logo-img
السیاسات و الشروط
Ibrahim Almusawi ( 62 سنة ) - العراق
منذ سنة

بنيامين ويوسف ابناء يعقوب عليه السلام

حينما اتهم بنيامين ابن نبي الله يعقوب عليه السلام بأنه سرق صواع الملك بتدبير النبي يوسف عليه السلام او بفكرة احد حاشيته وقبوله بها....الا يعتبر ذلك غش او تحايل او خداع قد لايرضي الله كون الموضوع كذب وتلفيق حتى وإن كان الهدف نبيل يتمثل بإعادة أخيه بنيامين له؟ ماهو تبرير ذلك من وجهة نظركم..وشكرا


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في قصة يوسف عدة بحوث وتسألات نجيب عليها بمايلي: ‏١- لماذا لم يعترف يوسف بالحقيقة ‏لماذا لم يعترف يوسف بالحقيقة لإخوته لينهي- و في اسرع وقت ممكن- مأساة أبيه و ينجيه من العذاب الذي كان يعيشه؟ ‏الجواب علی هذا السؤال: هو ما مرّ علينا خلال البحث، من انّ الهدف كان امتحان يعقوب و أولاده و اختبار مدی تحمّلهم و صبرهم علی الشدائد و المصائب، و بتعبير آخر: لم تكن هذه الخطّة امرا عفويا دون تفكير، و انّما نفذت طبقا لاوامر اللّه سبحانه و تعالی و ارادته في اختبار يعقوب و مدی صبره علی مصيبة فقد ثاني اعزّ أولاده، لكي تكمل سلسلة الامتحانات و يفوز بالدرجات العالية التي يستحقّها، كما كانت الخطّة اختبارا لأخوة يوسف في مدی تحمّلهم للمسؤولية و قدرتهم علی حفظ العهد و مراعاة الامانة التي قطعوها مع أبيهم. ‏٢- لماذا اتّهم يوسف أخاه‌ ‏؟ هل يجوز شرعا ان يتّهم الإنسان بريئا لم يرتكب ذنبا، و لم تقتصر آثار هذه‌ التّهمة علی البري‌ء وحده، بل تشمل الآخرين من قريب او بعيد؟ كما هو الحال في يوسف حيث شمل اتّهامه الاخوة و سبب لهم مشاكل عديدة. ‏يمكن معرفة الجواب بعد وقوفنا علی انّ توجيه هذه التّهمة لبنيامين كان باتّفاق مسبق بينه و بين يوسف، و كان عارفا بأنّ هدف الخطّة و توجيه التهمة اليه لأجل بقائه عند يوسف، امّا بالنسبة للآثار السلبية المترتّبة علی الاخوة فإنّ اتّهام بنيامين بالسرقة لم يكن في الواقع اتّهاما مباشرا لإخوته و إنّ سبب لهم بعض التشويش و القلق و لا مانع من ذلك بالنظر الی امتحان مهم. ‏٣- لماذا اتّهام الجميع بالسرقة ‏؟ مرّ علينا في الآية الشريفة قوله تعالی: إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ‌ و هذه في الواقع تهمة موجّهة الی الجميع و هي تهمة كاذبة، فما المسوغ و المجوّز الشرعي لمثل هذا الاتّهام الباطل؟ ‏يمكن الاجابة علی هذا السؤال في عدّة نقاط و هي: ‏اوّلا: انّ قائل هذه الجملة غير معلوم، حيث ورد في القرآن انّه (قالوا ... المزید) و لعلّ القائلين هم بعض الموظفين من عمّال يوسف و المسؤولين عن حماية خزائن الحبوب، فهم حينما افتقدوا صواع الملك، اطمأنّوا بأنّ السارق هو احد افراد القافلة القادمة من كنعان، فوجّهوا الخطاب إليهم جميعا، و هذا من الأمور الطبيعيّة، فحينما يقوم شخص مجهول في ضمن مجموعة معيّنة بعمل ما، فإنّ الخطاب يوجّه إليهم جميعا و يقال لهم: إنّكم فعلتم هذا العمل، و المقصود إنّ احد هذا المجموعة او بعضها قد فعل كذا. ‏ثانيا: الطرف الذي وجّهت اليه التّهمة و هو بنيامين، كان موافقا علی توجيه هذه التهمة له، لانّ التهمة كانت مقدّمة للخطّة المرسومة و التي كانت تنتهي ببقائه عند أخيه يوسف، و امّا شمول الاتّهام لجميع الاخوة و دخولهم جميعا في دائرة الظنّ بالسرقة، فإنّ كلّ ذلك كان اتّهاما مؤقتا حيث زالت بمجرّد التفتيش و العثور علی الصواع و ظهر المذنب الواقعي. ‏قال بعض المفسّرين: انّه قصد بالسرقة- فيما نسبوه الی اخوة يوسف- هو ما اقترفوه سابقا من سرقة الاخوة يوسف من أبيه، لكن هذا التوجيه يتمّ إذا كانت التهمة قد وجهت إليهم من قبل يوسف، لانّه كان عالما بالذنب الذي ارتكبوه، و لعلّ ما ورد في ذيل الآية الشريفة يدلّ علی ذلك، حيث قال العمّال انّنا: نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ‌ و مثل هذا الخطاب لا يتضمّن توجيه السرقة إليهم، (و لكن الجواب الاوّل أصح ظاهرا).

1