logo-img
السیاسات و الشروط
نادر صادقي - باكستان
منذ 5 سنوات

حقيقة وجود الامام ع

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: ( يا علي هلك فيك اثنان: مُحبٌّ غالٍ وعدوٌّ قال ). لقد تواترت أخبار مستفيضة بأن الأنبياء ( عليهم السلام ) كانوا يستغيثون إلى الله سبحانه وتعالى بأسماء الخمسة أصحاب الكساء، وعند إشراف الضيق والبلاء، وأن الخمسة أصحاب الكساء كانوا أنواراً يسبحون حول العرش. إن بعض الفضلاء يدعون بأن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان له وجود حقيقي روحاً وجسداً في عالم الدنيا منذ زمن آدم (عليه السلام)، وأنه كانت له مواقف عديدة أعان وأغاث فيها الأنبياء (عليهم السلام)، فهو عصى موسى (عليه السلام) التي تحولت إلى ثعبان، وهو محضر عرش بلقيس إلى سليمان (عليه السلام)، وهو الذي أعاذ يوسف (عليه السلام) في الجب، ويونس (عليه السلام) في بطن الحوت. كل ذلك العمل حقيقي بروحه وجسده، وهم يستدلون بذلك عن طريق بعض الروايات منها: أ - وردت في كتاب ( مواهب الرحمن في مناقب سلمان ) رواية تدل على أن الإمام أنقذ سلمان (رضوان الله تعالى عليه) في زمان غابر من الأسد، وأنه تصارع مع سلمان (رضوان الله تعالى عليه) فصرعه. ب - ورد في كتاب ( علي من المهد إلى اللحد ) تأليف السيد محمد كاظم القزويني أن الإمام (عليه السلام) عند ولادته كان يقرأ ( سورة المؤمنون )، إلى غير هذه الروايات. فإذا أمكن للإمام (عليه السلام) أن يقرأ القرآن قبل نزوله فإنه لا خلاف في إمكان وجوده في الدنيا قبل مولده، هذا ما يستدل به القوم. ولكن هذا يستلزم تقدم المعلول على علته، أي الوجود الحقيقي قبل ولادته، ومن المعلوم بالضرورة أنه لو كان للإمام (عليه السلام) تأثير روحاً وجسداً في عالم الوجود وهو لم يولد بعد وجب أن يكون الله سبحانه وتعالى قد أفاض عليه الوجود كما مقرر في الفلسفة أن وجود العلة يوجب تحقيق المعلول ولا يمكن تقديم المعلول على العلة. ولو كان موجود فما الداعي لولادته وطفولته ونشأته كما هو معلوم؟ السؤال هنا: هل يمكن تصور وجود حقيقي روحاً وجسداً للإمام (عليه السلام)؟ وتأثير في عالم الدنيا منذ عهد آدم إلى عهد النبي محمد (صلى الله عليه وآله)؟ أرجو أن تتفضل سماحتكم ببحث المسألة فهي عندي في غاية الأهمية، ولكم عند الله الأجر والثواب.


