تحقيق اية مكاسب , او فرض شروط
على معاوية تجعل الإمام الحسن عليه السلام يتكلم من موقع القوة , وهذا ما حدث فعلاً اذ ارسل معاوية لعنه الله للإمام الحسن عليه السلام
وطلب ان يضع كل الشروط التي يريدها , ورغم عدم التزام معاوية بالبنود وغدره ونذالته الأموية , إلّا انّ ما حدث من الإمام الحسن عليه السلام
هو نصر استراتيجي بإمتياز لايتخذه الا قائدٌ محنَّكٌ وعالِمٌ بأمور السياسة وكيفية تحويل نقطة الضعف إلى نقطة قوة
٢-قبل الاجابة نذكر مقدمة هي :
نحن نعتقد أن موقف الامام الحسن (عليه السلام), وموقف الامام علي (عليه السلام) واحد, فلا تعارض ولا تنافي بين موقفيهما (عليهما السلام) . بمعنى أنه لما كان موقف الامام الحسن (عليه السلام) هو الصلح مع معاوية كان موقف الامام علي (عليه السلام) ذلك أيضاً اذا لم تتوفر الظروف التي تقدم ذكرها …
وعلى أساس هذه العقيدة يتضح معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (( الحسن إمام ان قاما وان قعدا )) .
وأما الجواب : فقد اجيب عن هذا السؤال بعدة أجوبة :
منها : ان شخصية معاوية تختلف في زمن الامام الحسن عليه السلام فمعاوية لم يكن يشكل خطراً جدياً على الاسلام بمقدار ما كان يشكله في زمن الامام علي عليه السلام لانه خرج في زمانه للحرب و عدم اطاعة الامام و اعلانه عدم المبايعة وغيرها من الاسباب…,
اما في زمن الامام الحسن كان معاوية يدعي انه يحافظ على بعض المظاهر الاسلامية…وهذا التصرف من معاويه يستغل به ضعاف النفوس …
ومنها : ان الامام الحسن (عليه السلام) قام بالثورة ضد معاوية, ولكن خانه أكثر قادته, وباعوا ضمائرهم لمعاوية بإزاء أموال ومناصب . حتى أن بعض المقربين للامام الحسن (عليه السلام), كتب الى معاوية رسائل سرية قال فيها : ان شئت سلمناك الحسن حياً, وان شئت سلمناه ميتاً !
فاضطر (عليه السلام) الى الصلح وترك الحرب لوجود هؤلاء الخونة, وهذا لم يحدث مع الامام علي عليه السلام في جيشه…
ومنها : ان الامام الحسن (عليه السلام) استشار الجموع الملتفة حوله في الظاهر, والمتخاذلة عنه في السر بقوله : (( الا وان معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز ولا نصفة, فان اردتم الموت رددناه عليه, وحاكمناه الى الله عزوجل بظبا السيوف, وان اردتم الحياة قبلناه, واخذنا لكم الرضا ؟ ... المزید ))، فناداه الناس من كل جانب .. البقية, البقية. فساير (عليه السلام) قومه, واختار ما اختاروه من الصلح, فصالح كارهاً كما قبل أبوه (عليه السلام) التحكيم من قبل وهو كاره له .
ومنها : ان إرادة الله تعالى ومشيئته اقتضت ان يصالح الامام الحسن (عليه السلام) معاوية, وان يحارب ويجاهد الامام علي (عليه السلام) على معاويه , ولن يرضى بمصالحته .لان النبي صلى الله ابلغه بمحاربة القاسطين و المارقين …
ويظهر من مراجعة كلمات الامام الحسن (عليه السلام), التي أجاب بها على من اعترض عليه بعد الصلح, أنه (عليه السلام) أراد صلاح الأمة الاسلامية,واليك بعض هذه النصوص :
1- قال له رجل : بايعت معاوية ومعك أربعون الفاً, ولم تأخذ لنفسك وثيقة, وعهداً ظاهراً ؟ فقال له : (اني لو أردت ـ بما فعلت ـ الدنيا, لم يكن معاوية بأصبر مني عند اللقاء, ولا أثبت عند الحرب مني, ولكني أردت صلاحكم) (تاريخ ابن عساكر 2/225).
2- وقال له رجل آخر : يا بن رسول الله, لوددت أن أموت قبل ما رأيت أخرجتنا من العدل الى الجور ...
فقال له الامام : (يا فلان ... اني رأيت هوى معظم الناس في الصلح, وكرهوا الحرب, فلم أحب ان أحملهم على ما يكرهون ..).
3- وقال له ثالث : لم هادنت معاوية, وصالحته, وقد علمت : ان الحق لك دونه, وان معاوية ضال باغ ؟ فأجابه الامام (عليه السلام) : (علة مصالحتي لمعاوية, علة مصالحة رسول الله لبني ضمرة, وبني أشجع, ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية, أولئك كفار بالتنزيل, ومعاوية وأصحابة كفار بالتأويل ..).
4- وقال له رجل : لماذا صالحت ؟ فأجابه (عليه السلام) : (اني خشيت أن يجتث المسلمون على وجه الارض فأردت ان يكون للدين ناع).…