سيف اركان اللامي ( 28 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تغاير ألوان البشر

لماذا تتغاير ألوان البشر بين الآبيض والاسود وماكان لون بشرة النبي آدم عليه السلام؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد ذكر القرآن الكريم في آيات بينات ان الله سبحانه خلق آدم من الطين, والخلق يعني الابتداع والمباشرة في تكوين الشيء, وهذه الآيات كثيرة متكاثرة صرح بها القرآن في مواضع مختلفة من السور وفي بعضها ما يشير إلى هذه المباشرة والعناية كقوله تعالى (( لِمَا خَلَقتُ بِيَدَيَّ أَستَكبَرتَ أَم كُنتَ مِنَ العَالِينَ )) (ص:75).. وأيضاً جاء في الموروث النبوي - سنة وشيعة - وأيضاً في الموروث الإمامي عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ما يدل على مباشرة خلق آدم (عليه السلام) من الطين مباشرة ومن دون واسطة أو تطوّر. قال الإمام علي (عليه السلام) في (نهج البلاغة) 1/20 عند كلامه عن صفة خلق آدم (عليه السلام): (ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها, وعذبها وسبخها, تربة سنها بالماء حتى خلصت, ولا طها بالبلة حتى لزبت, فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول واعضاء وفصول . أجمدها حتى استمسكت, واصلدها حتى صلصلت, لوقت معدود, وأمد معلوم, ثم نفخ فيها من روحه فمثلت إنساناً ذا ذهان يجيلها وفكر يتصرف بها, وجوارح يختدمها, وأدوات يقلبها, ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل.. (إلى آخر كلامه عليه السلام)). وجاء في الكافي للكليني 2: 5 بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إن الله عز وجل لما أراد أن يخلق آدم (عليه السلام) بعث جبرئيل (عليه السلام) في أول ساعة من يوم الجمعة, فقبض بيمينه قبضة, بلغت قبضته من السماء السابعة إلى السماء الدنيا, وأخذ من كل سماء تربة وقبض قبضة أخرى من الأرض السابعة العليا إلى الأرض السابعة القصوى فأمر الله عز وجل كلمته فأمسك القبضة الأولى بيمينه والقبضة الأخرى بشماله, ففلق الطين فلقتين, فذرا من الأرض ذرواً ومن السماوات ذرواً فقال للذي بيمنيه: منك الرسل والأنبياء.. (إلى آخر الرواية)). وفي هذا الحديث أن اختلاف ألوان الناس ، وأخلاقهم ، وهو من خلق الله وتقديره ، مناسب للأصل الذي خرجوا منه ، والطينة التي منها خلقوا ؛ فتراب الأرض ، ومناحيها ، ليس كله على لون واحد ؛ بل منه الأحمر والأبيض والأسود .. ، وهكذا جاءت ألوان الناس وأشكالهم المختلفة : ما بين أحمر ، أو أسود ، أو أبيض .. ، وهكذا . وفي طبائع الأرض اختلاف كذلك ؛ فمنها أرض وعرة ، عسيرة المسلك ، ومنها السهل الذي وطئته الأقدام ، ومنها ما بين ذلك ؛ وهكذا كانت أخلاق الناس ؛ فمنهم الهين اللين ، السهل الرفيق ؛ ومنها الصعب ، عسر الأخلاق ، ومنهم ما سوى ذلك . ومن الناس الطيب المؤمن ، ومنهم الخبيث الكافر ؛ وهكذا حال الأرض التي منها خلقوا . وهذا كله من دلائل قدرة الله جل جلاله ، وعظيم سلطانه ؛ وأن الخلق كلهم ، مؤمنهم وكافره ، سهلهم وحزنهم ؛ لا يخرجون عن قبضة الله وقدرته وسلطانه ، بل الكل في ملكه وملكوته ، مسخر بأمره وتقديره ؛ خلقهم على ما شاء من حكمة ، وجعل خلقهم ، واختلافهم آية على قدرته ، ودليل على عظمته ، وأنه القادر الذي يخلق ما يشاء ويختار ، ما كان لأحد من خلقه شيء من الخيرة في خلقه وأمره وسلطانه ؛ بل هو متفرد سبحانه بالخلق كله : ( أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) الأعراف/54 ، وقال تعالى : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) القصص/68 ، وقال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ) الروم/22 . وفي رواية أخرى يذكرها الكليني في الصفحة السابعة من الجزء ذاته عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (( إن الله عز وجل لما أراد أن يخلق آدم (عليه السلام) أرسل الماء على الطين, ثم قبض قبضة فعركها ثم فرقها فرقتين بيده ثم ذرأهم فإذا هم يدبون..)) (الرواية) وهكذا غيرها الكثير من الروايات التي يستفاد منها الخلق بالمباشرة من الطين دون التطور أو أن آدم (عليه السلام) كان نتيجة تحولات إحاثية أو ما شابه ذلك كما يدّعيه المدّعون. ولأجل هذا الموروث القرآني والحديثي والروائي عند المسلمين كان من المسلّمات عندهم أن الخلق كان من الطين مباشرة ولم تلق نظرية دارون أي نظرية التطور عندهم سوى الصدود والاستهجان والإهمال لأنها لا ترتقي إلى مستوى الدليل الذي يناهض ما عليه المسلمون في هذه المسألة من الاستناد إلى القرآن والسنة والتراث الكبير الذي يوضح بشكل لا لبس فيه بدأ الخلق لآدم (عليه السلام) من الطين وبكل تفاصيله. انه لم تستطع نظرية التطور أن تثبت أن اختلاف الأنواع! مثلاً أنواع الطيور كان عن طريق التطور الصرف لا الخلق من قبل الله لكل نوع، وأما اختلاف بعض المواصفات في نفس النوع كاللون والطول والملامح في الإنسان أو ألوان ريش نوع معين من الطيور، فهو يدعم نظرية الخلق لا التطور بعد أن وصل العلم الحديث إلى ما وصل من نظريات تشرح عمل الجينات والتفاعل العضوي الكيمياوي بين جزئيات DNA، وبعد أن أقر العلم الحديث بصعوبة حدوث تغير ولو بسيط على وحدة DNA، وان هذا التغير لو حدث يحتاج إلى عوامل كثيرة وزمن طويل، مما يدحض البساطة المطروحة لنشوء الخلية في نظرية التطور، خاصة اذا لاحظنا العدد الهائل لجزئيات الأحماض الأمينية التي يجب أن تنشأ أو تتغير، بل أثبت العلم الحديث أن الصفات الوراثية تنتقل من جيل إلى جيل، بل إلى أجيال بأمانة! وان هذه الصفات محفوظة في أصل الذي تفرعت منه سلسلة النسب، وأن أصول الصفات المختلفة للون وهيئة الجسم مثلاً كانت محفوظة أيضاً في النسخة الأولى للجينات وان لم تظهر للعيان لعدة أجيال. وبالجملة، فإن هذه الفروقات الظاهرية قد أوضحتها النظريات في علم الوراثة ولا علاقة لها بنظرية التطور.

1