لماذا صالح الإمام الحسن (عليه السلام) وثار الامام الحسين (عليه السلام) ؟
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أولا : لقد ذكرتم سبعة مصادر للرواية ، في السادس والسابع دون ذكرسلسلة الإسناد ومع ذلك فالعبارة وردت في ثلاثة مصادر( الأول والثالث والخامس)،وإذا أضفنا ما أشرتم إليه في المصدر الثالث مما ورد في بحار الأنوار: 402 : 77 نقلا عن منتخب البصائر، تصبح العبارة مذكورة أربع مرات. هذه واحدة . ثانيا : لا زلتم لم تبينوا لي موقفكم بصراحة ووضوح من رواية ابن بابويه القمي( الملقب عندكم بالصدوق الأول) ، يعني هل هي رواية صحيحة أم ضعيفة . وإن كانت ضعيفة فما هي علتها؟
ثالثا : طريق الروايات في كل المصادر التي ذكرتم مع الإسناد واحدة مدارها على : أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيده وزرارة عن أبي جعفر.
فما سبب اختفاء عبارة "لما صنع الحسن ما صنع مع معاوية" من المصادر التي اختفت منها ؟
أما ما ذكرتموه عما جاء في الإمامة والتبصرة ، فالغياب أوالتغييب ـ لغاية في نفس صاحبها ـ لفاعل الفعل (صنع) في العبارة واضح جدا،والسوال المطروح : من هوالذي صنع ما صنع مع معاوية ؟ هل يمكن أن يفهم من العبارة الواردة أن الفاعل هو الله تعالى اسمه ؟ طبعا لا، لأنه لا فائدة حينئذ من تكراراسم الجلالة"الله" المنسوب له البداء في هذه الرواية( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) بسبب صنيع من صنع مع معاوية ما صنع . مع ملاحظة أن العبارة أصلا ركيكة لأن ورود اسم الجلالة "الله" في البداية اسما لـ (إن) كان يستوجب عدم تكراره وكان الأجدروالصحيح هو أن يقال :( بَدا لَهُ) تفاديا للتكرار المخل بالمبنى.
رابعا: قولكم :(والكافي مقدم على الإمامة والتبصرة عصراً ودقة واعتباراً)
أما عصرا: فكيف يكون ذلك وقد تعاصر كل من الكليني و ابن بابوبه القمي ( الأول توفي في328 هـ والثاني في 329هـ) .
وأما دقة واعتبارا: فهذا طعن صريح في روايات (الإمامة والتبصرة)عموما وفي الرواية التي نحن إزائها . فهل من بيان للعلة ؟
خامسا : وأما تعليلكم لانحصار "الإمامة" في نسل الحسين رضي الله عنه فينقضه سبق الحسن رضي الله عنه بتوليها بعد استشهاد أبيه رضي الله عنه ـ مع علم الله السابق بما سيحصل للحسين ـ وقد قلتم بصريح العبارة:(علة حصول الإمامة في نسل الحسين (ع) هو ما كتبه الله عليه من قتل ورضى رسول الله ( ص ) وعلي وفاطمة (ع) والحسن (ع) وتسليمهم به)
وقولكم أيضا:(كانت أثراً تكوينياً لفعل الحسين (ع) ولذا جازاه الله بأن جعل الواثة لعقبه) ، فكان أولى بناء على هذا التعليل أن يتولاها الحسين لأن ما كُتب عليه وما ذكرتم سيبين استحقاقه لها بسبب ذلك وإلا فإن انتقالها بالوراثة من الأب إلى الابن يستلزم انتقالها إلى ذرية الحسن .
