السلام عليكم
كيف نوافق بين الآيات الكريمات:
الأولى تقوول؛ : ((تحسبهم اغنياء من التعفف...))
والثانيه تقول: ((وفي اموالهم حق للسائل والمحروم )
السؤال هو:: الآن لمن نعطي الصدقة للسائل؟ أو للمتعفف الذي لايسأل الناس؟؟
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
إن سبب نزول الاية الاولى كما نقل عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: إن هذه الآية نزلت في أصحاب " الصفة ".
وهم جمع نحو أربعمائة شخص من مسلمي مكة وأطراف المدينة ممن لم يكن لهم مأوى يأوون إليه في المدينة، ولا قريب يؤويهم في منزله، فاتخذوا من مسجد النبي منزلا معلنين استعدادهم للذهاب إلى ميادين الجهاد دائما، ولكن بما أن بقاءهم في المسجد لم يكن ينسجم مع شؤونه فقد أمروا بالانتقال إلى " صفة " دكة عريضة كانت خارج المسجد. ونزلت الآية تحث المسلمين أن يغدقوا مساعداتهم على إخوتهم هؤلاء فأعانوهم .
فمن صفات هؤلاء أنهم لا يصرون في الطلب والسؤال: لا يسألون الناس إلحافا أي أنهم لا يشبهون الفقراء الشحاذين الذين يلحون في الطلب من الناس، فهم يمتنعون عن السؤال فضلا عن الإلحاف، فالإلحاح في السؤال شيمة ذوي الحاجات العاديين، وهؤلاء ليسوا عاديين. وقول القرآن إنهم لا يلحفون في السؤال لا يعني أنهم يسألون بدون إلحاف، بل يعني أنهم ليسوا من الفقراء العاديين حتى يسألوا، ولذلك لا تتعارض هذه الفقرة من الآية مع قوله تعالى: تعرفهم بسيماهم لأنهم لا يعرفون بالسؤال.
وثمة احتمال آخر في تفسير الآية، وهو أنهم إذا اضطرتهم الحالة إلى إظهار عوزهم فإنهم لا يلحفون في السؤال أبدا، بل يكشفون عن حاجتهم بأسلوب مؤدب أمام إخوانهم المسلمين.
وأما الاية الثانية فهناك روايات عن أهل البيت (عليهم السلام) تومد أيضا أن المراد من " حق معلوم " شئ غير الزكاة الواجبة. إذ نقرأ حديثا عن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول :
" لكن الله عز وجل فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة فقال عز وجل والذين في أموالهم حق معلوم للسائل، فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شئ يفرضه الرجل على نفسه في ماله ... المزید إن شاء في كل يوم وإن شاء في كل جمعة وإن شاء في كل شهر ".
وهكذا فإن تفسير الآية واضح بين.
وهناك كلام في الفرق بين " السائل " و " المحروم "، فقال بعضهم " السائل " هو من يطلب العون من الناس، أما " المحروم " فمن يحافظ على ماء وجهه ويبذل قصارى جهده ليعيش دون أن يمد يده إلى أحد، أو يطلب العون من أحد، بل يصبر نفسه.
وهذا هو ما يعبر عنه بالمحارف، لأنه قيل في كتب اللغة في معنى " المحارف " بأنه الشخص الذي لا ينال شيئا مهما سعى وجد فكأن سبل الحياة مغلقة بوجهه!
وعلى كل حال، فهذا التعبير يشير إلى هذه الحقيقة وهي لا تنتظروا أن يأتيكم المحتاجون ويمدوا أيديهم إليكم، بل عليكم أن تبحثوا عنهم وتجدوا الأفراد المحرومين الذين يعبر عنهم القرآن بأنهم يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف
لتساعدوهم وتحفظوا ماء أوجههم، وهذا دستور مهم لحفظ حيثية المسلمين المحرومين وينبغي الاهتمام به.
والحاصل يجوز اعطاء الصدقة للسائل وكذلك المتعفف مع مراعاة ظروفهم وكيفية اعطاء الصدقة لهم . والأفضل إعطاء الصدقة للأكثر حاجة ، أو صاحب العيال إن أمكن معرفة مدى حاجته ، ومن تعفف وهو محتاج أولى بالعطاء ممن يسأل ، لأن السائل يجد من يعطيه ، أما المتعفف فقد لا يجد من يعطيه .