الأخ نادر المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لابد أن نأخذ بنظر الاعتبار أن الوجود الارضي للإنسان الكامل كان هو العلة في استحقاق بني آدم الخلافة في الأرض، وأن هذا الانسان الكامل هو الحقيقة المحمدية المتقدمة رتبة على سائر ما خلق الله تعالى ولذلك فهي واسطة الفيض بين الله تعالى وخلقه، وقد عُبّر عن هذه الحقيقة في الحديث المأثور عن أهل البيت عليهم السلام بـ(نور الأنوار)، أي بأصل النور الذي يرمز إلى الموجود الأول الفائض عن عالم المشيئة ... المزید ولا شك أن ظهور آدم الأخير عليه السلام الذي هو الأب لهذه السلالة من البشر (بناءا على أن آدم كان مسبوقا بألف آدم أو الف ألف أدم كما في بعض الاخبار) كان لأجل عمارة الارض بعبادة الله الواحد سبحانه في ضوء شرائع سماوية تترى من جيل إلى جيل، أي اصبح الانسان مؤتمنا على تنفيذ الأوامر الالهية التي رسمها الله عزوجل للبشر لينالوا بها السعادة في الدنيا والآخرة. فإذا تقرر لدينا وجود هذه الحقيقة ووساطتها وكونها نورا أولاً بقي أن نفهم بأن الله تعالى قد جعل ذلك النور مؤتلفا في رتبة تالية لها مباشرة من اربعة عشر نورا وهي أنوار أهل البيت المعصومين عليهم السلام، وأن هذه الانوار الاربعة عشر قد سبقت جميع الكائنات وجودا ورتبة، وان كل خير ونعمة يصل إلى سائر العوالم إنما هو بتوسط هذه الحقيقة النورية، وأن لها تنزلات في كل عالم من العوالم الامكانية والكونية، وبما أن مهمة الانبياء منذ أبينا آدم عليه السلام كانت تهدف إلى بلوغ الدين الإلهي الكامل وهو الاسلام، وأن الاديان السماوية قد روعي فيها أن تظهر في مراحل متعاقبة حتى ينتهي الامر إلى ظهور الاسلام، وبما أن الاديان السابقة التي هي بالقياس إلى الاسلام ليست كاملة غايتها هي الوصول إلى هذا الدين الكامل في آخر المطاف وجب في الحكمة أن ينتدب شخص يتصف بصفات خاصة ليكون مع الانبياء ويسددهم ونصرهم على من يحاولون اطفاء نور الله وابطال شرائعه، وكان هذا الشخص هو الرجل الثاني بعد سيد الانبياء وخاتمهم وهو وصيه العالم بكل شيء وهو أيضا مظهرا كاملاً للحقيقة المحمدية بعد محمد صلى الله عليه وآله، وبما أن وجوده الارضي لا يتحقق إلا بعد ظهور النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وذلك في مرحلة تالية من تاريخ البشرية، أنيطت بهذا الشخص مهمة الكون مع الانبياء عليهم السلام في مواقف يفتقرون فيها إلى النصرة والتأييد بهيئات متعددة، وأما صورته النهائية التي ظهر بها في عالم البشرية جسدا وروحا فكانت هي علي بن أبي طالب عليه السلام، فواقع كونه وصي النبي محمد خاتم الانبياء ووارثا لعلمه ومنطلقا لسلالة الأئمة المعصومين الذين خاتمهم هو الإمام المهدي عليه السلام اقتضى الأمر أن يتبوأ هذه المكانة وأن ينسب إليه هذا الدور العظيم في الكون النوري السابق مع الانبياء عليهم السلام، هذا علاوة على ما تقدم من كونه عليه السلام الفرع الأسمى لذلك النور المحمدي المسمى بالحقيقة المحمدية. فما تفضلتم به ليس هو من قبيل تقدم المعلول على علته، لأننا لا نزعم أن أمير المؤمنين عليه السلام كان موجودا بوجوده الارضي قبل وجوده حتى يلزم الإشكال الباطل وهو تقدم الشيء على نفسه الذي عبرتم عنه خطأً بتقدم المعلول على علته، بل هو من قبيل تقدم الوجود النوري أو الروحاني على الوجود الارضي والجسدي رتبة وشرفا، ومصاحبة ذلك النور (بمظاهر متعددة) للأنبياء عليهم السلام في سبيل اتمام المهام المكلفين بها من قبل الله عزوجل في سير البشرية نحو تكاملها الأخير بظهور الاسلام. والسبب في ذلك هو وساطة هذا النور للفيض مطلقا، وارتباطه بالغاية النهائية لإرسال الرسل وبعث الانبياء عليهم السلام وهي: ظهور الإسلام ونبيه العظيم صلى الله عليه وآله الذي هو الأنموذج الأمثل للإنسان الكامل. ودمتم في رعاية الله

1