وأما إن كان القيام بالثورة على السلطان الجائر سببا شرعيا لاستحقاق الإمامة فما الذي منع أن يكون الإمام زيد بن علي (زين العابدين) إماما للإمامية أو حتى محمد النفس الزكية الثائر على أبي جعفر المنصور ؟
فالظاهر أن الحسن ـ استنتاجا من تعليلكم ـ لم يكن محل ذلك الرضى فعوقب عقبه بحرمانه من "الإمامة " وهذا ما يتفق مع ماء جاء في رواية نسبة البداء لله تعالى بسبب إيثار الحسن للصلح مع معاوية وحقن دماء المسلمين . والسلام عليكم
الاخ عمار المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1- لم ترد العبارة المعنية وهي ( أن الله تبارك وتعالى لما صنع الحسن مع معاوية ما صنع ابى أن يجعل الإمامة والوصية الا في عقب الحسين (ع) ) في أي مورد من الموارد وأنما نقلها المحقق في هامش كتاب (الإمامة والتبصرة) عن كتاب مختصر بصائر الدرجات .
وقد نقلنا لك أصل العبارة من طبعتي مختصر البصائر القديمة والمحققة وفيها ( الحسين ) بل ( الحسن ) .
نعم ورد مثل العبارة المعنية وفيها ( الحسن ) في (البحار) نقلاً عن (منتخب البصائر) ( أن الله تبارك وتعالى لما صنع الحسن مع المعاوية ابى أن يجعل الوصية ... المزیدالخ) ( البحار 77 : 402 ). ومن الواضح أن (البحار) ليس المصدر الأصلى، وأن ما جاء فيه من لفظة ( الحسن ) تصحيف عن لفظة ( الحسين ) مع ما في العبارة من إرباك وإختلال لأن مفعول الفعل صنع محذوف ولم يذكر , فلم يبن ماذا صنع الحسن مع معاوية، ومثل هكذا عبارة مختلة مصحفة لا يمكن الأخذ بها وليس من الصحيح أعتبارها مقابل الأصل المنقول منه، فكيف تدخل ما جاء في (البحار) في المصادر ؟ هذا بخصوص ما ذكرته من المصدر الثالث وما منقول عن (البحار) .
وأما ما ذكرته من المصدر الأول وهو ما منقول عن (الإمامة والتبصرة) فإنه لم يرد فيه لفظة ( الحسن ) وإنما جاءت العبارة هكذا ( أن الله تعالى لما صنع مع معاوية ما صنع بدا لله فآلى أن لا يجعل الوصية والإمامة إلا في عقب الحسين ( ع ) )، فاعتبارها من مصادر العبارة تحميل على الفرض ومصادرة على المطلوب، ولماذا لا يكون الحذف الذي فرضته لفظة ( الحسين ) كما جاء في المصادر الأقدم ؟
نعم جاء في معنى العبارة المعنية ما نقل عن كتاب (دلائل الإمامة): ( أن الله لما صنع الحسن مع معاوية ما صنع جعل الوصية والإمامة في عقب الحسين ( ع ) ) ( دلائل الإمامة : 207 ) وهذا هو المصدر الذي ذكرناه وقلنا أنه متأخر في القرن الخامس .
فأين هو قولك ( تصبح العبارة مذكورة أربع مرات ) ؟!! أو هو دفعاً بالصدور؟!
2- اننا لم نتكلم في هذا المورد من باب التصحيح والتضعيف لأسانيد الروايات فإن الموضع ليس من موارده لما هو واضح عندك من أن الرواية واحدة عند الكل فلا اختلاف للسند بين المصادر .
وإنما انتهجنا هنا منهج المحققين في تقويم وتصحيح النص أي متن الرواية بين مختلف النسخ وهو المنهج المتبع في هكذا مورد، وقد اشتبه عليك الحال فذهبت إلى السؤال عن الصحة والضعف وما هي علة الضعف , فسواء كان السند صحيحاً أو ضعيفاً فلا كلام فيه وإنما الكلام في ما هو المتن الصحيح لهذا السند في هذه الرواية ؟! وقد بينا لك أن علّة متن رواية (الإمامة والتبصرة) هو التصحيف أو غلط الراوي .
ومنه يظهر لك أن لا موضع للإشكال بأن الرواية في المصدر السادس والسابع كانت مرسلة من دون إسناد لأن النظر إليها كان من جهة اعتبارها نسخاً لا من جهة اعتبارها طرقاً آخرى للرواية . فلاحظ .
ومن هنا ترى تركيزنا على القدم والضبط والإعتبار للكتب والمصادر . فـ(بصائر الدرجات) للصفار و(مختصر البصائر) لسعد بن عبدالله أقدم من كتاب (دلائل الإمامة) ومن كتاب (الإمامة والتبصرة) قطعاً .
