أبو الحسن - ايسلندا
منذ 4 سنوات

حول الخلافة و البيعة بعد الرسول ص

السلام التام من الله عليكم ورحمته وبركاته.. جاء في شرح ابن أبي الحديد المعتزلي على نهج البلاغة في عنوان: مرض رسول الله(صلّى الله عليه وآله) وأمره أسامة بن زيد على الجيش: إنّ العبّاس عمّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله)، قال لعليّ(عليه السلام) وهما في الدار: (أمدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عمّ رسول الله بايع ابن عمّ رسول الله، فلا يختلف عليك اثنان. فقال له: أو يطمع يا عمّ فيها طامع غيري؟ قال: ستعلم، فلم يلبثا أن جاءتهما الأخبار بأنّ الأنصار أقعدت سعداً لتبايعه، وأنّ عمر جاء بأبي بكر فبايعه وسبق الأنصار بالبيعة، فندم عليّ(عليه السلام) على تفريطه في أمر البيعة وتقاعده عنها، وأنشده العبّاس قول دريد: أمرتهم أمري بمنعرج اللوى*** فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد). وهذا الكلام اعتقد لا يرضى به من يعرف أحقيّة أمير المؤمنين(عليه السلام)، وأنّه يطمع، وأنّة يندم. ما تعليقكم الشريف على هذا القول ادامكم الله.


الأخ أبا الحسن المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ورد صدر كلام العبّاس بن عبد المطّلب في كتبنا الإمامية، وقد ادّعى المعتزلة بصدر الكلام، أنّ في هذا دليلاً على أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله) لم ينصّ على أمير المؤمنين(عليه السلام) بالخلافة، ولو نصّ لم يدع العبّاس إلى البيعة، لأنّ المنصوص عليه لا يفتقر إلى البيعة، فلما دعى العبّاس إلى البيعة، فقد ثبت أنّ الخلافة تنعقد بالاختيار، ولم يكن نصّاً. وقد أجيب عليه: أنّه إن كان دعاء العبّاس أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى البيعة يدلّ على بطلان النص وثبوت الخلافة من حيث الاختيار، فيجب أن يكون دعاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله) الأنصار إلى البيعة في ليلة العقبة، ودعائه(صلّى الله عليه وآله) المسلمين تحت شجرة الرضوان دليلاً على أنّ نبوّته(صلّى الله عليه وآله) إنّما تثبت له من جهة الاختيار! وهذا باطل قطعاً، لأنّ بيعة الناس لرسول الله(صلّى الله عليه وآله) لم تكن لإثبات نبوّته، بل كانت للعهد في نصرته بعد معرفة صدقه وحقّه، وكذلك كان دعاء العبّاس أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى بسط اليد للبيعة كان بعد ثبوت إمامته وخلافته بالنص لتجديد العهد في نصرته، وهذه البيعة سوف ترهب الأعداء وتحذر من الاختلاف. وأمّا ذيل الكلام وجواب الإمام(عليه السلام) في أمر الخلافة، والطمع والندم الذي ذكره المعتزلي، فقد تفرّد به ولم ينقله أحد بهذه الصيغة التي جاء بها ابن أبي الحديد، بل قد ذكر الشيخ المفيد بأنّ الإمام عليّاً(عليه السلام) قد أجاب على كلام عمّه العبّاس هكذا: (يا عمّ! إنّ لي برسول الله(صلّى الله عليه وآله) أعظم شغل عن ذلك)، (ولو كانت الخلافة والإمامة مطمع نظره (عليه السلام) لترك جنازة الرسول(صلّى الله عليه وآله) والتحق بالسقيفة وتشاجر مع الذين طمعوا في الامارة والخلافة). وقال الشيخ المفيد: إنّ الإمام عليّاً(عليه السلام) قد ألح على العبّاس في هذا الباب، وقال: (يا عمّ! إنّ رسول الله أوصى إليَّ وأوصاني أن لا أجرد سيفاً بعده حتى يأتني الناس طوعاً...). وبوجه آخر: إنّ القوم لمّا أنكروا النصّ وأظهروا أنّ الخلافة والامارة تثبت لهم من طريق الاختيار، أراد العبّاس أن يكيدهم من حيث ذهبوا إليه، ويبطل أمرهم بنفس ما جعلوه طريقا لهم إلى الظلم وجحد النص، ولكن كره الإمام عليّ(عليه السلام) أن يتوصل إلى حقّه بهذا الطريق، وقد تقدّمت الوصية له من النبيّ(صلّى الله عليه وآله) بالكفّ عن الحرب والاختلاف مع القوم والقيام بالسيف ضدّهم، مخافة بطلان الدين ودرس الإسلام. إذاً فأمير المؤمنين(عليه السلام) حاشاه أن يندم في تقاعده عن القيام بالإجابة على دعاء العبّاس إلى البيعة، وحاشاه أن يطمع في الذي لم يكن من حقّه، بل هذه الإمارة والخلافة الظاهرية والمعنوية كانت حقّه، ولكن لا يعبر عن إبراز حقّه بأنّه طامع فيه، بل الطمع يستعمل في من لم يكن حقّه وأراد أن يستحصل ويجر إلى نفسه. ودمتم في رعاية الله