نعم، الحق معك في أن الكليني والصدوق الأوّل متعاصران وقد شط بنا القلم لألفة أذهاننا باسم الصدوق البن المشهور فلك المعذرة في ذلك , ولكن تبقى الدقة والاعتبار لكتاب (الكافي) مقدمة على كتاب (الإمامة والتبصرة) على حالها، وقد بين علمائنا ذلك بأمور منها شدة اعتناء الكليني بضبط (الكافي) بالخصوص وشدة عتناء علماء الطائفة بنسخه وضبطها ثم كثرة نسخه لذلك يبقى مقدماً على غيره دقة واعتباراً والتفصيل في محله .
3- ان دعوى إخفاء عبارة ( لما صنع الحسن ما صنع مع معاوية )، أو بعبارة آخرى حذفها من المصادر أو من قبل الرواة أول الكلام ؟ فمن أين لك أنها كانت في متن الرواية ثم حذفت , ولماذا لا تكون من كلام الراوي أو في هامش النسخ من قبل النساخ أو شرحاً من قبل المؤلف ثم أدخلها النساخ في المتن؟ هذا إذا لم يكن هناك تصحيف ( للحسن ) بدل ( الحسين ) .
وأما قولك: أن فاعل صنع حذف من العبارة، فهو لما قررته قفزاً على المطلوب من أن العبارة تحوي لفظة الحسن , وإلا فان المعنى فيها واضح من أن الله تعالى لما صنع مع معاوية ما صنع أي أهلكه بعد أن حارب علي عليه السلام وأستولى على الامارة بالصلح مع الحسن عليه السلام ثم طلبه البيعة ليزيد ورفض الحسين عليه السلام ذلك . ومعنى بدا لله أي أظهر الله للناس كما هو معنى البداء عند الشيعة لا كما تنسبه أنت إليهم بأن معناه ظهر لله بعد الجهل – نعوذ بالله – ولك أن تراجع معناه في مضانه على صفحتنا .
نعم في قوله: ( بدا لله فآلى أن لا يجعل ...) نوع أرباك واختلال فلا مكان لـ( آلى ) هنا إذ الظاهر أنه أما يكتفى ( بدا ) أو ( فآلى ) كما في المصادر الأخرى، ولذا رجحنا وجود التصحيف في عبارة (الإمامة والتبصرة) .
وأما معنى العبارة لو كان فيها ( الحسين ) بدل ( الحسن ) كما هو في نص (مختصر البصائر) فانه يكون : ان الله تعالى لما صنع الحسين عليه السلام مع معاوية ما صنع من رفضه بيعة ولاية العهد ليزيد وما أنجر إليه ذلك من استشهاد الحسين عليه السلام جعل الإمامة والوصاية في نسله وهو موافق للمستفيض من رواياتنا .
4- الظاهر أنك لم تفهم التعليل الوارد في رواياتنا أو لم تراجع هذه الروايات! فان متعلق التعليل هم أبناء الحسين عليه السلام لا الحسين عليه السلام نفسه ولا الحسن عليه السلام فانهما إمامان لكونهما من أهل الكساء كما ورد ذلك في الروايات أيضاً .
ونحن لم نقل أن القيام بالسيف سبباً شرعياً لتولى الإمامة، وانما قلنا أن الروايات تذكر أن استشهاد الحسين عليه السلام كان سبباً تكوينياً في علم الله لجعل الإمامة في أبناءه لا أبناء الحسن عليه السلام فلا تخلط بين الأمور.
وأما لماذا كانت الإمامة في زين العابدين عليه السلام ولم تكن في أخيه زيد الشهيد وهما من أولاد الحسين عليه السلام، فله علة أخرى وهي الإصطفاء الظاهر من النص عليه . فلاحظ
وقد بينا لك أنه لا أثر لفعل الحسن عليه السلام هنا، بل الأثر لفعل الحسين عليه السلام، فلا معنى لما تذكره من عقوبه للحسن عليه السلام .
ودمتم في رعاية الله